التصنيفات: غير مصنف

فوائد مساهمة المرضى في تحديد طريقة علاجهم

عادة ما يقوم أطباء الأورام والجراحين المشرفين في العديد من المستشفيات والعيادات بإخبار مرضى السرطان بالعلاجات التي ينبغي اتباعها، أو على الأقل يقومون بمنحهم توصيات مفيدة حول فوائد كل نوع من العلاجات المتوفرة، ولكن في ميرسيد، كاليفورنيا، أصبح الأطباء والمرضى يعملون معاً على اختيار الطريقة المناسبة للعلاج، وذلك من خلال قانون يدعى بـ “اتخاذ القرارات المشتركة” والذي بدأ العمل به رسمياً في تلك المنطقة.

قد يبدو هذا الإجراء من البديهيات، فمن الطبيعي أن يكون لكل مريض أولويات وتفضيلات تختلف عن غيره، فما هو صائب بالنسبة لأحد المرضى قد يكون خاطئ لمريض آخر، ولكن المشكلة تكمن أن أغلب المرضى غير معتادين على الإفصاح عن رغباتهم الطبية بصراحة، فهم يخضعون لأطبائهم لأنهم خائفون، أو لأنهم لا يريدون أن يظهروا بمظهر المتطلبين، أو لأنهم يعتقدون بأن الطبيب يعرف أكثر منهم.

ومن ناحية ثانية لا يرغب جميع الأطباء بالتخلي عن سيطرتهم على مرضاهم وخاصة أولئك الذين تكون معرفتهم الطبية محدودة كثيراً أو الذين يعتمدون على المعلومات التي يحصلون عليها من الأصدقاء والإنترنت، وإلى جانب ذلك فإن العديد من الأطباء ليس لديهم الوقت للخوض في مناقشات طويلة وخاصة بالنظر إلى أن نظام الرعاية الصحية لا يغطي ثمنها، ولكن مع ذلك فإن هناك العديد من المستشفيات والعيادات في العديد من الولايات الأخرى، بما في ذلك ولاية ماساشوستس ومينيسوتا وواشنطن تتبع برامج تعاونية لضمان أن المعلومات والمخاوف تصبح متبادلة بين المريض وطبيبه.

إن مفهوم صنع القرار المشترك كان متوفراً منذ سنوات، لكنه اكتسب مفهوماً جديداً بعد صدور قانون الصحة في البلاد، حيث شجع القانون الجديد على استخدام هذا النهج على وجه التحديد، وتبعاً للأستاذ المساعد في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو (جيف بيلكورا)، والذي يدير برنامج “صنع القرار المشترك”، فإن المرضى وأسرهم يجب أن يكونوا في موقع أخذ القرار مع أطبائهم لاتخاذ القرارات العلاجية الصحيحة بالنسبة لهم والملائمة لظروفهم الخاصة.

في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، يتم إعطاء المرضى أقراص فيديو رقمية ونشرات أو روابط موافق عليها من قبل الأطباء تشرح الخيارات المتاحة أمامهم للعلاج، وخلال المعاينات يقوم الأطباء بتفسير فوائد ومخاطر كل خيار من الخيارات المتاحة إلى جانب سؤال المرضى عن أولوياتهم وأهدافهم.

بالإضافة إلى ذلك يقوم طلاب من الجامعة أو من الخريجين الجدد بمساعدة المرضى على تحضير قائمة من الأسئلة بشكل مسبق لتقديمها للطبيب، كما يقوم هؤلاء الشباب أيضاً بتسجيل وقائع زيارة المرضى للطبيب، والملاحظات التي يعطيها الطبيب للمرضى، وهذا أمر مهم لأن المرضى عادة ما يكونون عصبيين وعاطفيين بعد تشخيصهم بالسرطان.

تم استخدام نهج “اتخاذ القرارات المشتركة” في الحالات المرضية مثل مرضى سرطان الثدي والبروستاتا وأمراض القلب وآلام الظهر وغيرها من الحالات التي تمتلك العديد من الخيارات العلاجية والتي يمكن أن تقدم نتائج متماثلة.

وجد (جلين ايلوين) وغيره من الباحثين أن المرضى يكونون أكثر رضى عن النهج العلاجي المتبع معهم عندما يتخذون هم القرار به، وكذلك فإن هذا الإجراء قد يساهم في توفير المال، حيث تظهر بعض الأبحاث أن المرضى الذين يشاركون في قرارات علاجاتهم يكونون أكثر حفاظاً على أموالهم، وذلك لأنهم عادة ما يكونون ضد اختيار الإجراءات المكلفة أو العمليات الجراحية الكبيرة.

في الوقت ذاته فإن هذا الإجراء ليس سهلاً بالنسبة للمرضى أيضاً، حيث أن معظم مرضى السرطان مثلاً وحتى أكثرهم خبرة بالمرض غالباً ما يأخذون القرارات الخاطئة في البداية، والذي هو الاستئصال، ولكن بعد المحادثة التي يجريها الأطباء و المرضى حول الخيارات الأخرى المتاحة لديهم وحول آثار كل منها على حالتهم الصحية يغير الكثير من المرضى رأيهم حول هذا الموضوع.

في النهاية فإن الهدف من هذا الإجراء هو جعل المرضى يشعرون بالرضا حول الطريقة التي يتلقون من خلالها علاجاتهم ويشعرون بأنهم في صف واحد مع أطبائهم في اتخاذ القرار مما سيؤثر بالتأكيد بطريقة إيجابية على نفسيتهم فيما بعد.

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير