التصنيفات: الصحة الجيدة

المكملات الغذائية بين الحقيقة والخداع

المكملات الغذائية هي مستحضرات هدفها تكملة النظام الغذائي بمواد غذائية مثل الفيتامين والمعادن والألياف والأحماض الدهنية والأحماض الامينية، والتي قد تكون مفقودة في النظام الغذائي للشخص أو قد تكون لا تستهلك بكميات كافية.

أصبح من الصعب معرفة ما إذا كانت عبوات المكملات الغذائية تقدم فائدة حقيقية فعلاً أو أنها مجرد دعاية كاذبة، فقد أصبحت المكملات الغذائية من أكثر الأدوية شعبيةً حول العالم، وحسب الاحصائيات فإن أعداد الأشخاص الذين يستعملون هذه المكملات قد ازداد منذ عام 2008 ، ما يشير إلى أن هذه النسبة سترتفع بشكل مستمر مع الوقت، مما يؤدي بالنتيجة إلى صرف مليارات الدولارات سنوياً على تلك المنتجات (سواء كانت المكملات هي عبارة عن كبسولات، أو حبوب دواء، أو أقراص أو سوائل)، ولكن ما النتائج التي نحصل عليها بالضبط جراء انفاق هذه المليارات؟

إن الغالبية العظمى من الأشخاص يتناولون المكملات لاعتقادهم بأن هذه الفيتامينات والمعادن والأعشاب ستساعدهم على معالجة أعراض النزلات البردية، وستساهم في بناء عضلاتهم، وفي تحسين ذاكرتهم، أي بمعنى آخر ستساعدهم على الحصول على الفائدة الصحية بشكل عام في حياتهم اليومية، ولكن على ما يبدو فإن هذه المكملات لم تحقق الفوائد المرجوة منها للكثير من الأشخاص، وفي بعض الحالات قد يكون الإنسان في صحة أفضل بدونها.

ولذلك اليكم 9 حقائق حول المكملات الغذائية التي لم تكونوا تعلمونها قبل الآن:

1-   الزهرة القنفذية ((Echinacea والنزلات البردية:

لا تعتبر القنفذية من العلاجات الحديثة، فمنذ أكثر من 400 سنة، كان الهنود الحمر يستخدمونها لعلاج الالتهابات وغيرها من الأمور الطبية، وتم تهميش دور هذه الزهرة بعد انتشار استخدام المضادات الحيوية، ولكن شهدت الزهرة القنفذية في الآونة الأخيرة نهضة من نوع آخر، حيث يتم حالياً تناول هذه الزهرة كنوع من المكملات الغذائية لمنع حدوث أعراض النزلات البردية الشائعة أو التقليل من حصولها، كما يتم استعمالها لعلاج التهابات الجهاز التنفسي الأخرى، ولكن في حين أن البعض أقسم على أن القوة الشفائية لهذه الزهرة هي حقيقية تماماً وليست مجرد دعايات كاذبة، وخاصة عندما يتم تناولها عند بداية ظهور الأعراض الأولى للمرض، إلّا أن العلماء لم يتوصلوا بعد للتأكد من صحة هذا الادعاء من عدمه، فعلى ما يبدو أن زهرة القنفذية قد تساعد على التخفيف من الالتهابات عن طريق تقوية الجهاز المناعي، وإذا كان هذا هو الحال فستكون قادرة أيضاً على التخفيف من أعراض البرد، إلّا أنه على ما يبدو أن الأمر لم يحسم بعد.

فبعض الدراسات تشير إلى أنه يمكن لزهرة القنفذية التقليل من مدة نزلات البرد لحوالي 1.4 يوم، وذلك إذا ما تم أخذها قبل أن تشتد أعراض البرد، كما أنها قد تقلل من خطر الاصابة بالزكام بنسبة تصل إلى 58 %، ولكن من جهة ثانية فقد خلصت دراسات أخرى إلى أن الأشخاص الذين تناولوا القنفذية لم يظهروا تحسناً في مدة أو أعراض النزلة البردية أكثر مما أظهره الأشخاص الذين تم إعطاؤهم علاج وهمي.

والجدير بالذكر أنه بالإضافة إلى علاج نزلات البرد، فإن بعض الأشخاص يستخدمون زهرة القنفذية لعلاج مشاكل أخرى، بما في ذلك التيفوئيد، والملاريا، ولكن ليس هناك أي دليل من شأنه أن يشير إلى فائدة هذه الزهرة سريرياً في علاج هذه الأمراض.

  • فيتامين C والنزلات البردية:

غالباً ما يتناول الأشخاص المكملات الغذائية من نوع فيتامين  Cأو ما يعرف أيضاً باسم (حمض الاسكوربيك L) لوجود عرف سائد يفيد بأن تناول هذا الفيتامين بكميات معينة يمكن أن يكون السبيل لمنع الإصابة بنزلات البرد، كما أنه يساعد في القضاء تماماً على الفيروسات المسببة له مع مرور الوقت، ولكن هذا الاعتقاد غير صحيح، فقد بينت العديد من الدراسات أن تناول الفيتامين C لعلاج مشاكل الجهاز التنفسي العلوي، لا يقدم إفادة أكبر من التي يقدمها تناول دواء البلاسيبو (العلاج الوهمي).

 في حين وجدت دراسات أخرى أن تناول الفيتامين (C) يمكن أن يساعد على التغلب على نزلات البرد، فبحسب تلك الدراسات فإن تناول جرعات عالية من فيتامين C – أي أكثر من 200 ملغ يومياً وهو أكثر من ضعف المعدل الموصى به يومياً للبالغين – يمكن أن يساعد على تخفيض مدة نزلات البرد نسبياً، هذا الأمر قد لا يكون فعالاً سوى عند عدد قليل من الأشخاص (حوالي 8 % من البالغين).

الجدير بالذكر أن الإسراف في تناول الفيتامين (C) – أكثر من 2,000 ملليغرام في يوم- يمكن أن يؤدي إلى تهيج المعدة والتسبب بمشاكل أخرى مثل حصى الكلى، ولكن هذه القاعدة يكن أن نستثني منها عدائي الماراثونات والرياضيين الذين يمارسون رياضات التحمل، حيث قد يجد هؤلاء الأشخاص أن تناول المكملات الغذائية من فيتامين C بمعدلات تتراوح بين 250 ملليغرام و 1 غرام يومياً، قد يقلل من خطر إصابتهم بالزكام بنسبة تصل إلى 50 %.

  • الزنك والنزلات البردية:

إذا كان الزنك قادراً بالفعل على محاربة نزلات البرد، فإن ذلك قد يكون راجعاً لاحتوائه على مضادات الأكسدة، بالإضافة لكونه مضاد للالتهابات، الأمر الذي قد يخفف من أعراض البرد، أو قد يكون ذلك عائداً لقدرته على العمل كمضاد للفيروسات، مما يوقف حرفياً قدرة فيروس البرد على الانتشار في كل من الفم والحلق، ولكن لا يوجد أي دليل علمي حقيقي يدعّم أي من الأدلة المذكورة سابقاً، فالدراسات في هذا الشأن غير حاسمة، حيث صرح نصف الأشخاص فقط الذين قاموا بتجربة الزنك، بأن استعماله ساعد في التأثير إيجاباً على طول مدة نزلات البرد أو على الحد من شدة الأعراض.

الجدير بالذكر أن الزنك يؤثر على نمو الشعر، فنقص الزنك يؤدي إلى نقص نمو الشعر، ولكن زيادة نسبة الزنك بالجسم لن تؤدي إلى زيادة الشعر، إلا إذا كان فقدان الشعر ناتجاً بالأصل عن نقص مستويات الزنك في الجسم.

  • الثوم والنزلات البردية:

يمكن للثوم أن يكون مفيداً جداً في السيطرة على ضغط الدم، حيث أنه يخفض من ضغط الدم، ولكن إن كان الهدف من تناول الثوم هو التغلب على البرد، أو للحصول على أي فائدة صحية أخرى، فسيكون استخدام الثوم عندئذ في غير مكانه، حيث يحتوي الثوم على مركب كبريتي يدعى الأليسين، والذي يحتوي على خصائص مضادة للجراثيم ومضادة للفيروسات على حد سواء، ولكن على الرغم من شعبيته، فإن الأدلة التي تشير إلى فائدة تناول الثوم النيئ، أو تناول المكملات الغذائية التي تدخل مركبات الثوم في تكوينها، للتخفيض من شدة أعراض البرد أو من مدته، هي أدلة قليلة وغير مثبتة.

  • الفيتامين D وصحة القلب:

يعتبر الفيتامين (D) من أكثر الفيتامينات إفادة للعظام، ويعتبر التعرض للشمس المصدر الأساسي للحصول على الفيتامين (D)، حيث يمكن لهذه الطريقة أن توفر 80 الى 90 % من الجرعات الموصى بها يومياً من هذا الفيتامين، كما يمكن للمكملات الغذائية التي تحتوي على فيتامين D)) أن تكون وسيلة جيدة لتجنب حدوث مشاكل العظام مثل الكساح ولين العظام، وكذلك لعلاج الصدفية – وهي إحدى الأمراض الجلدية-.

ولكن تناول فيتامين ((D للحد من خطر الإصابة بأمراض القلب، قد لا يعد مفيداً جداً، ففي الوقت الذي أشارت فيه إحدى الدراسات أن الأشخاص الذين تكون لديهم مستويات مرتفعة من فيتامين ((D، يكونون أقل تعرضاً للإصابة بأمراض القلب أو القصور القلبي، من الأشخاص الذين تكون مستويات هذا الفيتامين منخفضة لديهم، فقد وجدت بعض الدراسات الأخرى أن زيادة تناول مكملات فيتامين D قد يكون لها تأثيرات سلبية على القلب.

  • الكروم والسكري من النوع 2:

يعد الكروم من المعادن التي يستخدمها الجسم للسيطرة على مستويات السكر فيه، ولذلك فإنه من السهل أن نستنتج أن تناول المكملات الغذائية الغنية بالكروم يمكنها المساعدة في قمع مرض السكري أو السيطرة عليه، ولكن قد يكون هذا المبدأ ليس صحيحاً على الإطلاق، حيث تقدم العديد من الدراسات أدلة متضاربة حول فعالية مكملات الكروم لمنع أو لعلاج مرض السكري.

  • هرمون DHEA والشيخوخة:

هرمون ديهيدرو إيبي أندروستيرون، والمعروف باسم DHEA، هو هرمون ينتجه الجسم بشكل طبيعي عن طريق الغدد الكظرية، وهو هرمون أولي “prohormone”، وذلك لأن الجسم يحتاج إليه لتنشيط وإنتاج هرمون التستوستيرون وهرمون الاستروجين، ونظراً لارتباطه مع الهرمونات الجنسية، فيعتقد بأنه يساعد في زيادة الدافع الجنسي، ولكن لا توجد أي دراسة يمكنها تأكيد صحة هذا الادعاء، والجدير بالذكر أنه يتم التسويق لمكملات الـ ((DHEA باعتبارها ينبوع الشباب، حيث يعتقد بأن الـ ((DHEA يمكنه إبطاء عملية الشيخوخة، وبناء العضلات وتقوية جهاز المناعة، ولكن ليس هناك دليل على أن هذه المكملات قادرة على أداء هذه المهام، كما أن الأغلبية الساحقة للدراسات تشير إلى أن تناول مكملات ((DHEA لا تعطي نتائج أفضل من أخذ الأدوية الوهمية.

8-   زيت السمك والصحة العامة:

من المرجح أن لا يكون هناك أي تأثير ملحوظ لزيت السمك على ذكاء الطفل، أو في الحماية ضد مرض كرون أو الأمراض العقلية مثل الاكتئاب الشديد، فكثير من الأشخاص يتناولون كبسولات زيت السمك اعتقاداً منهم بأن أحماض أوميجا 3 الدهنية تخفض من خطر الإصابة بالأمراض القلبية، ففي حين أن هناك بعض الأبحاث التي تشير إلى أن مكملات زيت السمك قد يكون لها فوائد على الصحة القلبية، إلا أن البحوث المتضاربة التي أجريت مؤخراً أشارت إلى أن فوائد هذه المكملات على الصحة القلبية قد تكون غير صحيحة تماماً، أو غير حاسمة أو منحازة على أقل تقدير، حيث وجدت الدراسات أن المرضى الذين يعانون من أمراض القلب والشرايين لم يلاحظ لديهم أي انخفاض في خطر الإصابة بالنوبة قلبية عقب استعمالهم لزيت السمك، وكذلك فإن زيت السمك لا يقلل من مخاطر الاصابة بالسكتة الدماغية والقصور القلبي الاحتقاني أو أي حالة تتعلق بالقلب أو بالأوعية الدموية.

إلّا أن الأبحاث الجديدة الواعدة أظهرت أن إضافة زيت السمك إلى النظام الغذائي قد يساعد في الحماية من سرطان القولون وسرطان المستقيم، علماً أن الطريقة الأفضل للحصول على الجرعة اليومية من زيت السمك لا تكون عبر الكبسولات، بل عبر تناول الأسماك.

9-   الفيتامينات المتعددة والصحة العامة:

في الواقع تشير الدلائل إلى أن تناول المكملات التي تحتوي على الكالسيوم قد يكون لها أثر إيجابي على الصحة، ولكن لا يوجد أي دليل يشير إلى أن أياً من العناصر الأخرى الموجودة في مكملات الفيتامينات المتعددة لها أي فائدة إيجابية على الجسم على الإطلاق، كما أن بعض البحوث تشير إلى أن الأشخاص الذين يتناولون الفيتامينات المتعددة بشكل يومي قد يموتون بشكل أسرع من الأشخاص الذين يهملون تناولها، ففي عام 2011 وجدت دراسة صحية أن الفيتامينات المتعددة لم تقدم أي فائدة صحية للنساء اللواتي أخذنها، بل ووجدت أيضاً أن هناك علاقة بين تناول المكملات الغذائية التي تتضمن الفيتامينات المتعددة وانخفاض معدل أعمار النساء.

ولكن يرجح البعض أن ارتباط الفيتامينات المتعددة مع انخفاض معدل الحياة، قد يكون عائداً لشعور الأشخاص بالأمان الزائف حول صحتهم، مما يجعلهم أقل اهتماماً برعاية أنفسهم، مما يؤدي بالتالي إلى انخفاض معدل أعمارهم.