بارز

بداياتي الرقمية

استخدام أول جهاز حاسوب شخصي في التعليم

عرب رام، Sinclair

جهاز عرب رام وهي التسمية العربية للجهاز البريطاني الصنع سينكلاير SINCLAIR ZX Spectrum، وشعاره الرسمي كان النخلة تتوسط اسم الجهاز، ولا أذكر بصراحة الشركة المعنية التي قامت بتعريب الجهاز، ولو أنه من المفترض أن اسم الجهاز العربي هو نفس اسم الشركة ولو بشكل مقرب، والتي كانت تعتبر أول محاولة تعريب لجهاز لا ينطق إلا باللغة الإنجليزية، وذلك في أوائل حقبة الثمانينات، فقد كنت أنا وأخي وقتها نتعلم الرياضيات والعلوم، وبرامج تعليمية أخرى، وأتذكر هنا أنه كان بالإمكان تعلم لغة البرمجة القديمة المشهورة والمعروفة وهي بيسيك BASIC، وكانت هناك أشرطة ممغنطة تستطيع عبرها تعلم كيفية استخدام الجهاز وتشغيل تلك البرامج التعليمية، والجهاز يتم تركيبه على شاشة تلفاز من النوعية القديمة، وعلى جهاز الحاسوب عرب رام يتم تركيب جهاز تسجيل والذي عبره يتم وضع فيه الأشرطة الممغنطة القديمة المعروفة والمخزن في البرامج التي كانت الشركة قامت بالتسجيل عليها، وكان وقت تحميل البرنامج يستغرق وقت من دقيقتين إلى أربعة دقائق، وكانت تظهر رسومات تبين ذلك حتى يتم تحميل البرنامج الذي تم تشغيله بالكامل، ونعم لقد كانت تجربة فريدة فعلا في الدخول إلى العالم الرقمي آنذاك، من ناحية التعلم لا فقط اللعب.

الحاسوب الشخصي صخر MSX واستخدامي الأكثر له

صخر Msx

نعم وهل يخفى هذا القمر الشهير في عالم أجهزة الحواسيب الشخصية، والذي انتشر بسرعة البرق في عالمنا العربي؟ فقد أحدث تحولا كبيرا في طريقة عرض برامجه على أشرطة كبيرة ومغلقة Cartridge Tapes، سواء أكانت تخص البرامج التعليمية أو الألعاب التي كان يتم برمجتها على هذه الأشرطة، وقد كانت موجودة على صخر الذي عمل على أنظمة MSX ، وعلى أجهزة 150 AX، ومن بعده صخر 170 AX، ومن بعده صخر 350 AX وأيضا صخر AX 350II وكان هذا الجهاز بالأخص لأول مرة يحتوي على مكان للأقراص الممغنطة ذات مقاس 3.5 إنش بحجم 1.44 ميجا بايت، وأذكر هنا أني استخدمت بعض البرامج التي قامت شركة الأقصى للحاسب الآلي – برق BARQ بعملها ولكن كانت بحسب ما أذكر برامج هي كانت على الأشرطة المغلفة الكبيرة، وتم وضعها في الشريط الممغنط الصغير، والتي تعتبر سابقة مهمة في التعرف على أول وحدة تخزين من الممكن أن تكون خارج جهاز الحاسوب، بعد أن كان تسجيل البرامج على الأشرطة الممغنطة التي كانت معروفة أيام الثمانينات والتسعينات، وسيأتي في بادر القارئ عن هل الثلاثة نماذج الوحيدة التي أنتجت لصخر، ولماذا تكن هناك نماذج أخرى، والجواب هو أنه كانت عدة نماذج ولو بحثت في الإنترنت فسترى العديد من النماذج الخاصة بصخر بأشكال وألوان حتى مختلفة.

صخر Msx 2

كثيرون من هم من مواليد السبعينات عاشوا فترة تجربة البرامج والألعاب على أجهزة صخر في أيام الثمانينات والتسعينات، حيث يرون أن لها رونقها وبساطتها ومتعتها، ومن ضمن هذه الألعاب كانت لأجهزة اشتهرت في العالم العربي وبشكل كبير جدا لهذه الأجهزة أذكر أمثلة هنا: القرآن الكريم، وتاريخ العرب وعالمنا العربي واختبر معلوماتك واختبر ذكاءك وابن سينا وسيبويه وغيرها من البرامج التي أنتجتها الشركة العالمية، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من البرامج والتطبيقات، سواء التي أنتجتها العالمية أو شركة الأقصى للحاسب الآلي “برق” الكويتية، أو الألعاب التي تنتجها شركة كونامي KONAMI اليابانية، وذلك بين عامي 1983و1984، والتي كانت على أنظمة MSX وMSX2، وهي شراكة بين الشركة العالمية Alalamiah والتي مقرها ومازال في الكويت،  ولو أن حرب خليج الثانية، أجبرت الشركة على نقل مقرها إلى مصر، إلا أنها رجعت، ولكن تم إيقاف مشروعها لأسباب غير معروفة، وبالنسبة للتعريب، فقد قامت شركة مايكروسوفت Microsoft الأمريكية بتعريب جهاز من صنع شركة ياماها YAMAHA اليابانية.

يذكر أن المشروع قد نجح نجاحا كبيرا، وقد تم بيع مئات الآلاف من الأجهزة، حيث تم بيع فئة AX-170 بالأخص فقط أكثر من ثلاثمائة ألف جهاز، وبينما كان الأردن وسوريا ومصر على وشك إنتاج أجهزة تعمل بنفس النظام، إلا أن شركة مايكروسوفت والمالكة الفعلية لنظام MSX، قامت بإيقافه في عام 1990، حيث كانت هناك أقوال تتحدث عن أن نظام التشغيل النوافذ العربية التي أنتجته الشركة العالمية، كان يبدو سيدمر نظام التشغيل ويندوز والتي وقتها تنوي إنتاجه شركة مايكروسوفت، فقامت بإيقافه.

العديد من الناس كانوا وما يزالوا متيّمون ومولعون بتلك البرامج والألعاب على أجهزة صخر بجميع نماذجها، فقام العديد منهم بنشرها على مواقع عديدة على الشبكة العنكبوتية أو على هيئة برامج تحاكي النظامان من الممكن تنصيبها على أجهزة الحواسيب الحالية.

استخدامي للحاسوب الشخصي المتوافق مع نظام حاسوب IBM

صورة لجهاز من نوع داتاميني Datamini بمعالج 80286

شخصيا بدأت في تعلم هذا الجهاز العجيب بعد بدايات تعلمي على صخر بفترة ليست بالكبيرة، وذلك عندما كنت في الصف الخامس الابتدائي في المدرسة التي تعلمت فيها، والتي كما أسلفت سابقا كان والدي قد عمل فيها، وكان ذلك بالتحديد أيام حرب الخليج الثانية، حيث كنت وقتها في إجازة نصف سنة طويلة بسبب تلك الحرب ، وكانت فرصة التقيت بها من غير موعد، حيث بدأت أتعامل مع نوع آخر من الحواسيب، والتي كان يعرف وقتها بالحاسوب الإداري، فرأيت نفسي أني قد صعدت مرة واحدة لأتعلم DOS، حيث أزعم أني من أوائل من دخلوا هذا العالم الرقمي ومن أوسع أبوابه، فبدأت بتعلم هذا الحاسوب على يد أستاذي وأخي الكبير هو الأستاذ خالد بدير رحمه الله، وقد كان أستاذي يعمل في مدرسة أشرف على إدارتها والدي حفظه الله ورعاه، الذي كان قد بادر هو وأستاذي بعد أن تشجع لتعليمي على هذا الجهاز، حيث لاحظ والدي أن هذا من الممكن أن يكون له مستقبل لي، مما يعني أن هذه البيئة التعليمية كانت فرصة لا تعوض، وقد مرت بأجيال عديدة من المعالجات الحاسوبية 86 إلى 286 وبعدها 386، لكن أستاذي كان قد أنهى عمله في المدرسة وذهب إلى بلده، ولكني تفاجأت بسماع خبر وفاته، وقد حزنت جدا لما حصل له، وقد قلت لنفسي من بعد سفره كيف لي أن أكمل طريقي بدونه، ولكن هذه هي الحياة يجب الاستمرار فيها، وعمل ما يلزم لأجل مستقبلي والذي أمره فقط في يد صاحبه بعد التوفيق من رب العالمين.

أستاذي الذي علمني بدعم من والدي

أستاذي خالد بدير رحمه الله الذي كان له الفضل في تأسيسي الحاسوبي
تعليمي البرمجة

بدأ أستاذي بتعليمي الصيانة لهذا الجهاز وكان ذلك بداية عام 1988، وأيضا وفي نفس الوقت أثناء دراستي في المدرسة وعندما تعلمت البرمجة للغة BASIC على صخر، قام أستاذي رحمة الله عليه بتعليمي لغة dBASE III Plus وdBASE IV Plus، وأيضا CLIPPER وهي لغات برمجة لها صيتها وشهرتها لقواعد البيانات مثل ORACLE وSQL+، وفي تلك الأيام كنت قد قمت ببرمجة برنامج سميته الأصدقاء وهو عبارة عن برنامج أدخل فيه كل بيانات العائلة والأصدقاء وكل من أعرفهم، بمعنى آخر كأنه دليل بيانات لكل شخص قمت بإدخاله في هذا البرنامج، وقد كانت هناك كتب عديدة تختص بالثلاث لغات الخاصة بقواعد البيانات القديمة، وكان مؤلفها التقني المصري معروف وقتها مجدي محمد أبو العطا، وقد كان معروف وقتها على مستوى المنطقة في كتبه التي كان يقوم بإعدادها وتأليفها من أجل تسهيل من يريد التعامل مع هذه الأجهزة، وأن يقوم بما يلزم لتسهيل أموره الحياتية والعملية والوظيفية.  وإكراما لأستاذي الذي كان سببا رئيسيا بعد والدي، سألت أقربائه عن صورة له لكي أضعها بكل السبل، ولكن تفاجأت بصورة باهتت الألوان، وبما أننا في عصر رقمي له قوته في ضبط كل الصور القديمة، حاولت ضبط الصورة عن طريق الفوتوشوب، ولكن الأمر يحتاج إلى آلية لتحسين نقاوة وجودة الصورة لتكون بالشكل الذي يجب أن يكون، فقمت بتحسين الصورة بشكل كبير جدا عبر مواقع تعتمد على الذكاء الاصطناعي في ذلك وفعلا كانت الصورة التي ترونها الآن محددة المعالم بشكل كبير جدا خصوصا الوجه.

جهاز الربط الهاتفي إنتل ذات سرعة نقل 9600 بت في الثانية
تعليمي الربط بين طرفي الاتصال لمشاهدة المعلومات

قمت أيضا ومن خلال أستاذي رحمة الله عليه بتعلم كيفية الشبك بين جهازين عبر خط الإنترنت من خلال جهازي مودم خارجيين كل مودم مربوط بجهاز حاسوب، ويتم ذلك عبر الاتصال الهاتفي، وكانت هناك إمكانية المحادثة الكتابية عبره، والجهاز الذي في الصورة هو ذاته وهو من إنتاج شركة إنتل ذات سرعة نقل 9600 بت في الثانية الواحدة، وكانت في تلك الأيام تعد هذه السرعة في عملية نقل البيانات إنجازا كبيرا عند استخدامها من قبل المستخدمين، ويشابه عمل هذا الجهاز في أيامنا هذه، برامج عديدة تختص بالشبك للتحكم بالجهاز الآخر.

المجلات الحاسوبية التي تعاملت معها

التنافس الشديد بين مجلة بايت الشرق الأوسط ومجلة Pc Magazine الشرق الأوسط

إني أنقل لكم هذه الذكريات وكأنها حاصلة أمامي الآن، وكان من ضمن من تعلمت منه هو خلدون طبازة وهل يعقل لا أحد يعرفه الذي كان رئيس تحرير مجلة بايت BYTE الشرق الأوسط، والتي كانت تنافس بشدة مجلة آتية من دولة الإمارات العربية المتحدة وهي PC MAGAZINE الشرق الأوسط، وبالرغم أن المجلتان أجنبيتان إلا أن عمل نسخ تخص بمنطقتنا وبلغتنا هو شيء رائع جدا لمعرفة آخر الأخبار في عالم هذا الجهاز العجيب!

كانت المجلتان ترفقان مع أعدادهما الأقراص المرنة الممغنطة 5.25″و3.5″، حيث كانت تحتوي فيها العديد من البرامج تحت حالة التجربة، فيكون لديك مجال للعمل عليها، وفي حال انتهت فترة التجربة ورأيت أن هذه البرامج مفيدة بالنسبة لك، تقوم بشراء البرنامج لتستطيع استخدامها بشكل أبدي، ومن بعدها بدأت ترفق الأعداد بالأسطوانة المضغوطة Compact Disc، حيث تحتوي أيضا على العديد من البرامج، وفي مرات كانت المجلتان ترفقان معها بعض البرامج الصغيرة المجانية، أو أمور أخرى صغيرة من الممكن استخدامها بشكل شخصي.

الشركات الأردنية والعربية على مستوى إبداعي التي عرفتها

شركات التعريب
بطاقة Nadim، نديم

نعم شركات أردنية عديدة لها قدراتها الرائعة في الإبداعي التقني الحاسوبي، فكانت من ضمن هذه الشركات سدكو SEDCO وهي اختصار لاسمها الكبير الشركة الدولية للأنظمة والتطوير الإلكتروني، وقد قامت بإنتاج كرت أمير AMIR، حيث كان يتم تركيبه داخل جهاز الحاسوب الشخصي، وكان له منفذ الخاص به يظهر من خارج الجهاز كباقي البطاقات التي يتم تركيبها فيه، حيث أن المنفذ يختص بتركيب سلك الطابعة عليه، ولكن يجب برمجة القوائم التي ستظهر على الشاشة من خلال لغات البرمجة التي كانت تستخدم وقتها، لكي تكون باللغة العربية، ومن ثم يتم طباعتها.

نفس الشيء بالنسبة لبطاقة أو كرت نديم NADIM، ولكن هذه المرة يتم تركيبه من خارج الجهاز، بحيث يكون بين الحاسوب والطابعة، وكان والدي يقوم بشرائها لأجل المدرسة التي كان يعمل بها، وقامت بعدها الشركة بعمل رقيقة إليكترونية في قلب طابعة إبسون EPSON النقطية، لتكون أول طابعة ثنائية اللغة إنجليزي عربي!

أما لماذا تم صناعة بطاقات أو كروت تعريب، فكان الأمر ببساطة أن محررات النصوص الإنجليزية، بين فترة وفترة تصدر شركاتها المبرمجة إصدارات جديدة وبالتالي هذا يعني أن التعريب يجب ان يكون على شكل إصدارات وهو في مجال الاستثمار ليس مجديا لمن أرادوا التعريب الكامل بدون أية تغييرات، فقاموا بصناعة هذه الكروت أو البطاقات فكان النجاح الباهر لهذه الفكرة الإبداعية.

يجدر الإشارة بأنه بعد ذلك بدأت شركات عربية بإنتاج برامج تعريب مثل النافذة من البحرين وسعودي سوفت من السعودية، عدا نظام التشغيل “النوافذ العربية” من شركة صخر، إلا أنه ومع الأسف شركة مايكروسوفت قامت بجمع كل ذلك لوضعها في برنامج التشغيل الخاص بها ويندوز!!!

شركات الحاسوب والبرامج

ذهبت أنا ووالدي أيام ذلك الزمن الجميل لنشتري جهاز حاسوب وكان وقتها من نوع تاتونج TATUNG والتي كانت تبيعها شركة الحاسبات والإلكترونيات gce، وتفاجأنا بأن سعر الجهاز لوحده معه محرك أقراص 5.25 إنش وأيضا 3.5 إنش فقط 2000 دينار، وقال أبي سآتي بالجهاز المرة القادمة إلى الأردن من السعودية حيث سيكون سعره رخيص إلا أن الجمارك كانت جعلت من الصعب إدخاله بسبب كلفة الجمارك على الجهاز.

شركات أتذكرها بشكل كبير، شركة الزين للتطبيقات البرمجية وبرنامجها ” أ ” الخاص بتحرير ومعالجة النصوص العربية على نظام أبل ماكنتوش، وشركة التراث وبرامجها الإسلامية والتعليمية والتاريخية، وشركات أخرى لها كل التقدير والاحترام التي عرفت من هو المهندس أو المبرمج الأردني الذي عرف مجال الحاسوب باحترافية.

ما حصل للدينار وحرب عام 1990 كانت علامة فارقة في ضرب هذا القطاع الحيوي جدا، وما كان قبل هذه الحرب شيء وما بعدها شيء آخر تماما، وخاصة أن الحظر الاقتصادي أثر على الأردن، وبالتالي لم تستطع شركات الصمود مع الأسف الشديد، فأغلقت شركات وهناك شركات حاولت أن تصمد وصمدت فعلا ولكن بصعوبة بالغة، أما متى سيرتفع هذا القطاع، فلن يرتفع إلا إذا كان بهمة الصادقين اتجاهه فقط سيرتفع، والإيمان بأن الأردن هو البيت الأساسي وفي نفس الوقت توفر الشروط الصحية والثابتة لحماية الاستثمارات في قطاع تقنية المعلومات.