التصنيفات: غير مصنف

أداة لصيد الخلايا السرطانية من الدم!

في عام 1869 قام الطبيب الأسترالي (توماس أشوورث) بفحص عينة مأخوذة من دم امرأة كانت قد توفيت نتيجة لإصابتها بمرض سرطان الثدي، وبعد معاينة الدم تحت المجهر، لاحظ أن الدم يحتوي على خلايا متطابقة مع الخلايا التي كانت موجودة في الورم السرطاني، ومن خلال هذه الملاحظة استنتج (أشوورث) أن هذه الخلايا الكبيرة والغير طبيعية في الدم تنتقل عبر كامل أنحاء الجسم، وأشار إلى أن هذه الخلايا كانت على الأرجح تتحرك خلال الدورة الدموية مكونةً بذلك سلسلة من الأورام السرطانية.

في تقرير جديد تم نشره في مجلة (Science)، أشار خلاله باحثون من مستشفى ماساتشوستس العام إلى أنهم استطاعوا التقاط الخلايا السرطانية التي تنتشر في أجسام بعض المرضى الذين يحاربون مرض السرطان، ثم قاموا بزراعة هذه الخلايا في المختبرات لتجربة بعض أنواع الأدوية عليها، وهذه الدراسة تمهد الطريق للباحثين لإجراء دراسات تشخيصية على الخلايا السرطانية الخاصة بكل مريض.

يعد وجود الخلايا السرطانية المنتشرة في الدم أمراً نادراً جداً، أي ما يقارب خلية واحدة لكل مليار خلية موجودة في دم المريض، ولكن مع ذلك استطاع الباحثون تحديد والتقاط هذه الخلايا السرطانية من دماء ستة مرضى يعانون من سرطان الثدي المتقدم، ثم القيام بزراعتها، والإبقاء عليها حية وجعلها تتكاثر، ويعود الفضل في هذا الاكتشاف للعلماء من جامعة بايلور أولاً، كونهم توصلوا للطريقة التي من الممكن من خلالها زراعة الخلايا السرطانية المأخوذة من الدم، وثانياً للعلماء من جامعة بوسطن، الذين تمكنوا من وضع هذه الخلايا في أوعية دقيقة، واختبار ما إذا كان يمكن قتل هذه الخلايا باستخدام أحد العلاجات الدوائية.

يشير (دانيال هابر)، وهو عالم أورام في مستشفى ماساتشوستس العام ورئيس الدراسة، إلى أن هذه التقنية قد تساعد على حل الكثير من الحالات الشائعة، التي تتمثل بعدم استجابة المريض للعلاج الأولي، حيث تمكّن هذه التقنية الطبيب من معرفة نوع الخلايا السرطانية التي يقوم بمعالجتها.

الجهاز الذي يستخدمه مستشفى ماساتشوستس العام لتمييز الخلايا السرطانية، يدعى (CTC-iChip)، والذي استغرق بناءه حوالي الثلاث سنوات، ويعتبر هذا الجهاز أحد أكثر الأجهزة تقدماً، حيث يقوم على مبدأ وضع قوارير الدم في آلة تعمل على تحريكها ذهاباً وإياباً حتى تتساقط قطرات من السائل إلى سلسلة من القنوات الصغيرة التي تعمل على فصل خلايا الدم العادية عن الخلايا السرطانية، وبعد مضي حوالي نصف ساعة من الوقت، لا يتبقى داخل القوارير سوى عدد قليل من الخلايا السرطانية النادرة.

لا يعتبر بعض الأطباء آلية التشخيص الشخصي للخلايا السرطانية أمر قد يوفر لهم المساعدة في علاج المرضى، فالمشكلة تكمن بأن هذا النوع من الفحوصات يحتاج إلى فترة أشهر لتنمو الخلايا المأخوذة من الدم وأغلب المرضى لا يمتلكون كل هذا الوقت، كما أنه من غير المؤكد بعد إن كانت الخلايا السرطانية الموجودة في الدم تتطابق تماماً مع التي توجد في الورم، مما يعني أنه من غير المعروف إن كان الورم سيتجاوب مع الدواء، بالطريقة ذاتها التي تتجاوب بها الخلايا المسحوبة من الدم مع الدواء.

ولكن مع جهة ثانية، قد تكون هذه الدراسة مهمة في معرفة كيفية حدوث انتقال الخلايا عبر الجسم كما أشار (أشوورث)، فالبرغم من أن انتقال الخلايا عبر الدم أصبح أمراً معروفاً، إلّا أنه من غير المعروف حتى الآن ما الذي يجعل الخلية تنتقل وكيف تستطيع الإفلات والفرار مع الدم والالتصاق في مكان آخر.

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير
الوسوم: سرطان