متفرقات

تعرف على بعض الظواهر الطبيعية التي لا يمتلك العلم تفسيراً لها بعد (الجزء الأول)

إن العلم مدهش، أليس كذلك؟ فهو يستطيع إخبارك بحجم الكواكب التي تبعد عنا العديد سنيناً ضوئية، ويمكنه أن يفسر لنا عادات الطعام لدى الديناصورات العملاقة التي انقرضت منذ ملايين السنين، ويمكن للعلم أيضاً أن يخبرنا حتى عن الجزيئات التي تكون صغيرة جداً لدرجة أنه لا يكون بالإمكان رؤيتها بالعين البشرية.

ولكن هناك الكثير من الأشياء، الكثير من الأمور اليومية، التي لا يستطيع العلم تفسرها، مثل الكيفية التي يعمل بها المغناطيس؟ ولماذا تجعلنا مشاهدة شخص يتثاءب نتثاءب أيضاً؟ ولماذا تتغوط الكلاب بالطريقة التي تفعلها؟ هذه بعض الأسئلة التي لم يستطع العلماء الإجابة عنها تماماً … حتى الآن، وإليكم المزيد

لماذا يحدث البرق

هناك حوالي 44,000 عاصفة رعدية تحدث في جميع أنحاء العالم كل يوم، وتؤدي لضرب حوالي 100 صاعقة للأرض في كل ثانية، وبالمجمل، وعلى اعتبار أن ظاهرة البرق هي ظاهرة تحدث بشكل كبير جداً، فإن المرء قد يفترض بأن العلماء قد توصلوا بالفعل لفهم السبب الذي يكمن وراء حدوثها في الأصل، ولكن هذا لم يحدث بعد.

يقدم علماء الغلاف الجوي وصفاً أساسياً للعملية، حيث يشيرون إلى أن الشحنات الكهربائية الموجبة تتراكم على قمم السحب الرعدية، في حين تتراكم الشحنات السالبة في أسفلها (باستثناء بقعة محيّرة من الشحنات الموجبة التي تكون موجودة في كثير من الأحيان في مركز القسم السفلي)، وهذا الانجذاب الكهربائي بين تلك الشحنات المتضادة، وبين الشحنات السالبة التي توجد في أسفل السحابة والشحنات الموجبة التي تتراكم على الأرض، يصبح قوياً بما فيه الكفاية في النهاية للتغلب على مقاومة الهواء لتدفق الكهربائية.

تنتقل الشحنات السالبة من الجزء السفلي من سحابة في السماء نحو الأرض كقطيع من الفيلة يعبر النهر، وتشكل مساراً موصلاً غير مرئياً يسمى “بالمرشدات الخطية”، وفي النهاية، ترتبط مسارات الشحنات بمجموعة من الشحنات الموجبة التي تكون متراكمة على الأرض، ويتم استكمال الدائرة الكهربائية وتتمكن الشحنات السالبة من الانتقال من السحابة إلى الأرض من خلال الدوائر الكهربائية التي تم تشكيلها، وهذا التفريغ الكهربائي الهائل المفاجئ ينتج ومضة البرق.

ولكن بالنسبة للكيفية التي يحدث فيها كل ذلك، فبحسب (جو دواير)، وهو عالم رائد في مجال فيزياء البرق في معهد فلوريدا للتكنولوجيا، فإن هناك ثلاثة أسئلة أساسية لا بد من الإجابة عليها من أجل الوصول لحل هذا اللغز؛ أولاً، كيف يتم تحميل الرعد بالشحنات أساساً؟ وتبعاً لـ(دواير)، فإن ما يعلمه العلماء حتى الآن هو أن الأمر يتطلب وجود مزيج من الماء والجليد لتوفير الذرات التي يمكن أن تكتسب الشحنات، كما يجب أن يكون هناك تياراً هوائياً متجهاً نحو الأعلى لتحريك الجسيمات المشحونة، أما بقية التفاصيل فلا تزال ضبابية.

النقطة المربكة الثانية تتمثل في “إشكالية بدء البرق”، لذا فإن السؤال هو: كيف يمكن أن يتم إحداث شرارة داخل عاصفة رعدية؟ حيث لا يبدو بأن الحقول الكهربائية داخل العاصفة كبيرة بما يكفي لتوليد الشرارة، لذا كيف يمكن للشرارة أن تتولد؟ يبدو بأن البحوث ما تزال جارية في هذا المجال.

السؤال الأخير هو، كيف تحافظ الشرارة على انطلاقها بمجرد أن تنطلق؟ وبمعنى آخر، بعد أن تبدأ الشرارة، كيف يمكن للبرق أن ينتقل لعشرات الأميال خلال الغيوم؟ وكيف يمكن تحويل الجو من كونه عامل عازل إلى موصل؟

كيف يعمل المغناطيس؟

نحن نستخدم المغناطيس في تأدية الكثير من مهامنا اليومية، ولكن هذا لا يعني بأنه يسهل فهم طريقة عمله، ففي حين أن الفيزيائيين قد كونوا بعض الفهم لكيفية عمل المغناطيس، فإن الظواهر التي تكمن وراء المغناطيسية لا تزال بعيدة عن متناول التفسير العلمي.

تبعاً لـ(جيرل ووكر)، أستاذ الفيزياء في جامعة ولاية كليفلاند، فإن المغناطيسية الواسعة، مثل تلك التي نراها في قضيب المغناطيس، تنتج عن الحقول المغناطيسية التي تشع بشكل طبيعي من الجسيمات المشحونة كهربائياً والتي تشكل الذرات، كما أن المجالات المغناطيسية الأكثر شيوعاً تأتي من الجسيمات المشحونة بشحنة سالبة، والتي تسمى الإلكترونات.

عادة، تشير المجالات المغناطيسية للإلكترونات إلى اتجاهين مختلفين، وهذان الاتجاهان يلغيان بعضهما بعضاً، ولكن عندما تكون جميع المجالات متحاذية في نفس الاتجاه، كما هو الحال في المعادن المغناطيسية، فإن الكائن يولد مجالاً مغناطيسياً صافياً.

يقوم كل إلكترون بتوليد مجال مغناطيسي خاص به، ولكن الالكترونات مجتمعة لا تولد حقلاً مغناطيسياً صافياً إلا عندما تكون جميعها مصطفةً معاً، وإلا لكانت الإلكترونات في جسم الإنسان قد تسببت في إلتصاق الجميع بالثلاجة عند مرورهم بها.

حالياً، يمتلك الفيزيائيون تفسيرين للسبب الذي يجعل المجالات المغناطيسية تتحاذى في نفس الاتجاه، تعتمد إحداها على نظرية واسعة النظاق من الفيزياء الكلاسيكية، في حين تعتمد الأخرى على نظرية ذات نطاق أصغر تسمى ميكانيك الكم.

وفقا للنظرية الكلاسيكية، فإن المجالات المغناطيسية هي عبارة عن غيوم من الطاقة تحيط بالجسيمات المغناطيسية التي تقوم بسحب أو دفع الأجسام المغناطيسية الأخرى، ولكن في نظرية ميكانيك الكم، فإن الإلكترونات تنتج جسيمات افتراضية غير قابلة للكشف تخبر الأشياء الأخرى كي تبتعد أو تقترب منها.

على الرغم من أن هاتين النظريتين قد ساعدتا العلماء على فهم الكيفية التي يتصرف فيها المغناطيس في جميع الحالات تقريباً، إلّا أنه لا يزال هناك جانبين مهمين للمغناطيسية لم يتم تفسيرهما بعد: لماذا يمتلك المغناطيس دائماً قطباً شمالياً وآخر جنوبي، ولماذا تقوم الجزيئات بتوليد المجالات المغناطيسية في المقام الأول.

لماذا تتغوط الكلاب وهي تتوجه نحو الجهة الشمالية أو الجنوبية؟

هل تعلم أن الكلاب تفضل التغوط وجسمها موازي لمحور الشمال والجنوب من المجال المغناطيسي للأرض؟ ولكن العلماء لا يزالون غير قادرين على شرح السبب حقاً.

وجدت دراسة أجريت في عام 2014 أن الكلاب تفضل التغوط عندما يكون جسمها متوازياً مع اتجاه الشمال والجنوب الذي يحدده المجال المغناطيسي الأرضي.

ولكن على الرغم من أن الكلاب من كلا الجنسين يحاولون موازاة أجسامهم مع المحور الشمالي أو الجنوبي أثناء التغوط، فإن الإناث فقط يفضلن التبول وأجسامهن متوازية مع محور الشمال أو الجنوب، حيث لم تظهر الذكور هذا التفضيل بشكل كبير.

ينضم هذا الاستنتاج الغريب إلى قائمة طويلة ومتزايدة من البحوث التي تبين بأن الحيوانات – سواءً البرية أو المدجنة – يمكنها الشعور بالمجال المغناطيسي الأرضي وتنسيق سلوكها معه، حيث كشف تحليل تم إجراؤه في عام 2008 لصور مأخوذة من الأقمار الصناعية لجوجل بأن قطعان الماشية في جميع أنحاء العالم تميل للوقوف في اتجاه الشمال والجنوب من الخطوط المغناطيسية الأرضية عند الرعي، بغض النظر عن اتجاه الرياح أو الوقت من اليوم.

من ناحية أخرى، تشير بعض البحوث بأن الطيور تستخدم أيضاً الحقول المغناطيسية للهجرة لآلاف الأميال، حيث وجد تقرير تم إجراؤه في عام 2013 بأن الحمام يمتلك كرات مجهرية من الحديد في آذانه الداخلية، وأن هذا قد يكون المسؤول عن حساسية الحيوانات للحقل المغناطيسي الأرضي.

يمتلك البشر أيضاً قدرة مماثلة، حيث أن البروتين في شبكية العين البشرية قد يساعد بعض الأشخاص على الشعور بالمجالات المغناطيسية، ولكن الأبحاث في هذا المجال وغيره الكثير من الظواهر المغناطيسية الأرضية ذات الصلة لا تزال أولية، وبالتالي غير حاسمة تماماً.

الجدير بالذكر أن الباحثين كانوا قد وجدوا أيضاً أنه عندما يكون المجال المغناطيسي للأرض في حالة تغير مستمر – كما هو الحال عند التوهجات الشمسية والعواصف المغناطيسية الأرضية وغيرها من الحالات – فإن توجه الكلاب بين الشمال والجنوب يكون أقل قابلية للتنبؤ، وأنه فقط عندما يكون المجال المغناطيسي هادئاً كان باستطاعة الباحثين مراقبة المحاذاة بين الشمال والجنوب.

ما الذي يسبب قوة الجاذبية

جميعنا يعرف الجاذبية, تلك القوة الخفية التي تسحبنا إلى الأرض، ولكن على الرغم من أننا جميعاً تعلمنا الكثير عن الجاذبية في الفصول الدراسية، إلّا أن العلماء لا يزالون غير متأكدين من السبب الذي يجعلها توجد في الأساس.

في أعمق أعماق الفضاء، تقوم الجاذبية بربط جزيئات المادة معاً لتشكيل المجرات والنجوم والثقوب السوداء وما شابه ذلك، وعلى الرغم من أنها منتشرة بشكل هائل جداً، إلّا أن الجاذبية تعد أضعف القوى في الكون، وهذا الضعف جعلها واحدة من القوى الأكثر غموضاً أيضاً، حيث أنه لا يمكن للعلماء قياسها في المختبرات بالسهولة التي يمكنهم فيها الكشف عن آثارها على الكواكب والنجوم، فالتنافر بين بروتونين موجبي الشحنة، على سبيل المثال، يكون أقوى بـ 1036 مرة من قوة سحب الجاذبية بينهما.

بحسب عالم الفيزياء (مارك جاكسون) من مختبر فيرمي في إلينوي، فإن الجاذبية تختلف تماماً عن غيرها من القوى التي يصفها النموذج القياسي الفيزيائي، فعند القيام ببعض العمليات الحسابية حول تفاعلات الجاذبية الصغرى، فإنك ستحصل على أجوبة غبية، لأن المعادلات الأساسية لا تنطبق عليها ببساطة.

على الرغم من أن الأرقام قد لا تنسجم، إلّا أن علماء الفيزياء يمتلكون حدساً حول كون سبب الجاذبية يعود إلى شبح الجاذبية غير المرئي: وهو عبارة عن جسيمات صغيرة عديمة الكتلة تدعى “gravitons” تطلق حقول الجاذبية، وبناء على هذه الفرضية، فإن كل حبة افتراضية من هذه الجسيمات تسحب كل جزء من المادة في الكون بسرعة تساوي سرعة الضوء، ولكن إذا كانت هذه الجزيئات منتشرة إلى هذا الحد في الكون، فلماذا لم يتم العثور عليها من قبل علماء الفيزياء حتى الآن؟

تبعاً لـ(مايكل تيرنر)، وهو عالم في الكونيات في جامعة شيكاغو، فنحن قادرون على كشف الجسيمات عديمة الكتلة مثل الفوتونات بشكل جيد، ولكن جزيئات الـ(gravitons) هي جزيئات مراوغة لأنها تتفاعل بقوة ضعيفة جداً مع المواد، لذلك فإن العلماء لا يعرفون كيف يمكنهم اكتشاف واحدة ببساطة.

لماذا تخر القطط

من القطط المنزلية إلى الفهود، تنتج معظم أنواع السنوريات صوت “يشبه الخرير”، وذلك وفقاً لأستاذة الطب البيطري في جامعة كاليفورنيا، ديفيس، (ليزلي ليون)، ولكن بالنسبة للقطط المنزلية، فإنها تخرّ في مجموعة من الحالات، فهي تخر عندما ترضع صغارها، أو عندما يتم التربيت عليها من قبل البشر، وحتى عندما تشعر بالتوتر، هذا صحيح القطط تخر عندما تكون سعيدة وبائسة على حد سواء، وهذا ما جعل مهمة العلماء في معرفة وظيفة الخرير شاقة للغاية.

أحد الاحتمالات تشير بأن الخرير يشجع نمو العظام، حيث توضح (ليون) بأن الخرير يصدر ترددات صوتية يتراوح نطاقها بين 25- إلى 150 هيرتز، ويبدو بأن هذا النطاق يحسن من كثافة العظام والتئام الجروح، ولأن القطط تحافظ على طاقتها من خلال النوم لفترات طويلة من الزمن، فقد يكون الخرير آلية منخفضة الطاقة للحفاظ على عضلاتها وعظامها بصحة جيدة من دون الاستفادة منها فعلياً.

بالطبع، فإن القطط تخر حتى عندما لا نكون متعرضة للاصابة، والعديد من القطط المنزلية تستخدم الخرير كإشارة إلى الجوع على سبيل المثال، حيث أظهرت دراسة حديثة تم إجراؤها في المملكة المتحدة أن بعض القطط طورت خريراً خاصاً لطلب الطعام من أصحابها، وهذا النوع من الخرير يتضمن نوعاً من البكاء الذي تماثل تردداته لتلك التي يصدرها صغار البشر، وهكذا تقوم القطط باستغلال سيكولوجية أصحابها من أجل الحصول على المزيد من الطعام.

ومع ذلك، فإن هذه الدراسة لا تفسر السبب الذي يجعل القطط تخر في جميع الحالات، وعلى الأرجح فإن العلماء لن يعرفوا المزيد من الإجابات حتى تعلم القطط كيفية التكلم كالإنسان …

 

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير