الهيدرا هو جنس من حيوانات المياه العذبة التي تملك جسماً بتماثل شعاعي.و هي حيوانات مفترسة وتابعة لشعبة القرّاصات (اللاسعات) (Cnidaria) من صف الهدرَوانيات (Hydrozoa). يمكن ايجادها في غالبية الجداول, البحيرات, ومستنقعات المياه العذبة الغير ملوثة في المناطق المعتدلة والاستوائية عن طريق تجذيف شبكة صغيرة بهدوء من خلال المناطق المليئة بالاعشاب داخل المياه. طولها يتراوح بضع الميليمترات ويمكن بحثها بشكل سهل باستخدام الميكروسكوب البسيط. تشكل اهتماماً كبيراً لدى البيولوجيين بسبب قدرتها المذهلة على التجدد (regeneration); وبسبب أنها لا تغير شكلها بعد البلوغ وبسبب أنها لا تموت لمجرد وصولها لجيل معين. على الرغم من ذلك, ليس هنالك اجماع علمي على كون الهيدرا تمر بمرحلة هَرَم (شيخوخة, senescence), كما سنبين ادناه.

اقرأ أيضاً:

رحلة سريعة داخل الوحدة البنائية للكائنات: الخلية الحيوانية

كيف قدمت لنا بعض الحيوانات حلول فعالة لكثير من الأمراض الخطيرة؟

تشكّل الهيدرا (مورفولوجي):

تملك جسماً اسطوانياً محمياً من قبل قدم لزجة بسيطة تدعى الاسطوانة القاعدية (basal disc). خلايا غددية في  الاسطوانة القاعدية تفرز سائلاً لزجاً والذي يقدم لها خاصية اللزوجة.

الطرف الحر من الجسم هو عبارة عن فم محاط بواحد حتى اثني عشر مجساً متحركاً ودقيقاً. كل مجس منها (cnida) مكسو بخلايا لاسعة متخصصة جداً تدعى cnidocytes. هذه الخلايا تحوي مبنىً متخصصاً يدعى nematocytes, والذي يظهر كمصابيح اضاءة صغيرة مع طرف خيطي ملفوف إلى داخلها. في الطرق الرفيع الخارجي من هذه الخلية هنالك شعر قصير حساس لتغيرات البيئة ويدعى cnidocil. عند لمس الفريسة, محتوى هذه الخلية يخرج بشكل سريع إلى الخارج, يطلق خيطاً شبيهاً بالرمح والذي يحوي سماً عصبياً إلى أي شيء يمكن أن يحرر فيه السم الذي باستطاعته شل حركة الفريسة, خصوصياً عندما تكون مئات من خلايا الـ nematocysts مشتركة في اللسع.

تملك بالاساس طبقتين في جسمها مفصولة عن طريق الـ mesoglea, مادة شبيهة بالهلام. الطبقة الخارجة هي البشرة أو بتسميتها الأصح الأدمة (epidermis), والطبقة الداخلية تدعى الأَدَمَة المَعِدِيّة (gastrodermis). الخلايا المكونة لهذه الطبقتين بسيطة نسبياً. الهيدراماسين (Hydramacin) هو بروتين تم اكتشافه مؤخراً في الهيدرا, والذي يحمي الطبقة الخارجية من التلوث.

الجهاز العصبي :

لها هو شبكة عصبية, بسيطة التركيب نسبة للجهاز العصبي عند الثدييات. لا تملك مخاً يمكن تمييزه ولا عضلات حقيقية. الشبكات العصبية في جسمها تملك خلايا مستقبلة ضوئية وخلايا حسيّة موجودة على جدار جسمها وعلى مجسات الـ cnida.

التنفس والافراز في جسمها يحصل عن طريق الانتشار (Diffusion) من خلال الطبقة الخارجية, الـ epidermis.

الحركة والتنقل:

اذا احست بالخطر او تم مهاجمتها, بامكانها تقليص مجساتها إلى براعم صغيرة, وعمود الجسم نفسه بامكانها تقليصه إلى كرة هلامية صغيرة. تقوم بردة الفعل هذه من غير اعتبار لاتجاه التنبيه, وهذا بالامكان تفسيره بسبب بساطة شبكتها العصبية.

تكون بشكل عام ثابتة (sedentary) أو واطئة (sessile), لكنها تتحرك احياناً بانفعال شداد, خصوصاً عندما تصطاد الفرائس. تقوم بذلك عن طريق الانحناء ووصل نفسها بالقاعدة عن طريق الفم والمجسات ومن ثم تحرير القدم, والتي تشكل الوصلة الحقيقية. من ثم يقوم الجسد بالانحناء مرة اخرة ويصنع لنفسه قاعدة جديدة لقدمه. عن طريق عملية التشقلب هذه بامكان الهيدرا التقدم لبضفة سنتمترات (تقريباً 100 مم) خلال يوم كامل. بامكان الهيدرا ان تتحركة حركة أميبيّة (مثل الحيوان احادي الخلية الأميبا) لقاعدتها او ببساطة عن طريق تحرير القاعدة ومن ثم العوم مع تيار المياة.

كيف تتكاثر الهيدرا ؟

عندما يكون الطعام وافراً, تتكاثر بغالبيتها بطريقة لاجنسية عن طريق إنبات “براعم” على جدار جسدها, والتي تنمو لتصبح هيدرا بالغة ببساطة عن طريق تحررها من الهيدرا الأم فور بلوغها. عندما تكون الظروف صعبة, غالباً قبل الشتاء او في حالات عدم توفر الطعام, يقوم بعضها بالتكاثر جنسياً. انتفاخ في جدار الجسم يتطور إلى خصية أو مبيض بسيطان. الخصية تحرر خلايا عِرْسيّة (جنسية – gametes) والتي تسبح بحرية إلى الماء, وهذه تستطيع الوصول إلى هيدرا اخرى تملك رحماً من أجل ان تتم عملية الاخصاب. البويضات المخصبة تفرز غطاءً خارجياً صلبا, وهذا, في حال موت الهيدرا البالغة, تقوم هذه البويضات الخاملة بالسقوط إلى قاع البحيرة او المستنقع في انتظار ظروف افضل, ثم عندها تفقس إلى هيدرات بالفة مصغّرة. هي حيوان خنثي (ثنائي الجنس) والذي باستطاعته ابراز خصية ومبيض في نفس الوقت.

كثير من أعضاء عائلة الهدروانيات تمر بتحول في جسمها خلال عملية البلوغ من سليلة (polyp) إلى هيدرا بالغة تدعى المدوسة (medusa, قنديل البحر). على الرغم من ذلك, جميع الهيدرات, على الرغم من كونها من الهدروانيات, تبقى في وضعية سليلة (polyp) طوال حياتها.

الغذاء:

الهيدرا تتغذى بالاساس على لافقريات مائية صغيرة مثل براغيث الماء (نوع من السرطانات الصغيرة جداً) والجادفات (جنس من القشريات).

من أجل أن تتغذى, تقوم الهيدرا بتمديد جسمها إلى أقصى طول ممكن ومن ثم تقوم بتمديد مجساتها ببطء. على الرغم من بساطة مبناها, مجسات الهيدرا ذات قدرة كبيرة جداً على التمدد وتستطيع ان تصل إلى أربعة أو خمسة أضعاف طول الجسم. عندما تكون هذه المجسات ممتدة لأقصى درجة, تقوم هذه المجسات بالمناورة البطيئة حول جسم الهيدرا بجميع الاتجاهات انتظاراً لأي لمسة من فريسة ملائمة. عند تحدث هذه اللمسة الأولى, تُقذف الأكياس الخيطية (nematocytes) الموجودة على المجسات إلى داخل الفريسة ويقوم بمحاولة الالتفاف على الفريسة للسيطرة عليها. خلال 30 ثانية, تكون معظم المجسات الباقية قد انضمت من أجل كبت الفريسة تماماً. خلال 10 دقائق, تكون الفريسة قد تم بلعها إلى داخل تجويف الجسم, وتبدأ حينها عملية الهضم. تستطيع الهيدرا أن تقوم بشد وتمديد جسمها لكي يلائم هضم فريسة قد تصل إلى ضعفي حجمها. بعد يومين او ثلاثة, المواد الغير مهضومة من جسم الفريسة تخرج من فم الهيدرا عن طريق تقليص الجسم.

تصرف التغذية الذي تقوم بع الهيدرا يبرهن التعقيد المعين الموجود في جسم الهيدرا والذي يبدو أنه جهاز عصبي بسيط.

بعض أنواع الهيدرا تعيش في علاقات متبادلة مع بعض انواع الطحالب احادية الخلية حيث تقوم الهيدرا بحماية الطحالب وبالمقابل تزود الطحالب الهيدرا ببعض الغذاء الذي تنتجه عن طريق التمثيل الضوئي.

تعويض الشكل:

أخبر علماء البيولوجيا من القرن التاسع عشر أن الهيدرا بسيطة إلى درجة انه يكفي تمريرها بقوة خلال شاش (المستعمل في التضميد) من أجل فصلها إلى خلايا منفردة; ومن ثم اذا تركنا هذه الخلايا لوحدها بجانب بعضها فإنه بامكانها تجميع جسمها لتشكيل هيدرا كاملة من جديد.

الهيدرا بإمكانها تعويض الشكل (تجديد النسيخ الخلوي) عندما تتم اصابتها.

الشيخوخة:

كثيراً ما ظن العلماء ان الهيدرا هي من الحيوانات القليلة التي لا تصل إلى مرحلة الشيخوخة, وبذلك تم اعتبارها خالدة بيولوجياً. اتضح لاحقاً بأن دانييل مارتينز ( Daniel Martinez ) استطاع توفير اثبات لهذه الفرضية عام 1998 في مقالة بمجلة ” Experimental Gerontology” هذا النشر تم اقتباسه بشكل واسع كاثبات على أن الهيدرا هو حيوان لا يصل لمرحلة الشيخوخة وبالتالي كان هذا اثباتاً لوجود حيوانات التي لا تصل لسن الشيخوخة (لا تموت بيولوجيا) بشكل عام. رغم هذا, في عام 2010, باحث باسم استب (Estep) نشر ( في نفس المجلة) رسالة إلى المحرر يدعي فيها أن المعلومات التي وفرها مارتينز تدعم اكثر من انها تنفي النظرية بأن الهيدرا حيوان يصل إلى مرحلة الشيخوخة (ليس خالداً من ناحية بيولوجية).

جينوم:

مسودة من جينوم الهيدرا من نوع Hydra magnipapillata تم التصريح عنها عام 2010.

فيديو عن حيوان الهايدرا

التصنيف العلمي لحيوان الـ hydra hydra:

مملكة: الحيوانات Animalia

تحت مملكة: التَّوالِي الحَقيقِيَّة Eumetazoa

الشعبة: القرّاصات Cnidaria

تحت شعبة: Medusozoa

صف: الهَدْرَوانِيات Hydrozoa

تحت صف: Leptolinae

رتبة: Anthomedusae

تحت رتبة: Capitata

العائلة: Hydridae

الجنس: هيدرا Hydra

أنواع الهيدرا المعروفة اليوم:

Hydra americana
Hydra attenuata (or Hydra vulgaris)
Hydra canadensis
Hydra carnea
Hydra cauliculata
Hydra circumcincta
Hydra hymanae
Hydra littoralis
Hydra magnipapillata
Hydra minima
Hydra oligactis
Hydra oregona
Hydra pseudoligactis
Hydra rutgerensis
Hydra utahensis
Hydra viridis
Hydra viridissima
Hydra vulgaris

المصادر:

Encyclopædia Britannica

LIFE IN FRESHWATER

شارك
نشر المقال:
علاء جسار