التصنيفات: الصحة الجيدة

لصقة جلدية لعلاج التقرحات الجلدية لمرضى السكري

يشير الباحثون في كلية الطب بجامعة ستانفورد إلى أنهم استطاعوا تطوير لصقة جلدية آمنة وفعّالة لتوصيل الدواء الذي يعزز من شفاء التقرحات الناتجة عن داء السكري، كما أن اللصقة الجلدية التي تم اختبارها على الفئران، يمكن أن تكون أيضاً وسيلة لمنع تشكّل التقرحات في الأساس.

من بين أكثر من 29 مليون شخصاً في الولايات المتحدة يعانون من مرض السكري من نوع 1 أو 2، هناك ما يقدر بنحو 15% من هؤلاء الأشخاص يصابون بالتقرحات، وهذه التقرحات التي تحدث عادة بالأقدام (سواءً أكانت عبارة عن قروح مغلقة أو جروح مفتوحة) قد تتحول إلى حالة صحية ثانوية، تؤدي لحدوث إعاقات لفترات طويلة، وقد تؤدي إلى زيادة معدلات الوفيات، كما أن هذه الجروح التي لا تشفى والتي تكون مرتبطة بمرض السكري، هي السبب الرئيسي لبتر الأطراف الغير ناتج عن الحوادث المؤلمة.

إن السبب الذي يؤدي لظهور هذه التقرحات كان معروفاً منذ عدة سنوات، ففي عام 2009، قام باحثون بقيادة (جيفري غورتنر)، وهو أستاذ في قسم الجراحة في جامعة ستانفورد، ومجموعة من العلماء من كلية ألبرت أينشتاين للطب، بنشر دراسة بينّت الكيفية الدقيقة التي يؤدي فيها مرض السكري للتقليل من قدرة الأنسجة على تشكيل الأوعية الدموية الجديدة الضرورية للشفاء من الجروح، ويرجع ذلك لارتفاع مستويات السكر في الدم، مما يضعف من قدرة الجسم على تنمية أوعية دموية جديدة، ولكن الباحثين استطاعوا في الدراسة ذاتها إيجاد العلاج المحتمل لهذه الحالة: وهو الـ(ديفيروكسامين)، أو ما يعرف بالـ (DFO)، وهو دواء موافق عليه بالفعل من قبل إدارة الغذاء والدواء بوصفه علاجاً لداء ترسّب الأصبغة الدموية – وهي حالة تنتج عن تراكم الكثير من الحديد في الجسم- حيث تبيّن أن الـ (DFO) يمكنه تصحيح أثر ضعف السكري في البروتين الذي يدعم نمو الأوعية الدموية الجديدة، ولكن المشكلة بقيت في كيفية استخدام المريض للـ (DFO)، وذلك لأنه قد يكون ساماً إذا ما تم استخدمه على فترات طويلة حتى شفاء التقرحات الضغطية الناتجة عن السكري، لذلك قرر الباحثون البحث عن بديل، وقد كان هذا البديل هو إيجاد طريقة لإيصال ما يكفي من الدواء بطريقة موضعية مباشرة إلى التقرحات، وكانت الطريقة الأمثل هي ابتكار لصقة يتم تطبيقها على الجلد وتوصيل الدواء من خلالها إلى التقرحات، والجدير بالذكر أنه قد تم نشر هذا البحث على النسخة الإلكترونية من دورية الأكاديمية الوطنية للعلوم في 22 من كانون الأول.

واجه تطوير هذه اللصقة الجلدية مجموعة من التحديات الهائلة، التي استطاع فريق ستانفورد العمل عليها، خطوة بخطوة، بمساعدة مهندسي المواد بقيادة المؤلف المشارك الدكتور (جاياكومار راجاداس)، مدير مختبرات ستانفورد للمواد الحيوية وتطوير الأدوية، وأهم هذه التحديات كانت تعديل الـ (DFO) بطريقة يستطيع من خلالها اختراق الطبقة الخارجية من الجلد لتنشيط تشكيل الأوعية الدموية الجديدة فيه، ولكن كان لا بد أيضاً من إيجاد طريقة للتحكم بكميات الدواء التي تصل إلى التقرحات، وذلك حتى يكون بالإمكان الاستمرار في إعطاء الـ (DFO) حتى نهاية العلاج دون حدوث أية آثار سميّة محتملة.

استغرق الأمر ما يقرب الأربع سنوات من المحاولات قبل أن يستطيع الفريق الوصول إلى الحل، وهو تغليف الـ (DFO) بمادة تساعد على خفض التوتر السطحي له، وهذا يساعد على تحويل جزيئات الـ (DFO) إلى جزيئات مجهرية دقيقة، يمكنها اختراق الجلد بسهولة، ثم تضمينها ضمن مصفوفة بوليمرية مرنة، ذات سماكة تصل لبضعة ملليمترات، تعمل على حماية الجزيئات المجهرية الدقيقة الهشة للـ (DFO)، وتفريقها تدريجياً أثناء تفكك المصفوفات.

أشار العلماء إلى أن الفئران استطاعت تحمل هذه اللصقة بطريقة جيدة جداً، فبمجرد تطبيق اللصقة على الجلد، يعمل الترطيب الموجود في الجلد بمثابة لاصق طبيعي لها، ومن ثم يبدأ انتشار الـ (DFO) ومعه تبدأ الجزيئات المجهرية بالانزلاق إلى داخل أنسجة الجلد والجروح، وكانت النتائج مبهرة، حيث أنها لم تقتصر فقط على التآم جروح الفئران بسرعة أكبر بكثير من حالتها الطبيعية، بل وكانت نوعية الجلد الجديد أفضل من الجلد الأصلي أيضاً، وإن نجاح هذا العلاج على الفئران، يرجح نجاحه أيضاً على البشر.

إضافةً إلى ذلك، قام الباحثون باستخدام مصفوفة الـ (DFO) على الفئران المصابة بالسكري لمعرفة ما إذا كانت تستطيع منع تشكّل التقرحات في الأصل، وكانت النتائج مبهرة أيضاً، حيث عملت هذه اللصقة على منع تشكل التقرحات أساساً، وحالياً يأمل الباحثون بالبدء بالتجارب السريرية قريباً لاختبار هذه اللصقة على البشر، حيث أن هذه التكنولوجيا قد تكون فعّالة في الوقاية من التقرحات الضغطية، والتي تعتبر المصدر الرئيسي للاعتلال والوفيات لدى المرضى الذين يعانون من الإصابات العصبية أو لدى كبار السن.

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير