الصحة الجيدة

تناول الألياف يمنع بكتيريا الأمعاء من “تناولك” .. إعرف كيف!

تحتوي قناتنا الهضمية على ما لا يقل عن 1000 نوع من الأنواع المختلفة من البكتيريا المعروفة، وغالباً ما تكون ثلث بكتيريا الأمعاء مشتركة بين الجميع، في حين يختلف الثلثين الآخرين من شخص لآخر.

تعتبر بكتيريا القناة الهضمية مهمة لصحتنا لأنها تساهم في الحفاظ على صحة الجهاز المناعي الذي يعمل كحاجز ضد الكائنات الدقيقة الضارة الأخرى، كما أنها تساعد على هضم الأطعمة التي لم تستطع المعدة والأمعاء الدقيقة هضمها، فضلاً عن إنتاج بعض الفيتامينات.

دائماً ما كان المتخصصون في الرعاية الصحية وخبراء التغذية يشيرون إلى أنه من المهم تضمين الألياف في النظام الغذائي الصحي، ولكن الأبحاث الجديدة استطاعت أخيراً إخبارنا بما يحدث بالضبط إذا لم تحصل الميكروبات المعوية على ما يكفيها من الألياف.

دراسة حول سلوك بكتيريا الأمعاء لدى الفئران

تم إجراء هذه الدراسة من قبل فريق دولي من الباحثين بقيادة (اريك مارتنز)، وهو أستاذ مشارك في علم الأحياء الدقيقة في كلية الطب بجامعة ميشيغان ، و(ماهيش ديساي) من معهد لوكسمبورغ للصحة.

قام الباحثون بتوليد مجموعة من الفئران خصيصاً للدراسة، حيث ولدت الفئران وعاشت دون وجود أي نوع من البكتيريا الطبيعية في أمعائها، وبعد ذلك قام الباحثون بزراعة 14 نوع من البكتيريا التي تعيش عادة في أمعاء الإنسان في تلك الفئران، وعلى اعتبار أن العلماء كانوا يعرفون التوقيع الجيني لكل نوع من البكتيريا، فقد كانوا قادرين على تتبع تطور كل واحدة منها على مر الزمن، والجدير بالذكر أن الباحثين كانوا قد استخدموا، بغية إجراء تلك الدراسة، منشأة مختبرية خالية من الجراثيم ومجموعة من التقنيات الوراثية التي سمحت لهم بمعرفة نوع البكتيريا التي كانت موجودة ونشطة في ظل الظروف الغذائية المختلفة.

قام الباحثون بزرع سلالة من البكتيريا تعادل الإيكولاي البشرية في الفئران، ثم قاموا بفحص تأثير النظام الغذائي الذي كان يحتوي على كميات متفاوتة من الألياف، بالإضافة إلى تأثير النظام الغذائي الخالي تماماً من الألياف، على تلك البكتيريا.

قام الباحثون بتجربة نظام غذائي مكون من 15% من الألياف التي تأتي من مصادر مثل الحبوب والنباتات التي لم يتم معالجتها كثيراً، كما جربوا أيضاً نظاماً غذائياً غنياً بالألياف التي تأتي على شكل ألياف نقية قابلة للذوبان تشبه ما تحتويه بعض الأطعمة المصنعة والمكملات الغذائية.

ميكروبات الأمعاء تحتاج الألياف

كما أوضحت الدراسة التي تم نشرها في في مجلة (Cell)، فإن العدوى لم تنتشر بشكل كامل في الفئران التي حصلت على نظام غذائي مكون من 15% من الألياف، حيث بقيت الطبقة المخاطية في معدتهم سميكة، مما أمن لهم الحماية ضد العدوى، ولكن عندما استبدل العلماء هذا النظام الغذائي بآخر يفتقر إلى الألياف تماماً، بدأت ميكروبات الأمعاء تأكل المخاط، وبعد بضعة أيام من الحرمان من الألياف بدأت البكتيريا بغزو جدار القولون.

مما سبق، تبين بأن ميكروبات الأمعاء تعتمد على الألياف لتأمين طعامها، وعندما لا تحصل عليها، فإنها تبدأ في تناول الأمعاء، وهذا يجعل الأمعاء أكثر عرضة للعدوى، والجدير بالذكر أن الوجبات الغنية بالألياف التي تشبه تلك التي توجد في الأطعمة المصنعة كان لها ذات تأثير الوجبات التي  تفتقر إلى الألياف تماماً، حيث أن الطبقة المخاطية للفئران التي كانت تتبع هذا النظام الغذائي بدأت تتآكل نتيجة لعمل الميكروبات أيضاً.

استطاع الباحثون كذلك معرفة الإنزيمات التي كانت البكتيريا تستخدمها لهضم الألياف، حيث وجدوا 1600 نوعاً من الإنزيمات المختلفة التي تهضم الكربوهيدرات – وهو تعقيد يظهر بصورة مماثلة لدى البكتيريا التي توجد في أمعاء الإنسان- كما أن عدم وجود الألياف أدى إلى الارتفاع في إنتاج هذه الإنزيمات الآكلة للمادة المخاطية في الأمعاء.

بحسب العلماء، ففي الأمعاء الطبيعية، يتم إنتاج المخاط وتحليله بمعدلات ثابتة، ولكن عند اتباع نظام غذائي خالٍ من الألياف، تكون وتيرة تدهور المخاط أعلى بكثير من إنتاجه.

من خلال فحص أنسجة أمعاء الفئران المصابة، تمكن الباحثون من رؤية الالتهابات في العديد من المناطق الرقيق، وحتى الأنسجة غير المكتملة، وعلى الرغم من أن الفئران المصابة التي تلقت حمية غنية بالألياف أصيبت أيضاً بالالتهابات إلّا أن رقعة انتشار هذه الإلتهابات كانت أصغر بكثير.

الدراسات المستقبلية

يأمل كل من (مارتنز) و(ديساي) في المستقبل أن يقوموا بدراسة تأثير التركيبات المختلفة من أنواع الألياف على مدى فترة أطول من الزمن، فضلاً عن تأثير النظام الغذائي الذي يحتوي على الألياف الطبيعية بشكل متقطع.

يرغب الباحثون أيضاً في العثور على مؤشرات حيوية تشير إلى حالة الطبقة المخاطية في أحشاء الإنسان، مثل عدد البكتيريا المهيمنة على تلك الطبقة، ويأمل (مارتنز) و(ديساي) أيضاً دراسة تأثير اتباع نظام غذائي منخفض بالألياف على الأمراض المزمنة مثل مرض التهاب الأمعاء.

 

شارك
نشر المقال:
Diana