التصنيفات: غير مصنف

مرض الشريان التاجي غير الانسدادي

ما هي أسباب انسداد الشريان التاجي :

الملايين من الأشخاص يتجولون وهم يحملون في شرايينهم التاجية نوعاً من الرواسب، وعلى الرغم من أن هذه الرواسب لا تسبب بالعادة إعاقة لتدفق الدم إلى القلب، ولكن في اللحظة التي تحدث فيها تصدعات في قطعة البلاك التي توجد في ذلك الشريان تتشكل الجلطات الدموية التي تعيق تدفق الدم إلى القلب، وهذا ما يسبب الأزمة القلبية، هذه اللويحات تعتبر دلائل على وجود حالة تسمى مرض الشريان التاجي غير الانسدادي، وهذه الحالة توجد لدى 10 % إلى 25 % من المرضى الذين خضعوا لتصوير التاج الوعائي، والتي عادة ما يتم إجراؤها للمرضى الذين يعانون من أعراض مثل ألم في الصدر أو ضيق في التنفس أو أولئك الذين لم يتجاوزوا اختبار الإجهاد القلبي.

خطورة مرض الشريان التاجي غير الانسدادي :

كان الأطباء في السابق يعتبرون هذا النوع من عوائق البلاك أمراً تافهاً، وعادةً ما كان يتم إرسال نسبة كبيرة من المرضى إلى منازلهم من دون إعطائهم أي نوع من العلاجات، وفي كثير من الأحيان يتم إخبار المرضى بأنهم لا يعانون من أية انسدادات في الشريان التاجي.

للأسف، فإن هذا الأمر ليس صحيحاً، فغالبية النوبات القلبية تكون نتيجة لهذه الترسبات، وقبل أربع سنوات، نُشرت دراسة ضمت ما يقرب 1.5 مليون مريضاً يعانون من درجات متفاوتة من مرض الشريان التاجي، حيث تمت مقارنة الأشخاص الذين لديهم انسدادات كبيرة في الشرايين التاجية، مع المرضى الذين يعانون من آفات غير سادة في شرايينهم التاجية، وتبين أن الفئة الأخيرة يحصلون على وصفات علاجية قليلة، سواء من الأسبرين، أو أدوية الستاتين أو غيرها من الأدوية التي تعمل على الحد من خطر الإصابة بالنوبة القلبية لديهم.

وفي هذا الشهر، تم نشر دراسة في مجلة ((JAMA تشير بوضوح إلى أن هناك عواقب وخيمة قد تنتج عن تجاهل مرض الشريان التاجي غير الانسدادي، وخاصة لدى المرضى الذين يعانون من أعراضه، حيث قام الباحثون بتجميع بيانات مأخوذة من 37,674 من قدامى المحاربين الذين لم يتم تشخيصهم بمرض الشريان التاجي، والذين خضعوا لتصوير قلب ما بين أكتوبر 2007 وسبتمبر 2012 ضمن نظام الرعاية الصحية، وقد بينت النتائج إصابة 55 % منهم بمرض انسداد الشريان التاجي، و22 % منهم كانوا مصابين بمرض الشريان التاجي غير الانسدادي، وكان خطر الاصابة بنوبة قلبية أو الموت خلال عام واحد يرتبط مباشرةً بدرجة انسداد الشرايين التاجية لدى المرضى المشاركين، وكما هو متوقع، كان خطر الإصابة بنوبة قلبية أو خطر الموت أكبر عند المرضى الذين كانوا يعانون من انسداداً في الشريان التاجي يعادل أو يفوق 70 % في أحد الشرايين التاجية.

وبمقارنة الأشخاص الصحيحين الذين لا يعانون من مرض الشريان التاجي، مع الأشخاص الذين يعانون من مرض الشريان التاجي غير الانسدادي، تبين أن خطر الموت أو لأزمة قلبية في شريان واحد كان مضاعفاً في غضون عام واحد من الفحص لدى الأشخاص الذين يعانون من مرض الشريان التاجي غير الانسدادي، وكان خطر تعرضهم لأزمة قلبية في اثنين أو ثلاثة من الشرايين يبلغ أكثر من أربعة أضعاف، لذلك كان معدل الوفيات لدى المرضى الذين يعانون من مرض الشريان التاجي غير الانسدادي أكبر، لذا تم اختتام الدراسة بالقول بأن هذه النتائج تبرز الحاجة إلى الاعتراف بأن مرض الشريان التاجي غير الانسداي (يسمى بـCAD  غير الانسدادي) يرتبط مع زيادة كبيرة في خطر الإصابة باحتشاء عضلة القلب، أو النوبات القلبية.

إنطلاقاً مما سبق رفض الباحثون التمييز الذي كان متعارفاً عليه سابقاً، والذي كان يعتمد على التفريق بين الـ (CAD) غير الانسدادي و الـ (CAD) الانسدادي، واقترحوا أن جميع المرضى الذين يعانون من مرض CAD سواء الانسدادي أو الغير انسدادي، يستفيدون من العلاجات الدوائية التي تعطى لمرضى الـ (CAD) الانسدادي، وذلك على الرغم من أنه لم يتم إجراء أي تجارب سريرية حتى الآن تدعم هذه التوصية.

الوقاية من هذا المرض :

ترتبط الإصابة بالأمراض القلبية بعدد كبير من العوامل التي قد تشكل خطراً على الصحة، منها التدخين وزيادة الوزن والسمنة  وقلة النشط البدني، إضافة إلى ارتفاع الكوليسترول في الدم، وارتفاع ضغط الدم، ومرض السكري من النوع 2، والتاريخ العائلي لوجود أمراض للقلب قبل سن 65، واستهلاك الأغذية غير الصحي والعمر، كما ويؤدي الإجهاد المزمن أيضاً للإصابة بأمراض القلب، ولهذا عادةً ما ينصح الأطباء المرضى المعرضين لخطر الإصابة بالأمراض القلبية بتعديل عاداتهم الحياتية، فإذا كانوا يدخنون، يجب عليهم التوقف عن التدخين، أما بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن فيجب عليهم التقليل من تناول الأطعمة التي تساهم في زيادته، وتناول المزيد من الفاكهة والخضروات، وممارسة الرياضة بمعدلات أكبر، فهذه التدابير تساعد على تخفيض وزن الجسم وتخفيض نسبة الكولسترول في الدم وتساعد على السيطرة على ارتفاع ضغط الدم والسكري، كما أن ارتفاع الكوليسترول في الدم يعتبر مشكلة حقيقية، لذلك ينبغي خفض نسبة تناول المنتجات التي تحتوي على الدهون المشبعة مثل منتجات الألبان والدهون واللحوم، واستخدام زيت الزيتون أو الكانولا غير المشبعة بالدهون عند الحاجة.

يشير الباحثون أنه إذا ما تم إجراء فحص وعائي لكل شخص بالغ، فإن سيتم تشخيص الكثيرين بمرض الـ (CAD) غير الانسدادي، وهذا يعني أن هؤلاء معرضين لخطر الإصابة بنوبة قلبية، ولذلك إذا ما شوهد في الفحص الوعائي للمريض نسبة انسداد تعادل من 30 إلى 40 أو حتى 50 % في واحد أو أكثر من الشرايين، فإنه يجب وضع المريض على العلاج الوقائي في الحال.

لا يُنصح بإجراء تصوير للقلب بشكل روتيني، فهو مكلف وله مخاطر عديد، ففي حالات نادرة، يمكن أن يتسبب بحدوث نزيف، أو التسبب بعدوى، أو تلف في الأوعية الدموية، أو حتى الإصابة بالحساسية للصبغة المستخدمة في التصوير، لذلك وكبديل، يمكن للمريض اختيار اختبارات لا تستلزم إجراء عمليات جراحية كالتصوير المقطعي للأوعية الدموية، أو ما يدعى بتصوير الـ (CT).

العلاج :

حالياً توجد بعض الأدلة على أن هناك بعض الأدوية التي يمكنها درء الإصابة بالنوبة القلبية الأولى لدى الأشخاص الأكثر تعرضاً لخطر الإصابة بها، والدوائين الأكثر شيوعاً هما البيبيسبرين (اسبرين الأطفال)، والستاتين، حيث أن الأسبرين يعمل على تميّع الدم، وبذلك يحد من مخاطر تشكل جلطة دموية في الشريان التاجي، وعلى الرغم من أن إدارة الغذاء والدواء لا توصي بالاستخدام اليومي للأسبيرين لمنع حدوث نوبة قلبية أولى، كون آثاره الجانبية المحتملة تشمل زيادة خطر النزيف المعوي، إلّا أن بعض الأطباء يوصون بذلك.

أما أدوية الستاتين، فهي من أهم الأدوية التي يتم وصفها لخفض مستويات الكوليسترول في الدم، وقد تبين أن للستاتين فوائد على القلب أيضاً، فهو يعمل على إبطاء تشكيل اللويحات الجديدة في الشرايين التاجية، لذلك فإن الستاتين يعمل أحياناً على تقليل حجم الآفات الموجودة في الجسم، حيث يمكن له أن يمنع تشكل الالتهابات التي تساهم بدورها في تشكيل اللويحات، كما أنه يحسن من وظيفة الخلايا التي تبطن الشرايين، ويساعدها على التوسع حسب الحاجة، كما أن الستاتين يعمل أيضاً على زيادة استقرار اللويحات، مما يقلل من فرصة تمزقها وتشكيلها لكتل تعمل على سد الشرايين المغذية للقلب.

نستنتج مما سبق، أنه ونظراً لهذه الفوائد التي يقدمها الستاتين، وحقيقة أن تمزق اللويحة هي المسبب الأساسي لما يقارب 95 % من النوبات القلبية، فإن المرضى الذين يعانون من مرض الشريان التاجي، ليس لديهم سوى أمل واحد في الوقاية من النوبات القلبية، وهو بتناول دواء الستاتين.

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير