يؤثر الكافيين على جودة النوم
يبحث الكثير من الناس عن المشروبات المحتوية على الكافيين لبدء يومهم سواء كان ذلك بفنجان قهوة أو شاي أو مشروب طاقة، ويمكن أن يساعد المنشط الناس على الشعور بمزيد من اليقظة وزيادة التركيز خلال ساعات الاستيقاظ، ولكن كيف يؤثر الكافيين على النوم ؟
يمكن للاستهلاك المعتدل من الكافيين أن يزيد من الوقت الذي تستغرقه لتنام ويؤثر سلبًا على جودة النوم وفقًا لدراسة أجريت عام 2013 في مجلة طب النوم السريري، ولكن لماذا؟ لهذا سنلقي أدناه نظرة فاحصة على كيفية تفاعل الكافيين مع الدماغ بالضبط والآثار المترتبة على النوم.
قال الدكتور بيتر بولوس [أخصائي طب النوم في نيوجيرسي] لـ Live Science: إن الكافيين هو المنشط الأكثر استخدامًا في العالم، وتأثيره على الدماغ يمكن أن يؤثر على المزاج والذاكرة واليقظة والنوم، كما يسرع الكافيين الرسائل بين الدماغ والجسم.
وقالت لوري ليدلي [مؤسس ورئيس مركز فالي للنوم في أريزونا] : يستخدم الكثير من الناس المشروبات التي تحتوي على الكافيين لكي يبدأوا يومهم وليساعدهم على البقاء في حالة تأهب بسبب خصائصها المنشطة، وقالت لـ Live Science أن الهزة التي يعطيها الكافيين ليست بديلاً عن النوم، ولكنها يمكن أن تعطينا دفعة مؤقتة خلال النهار.
ويمكن أن يرجع هذا التأثير إلى الطريقة التي يتفاعل بها الكافيين مع الأدينوزين، وهي مادة كيميائية تعزز الشعور بالنعاس، فيرتبط الكافيين بمستقبلات الأدينوزين في الدماغ مما يحجبها وفقًا لمراجعة عام 2017 في مجلة Planta Medica، ولهذا السبب قد يشعر الناس مؤقتًا بمزيد من الاستيقاظ بعد تناول الكافيين.
ومع ذلك، فإن استخدام الكافيين على المدى الطويل قد يدفع الجسم للعمل حول هذا الأمر، فوجدت الدراسات التي أجريت على الحيوانات أن الدماغ ينتج المزيد من مستقبلات الأدينوزين استجابة للاستهلاك المزمن للكافيين وفقًا لمراجعة عام 2022 في مجلة Sleep Research.
ومن غير الواضح إلى أي مدى يترجم هذا إلى البشر، ولكن من المحتمل أن يفسر ذلك السبب الذي يجعل شاربي الكافيين العاديين يحتاجون غالبًا إلى كميات أعلى لإعادة إنتاج نفس التأثيرات المحفزة.
كما يؤدي الكافيين أيضًا إلى إطلاق الناقلات العصبية المحفزة، فقال بولوس: “عندما يحجب الكافيين الأدينوزين، يمكن أن يجعل الدماغ أكثر استجابة للدوبامين، وهو هرمون يجعلك تشعر بالرضا والتحفيز، كما أنه يتسبب في إنتاج الدماغ للأدرينالين مما يؤدي إلى هذا الشعور بالبهجة”.
عادة ما تكون مستويات الأدينوزين أعلى في الليل وفقًا لمراجعة عام 2022 في مجلة أبحاث النوم، مما يعني أن الناس يشعرون بالنعاس بحلول وقت النوم، ولكن يثبط تناول الكافيين الأدينوزين مما قد يجعل الناس يقظين للغاية بحيث لا يمكنهم الانجراف في النوم.
ويتداخل الكافيين أيضًا مع الهرمونات المسببة للنوم، فقال بولوس: “عندما نستهلك الكافيين خلال النهار، فإنه يتسبب في انخفاض في المستقلب الرئيسي للميلاتونين، وهو الهرمون المعزز للنوم، ويعد هذا أحد أسباب انقطاع النوم”.
يمكن أن تستمر تأثيرات الكافيين المؤثرة على النوم لفترة طويلة بعد رشفة القهوة الأخيرة، فقال ليدلي إنه بمجرد وصول الكافيين إلى الجسم فإنه يستمر لعدة ساعات، ويستغرق حوالي 6 ساعات حتى يتم التخلص من نصف تأثيرات الكافيين.
وقامت دراسة أجريت عام 2013 في مجلة طب النوم السريري بتقسيم الناس إلى ثلاث مجموعات، حيث يشرب الأفراد الكافيين 6 ساعات أو 3 ساعات أو قبل وقت النوم مباشرة، فوجدوا أنه حتى أولئك الذين توقفوا عن شرب الكافيين قبل 6 ساعات من النوم تم قطع نومهم لمدة ساعة كاملة.
لكن الكافيين لا يؤثر فقط على طول فترة النوم، بل يعيق كذلك من جودة النوم، فقال بولوس: “تظهر الدراسات أن الكافيين يقلل من نوم الموجة البطيئة، وهي مرحلة النوم العميق والمريح الذي يجعلنا نشعر بالانتعاش واليقظة في الصباح”.
ولكن يتأثر مدى استجابة الشخص للكافيين بعوامل تشمل العمر والتمثيل الغذائي واختلاف الجينات، فتشير إحدى المراجعات لعام 2017 في مجلة Sleep Medicine Reviews إلى أن الناس يصبحون أكثر حساسية للخصائص المنشطة للكافيين مع تقدمهم في السن، في حين أن الاختلافات بين الأشخاص من نفس العمر يمكن أن تكون مرتبطة بالاختلافات الجينية في إطلاق الأدينوزين.
وقال بولوس: “الأفراد الذين يستهلكون كميات أقل من الكافيين هم أكثر حساسية للآثار الجانبية، مما قد يتسبب في تأخير بدء النوم، وقد لا يواجه شاربو القهوة بتكرار نفس التحديات عند النوم”.