التصنيفات: متفرقات

تبعاً للعلم: عليك الحذر من الأشخاص المهذبين

هل سبق وأن كنت يوماً في حفل موسيقي أو حدث رياضي والتقيت بشخص جديد وكان هذا الشخص لطيفاً جداً بتعامله معك؟ شخص مهذب أكثر من اللازم لدرجة أنه جعلك تتساءل إن كان معحب بك حقاً أو أنه يريد أن يخبرك بشيء لا تعلمه، أو أنه يحاول الحصول على شيء منك، كل هذه الأسئلة وأكثر من ذلك يمكن تمر في رأسك عندما تقابل شخصاً مهذباً للغاية في حديثه.

أظهرت البحوث التي تم إصدارها في كانون الثاني/ ديسمبر من عام 2015 بأنه قد يكون من الأفضل أن تتعاطى مع سلوك هؤلاء الأشخاص ببعض من الحذر في البداية، فتلقي المجاملات العادية والآداب الاجتماعية هو أمر جيد، ولكن إذا كان شخص ما يتملقك لغير سبب واضح، فإن هذا يمكن أن يكون علامة غير مريحة.

أعلن الاجتماع السنوي لجمعية اللسانيات الحاسوبية في بكين (AMCAL) مؤخراً عن نتائجه التي أشارت إلى أن أولئك الذين يعتبرون “مهذبين بشكل مفرط” يكونون أكثر احتمالاً للخيانة من أقرانهم أو رفاقهم العاديين.

قام الباحثون في (AMCAL) بالمشاركة في دراسة معمقة في لعبة (Diplomacy)، وهي لعبة إستراتيجية يقوم فيها اللاعبون بمحاكاة فترة ما قبل الحرب العالمية الأولى في أوروبا.

الغوص في لعبة (Diplomacy)

بدلاً من استخدام النرد، والبطاقات أو الأشكال الأخرى من وسائل اللعب المألوفة، اعتمد اللاعبون فقط على مهاراتهم في التلاعب الاجتماعي، وعلى اعتبار أن عنوان اللعبة كان يدل على طريقة لعبها، كانت التحالفات الدبلوماسية هي الجوهر الحقيقي للعبة، وقد حاول الباحثون الحصول على دلائل تشير إلى الأفعال التي يخطط اللاعبون للقيام بها اعتماداً على الحوارات فيما بينهم.

استطاع العلماء توثيق أمثلة ثابتة عن الخيانة في تقريرهم، والأمر الصادم هو العلاقة التي اكتشفها العلماء بين وقوع الخيانة والتغيرات المفاجئة في لهجة التخاطب قبل حدوثها، حيث لاحظوا أن المحادثات كانت تتحول من الوتيرة المتوسطة أو الهادئة لتتضمن مشاعر إيجابية واضحة، وتهذيباً مبالغاً به قبيل وقوع الخيانة.

التأديب المفرط إشارة على استبطان الشر

في إحدى المحادثات التي توضح هذه العلاقة بشكل خاص، كان اللاعب الذي أخذ دور ألمانيا واللاعب الذي أخذ دور النمسا يتحدثان عن كيفية الجمع بين قواهم للقضاء على تهديدات معينة، حيث وافق لاعب النمسا بسهولة على اقتراح لاعب ألمانيا بنقل قواته المسلحة شرقاً، ولكن بعد ذلك قام لاعب النمسا بغزو لاعب ألمانيا على وجه السرعة، رامياً بحديثهما كاملاً عرض الحائط وخائناً للثقة التي منحه إياها الأخير.

بالتزامن مع هذا التقرير، علق الباحثون بأن اللعب اللطيف والمهذب بطريقة مفرطة هي إحدى إستراتيجيات الحرب الكبرى، فأولئك الذين يكونون خارج دائرة الشبهات ويعطون شعوراً عاماً بالطمأنينة، يظهرون وجههم المشرق أمام الجميع ومن ثم يضربون المكان الذي يريدونه ولا يتوقعه الآخرون متى سنحت لهم الفرصة بذلك.

كما أوضح فريق البحث بأن جهاز الكمبيوتر استخدم المعلومات التي تم تزويده بها للتنبؤ بدقة بحالات الخيانة بنسبة نجاح وصلت إلى 57%، وهذا يعتبر معدل مرتفع ومستغرب، ولا سيما بالنظر إلى أن الدليل الوحيد المستخدم هو الطبيعة اللغوية.

تطبيق هذه الأمر على العالم الحقيقي

على الرغم من الدلائل التي قدمتها هذه الدراسة، فلم تكن هناك بيانات موثوقة بما فيه الكفاية لرؤية هذه المفاهيم وهي تؤثر على العالم الحقيقي، فكون الشخص مهذباً أكثر من اللازم في لعبة دبلوماسية قد يحمل بعض الفائدة على الصعيد الترفيهي، ولكن بغية تطبيق هذه البيانات واستخدامها في مواقف الحياة الحقيقية، يجب أن يتم إجراء دراسات أكثر تعمقاً، تنظر بتمعن إلى عادات البشر وهم يمضون في حياتهم اليومية.

بحسب (دانيسكو نيكوليسكو ميزيل)، عالم الكومبيوتر في جامعة كورنيل، فإنه على الرغم من أن هذه الدراسة أنتجت معلومات قيمة، فإنه لا ينبغي أن تستخدم كأساس وحيد للحكم على الأشخاص الآخرين، ومن وجهة نظره فإن مراقبة التوازن العام في اللغة والسلوك في العلاقة بين شخصين هو العلامة الأقوى للتنبؤ بالسلوك المستقبلي بينهما، فالحكم على الأشخاص لكونهم مهذبين أكثر من اللازم يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار عند إصدار حكم عقلاني عنهم، ولكن هذا ينبغي أن يؤخذ في سياق العلاقة بإطارها الأكبر.

 

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير