التصنيفات: الصحة الجيدة

هل يمكن للنظام الغذائي تغيير مستويات الحديد في الدماغ

أظهرت دراسة حديثة بأن مستويات الحديد في الدماغ ترتبط مع الأنظمة الغذائية المختلفة، وذلك على الرغم من اختلاف آثاره بين الرجال و النساء، حيث أن المستويات المرتفعة من الحديد في الدماغ ترتبط مع حدوث العديد من  الأمراض العصبية، بما في ذلك التصلب اللويحي ومرض الباركنسون والزهايمر، كما تبين أنه حتى البالغين الأصحاء يتعرضون لزيادة تركيز الحديد في أدمغتهم مع تقدمهم في السن، ولكن حتى الآن لم يتم فهم الكيفية التي تؤثر بها العوامل البيئية، بما في ذلك النظام الغذائي، على مستويات الحديد في الدماغ.

قام الباحثون بإجراء دراسة تجريبية عن العادات الغذائية، تتضمن 190 متطوعاً من الأصحاء، وقد قاموا بربط كل نظام غذائي مع مستويات الحديد التي ينتجها في الدماغ، حيث أنهم قاموا بقياس هذه المستويات باستخدام تقنية عالية الدقة من التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)، ويعتقد الباحثون بأن هذه الدراسة هي الأولى من نوعها التي تتحقق من كيفية تأثير الغذاء على مستويات الحديد في الدماغ لدى الأشخاص الأصحاء.

تبعاً لـ (روبرت زيفادينوف)، وهو كبير  المؤلفين لهذه الدراسة، وأستاذ في علم الأعصاب في جامعة في كلية بوفالو للطب والعلوم الطبية الحيوية ومدير مركز بوفالو لتحليل التصوير العصبي، بأنه من بين جميع العوامل البيئية التي يمكن أن تؤثر على مستويات الحديد المفترضة، فإن النظام الغذائي يعتبر هدفاً جذاباً للتحقيق فيه، إلّا أنه يحذر من أن التباين الشديد للنظام غذائي بين الأفراد وحتى بالنسبة للفرد الواحد، يفرض على الباحثين تفسير نتائج الدراسة بعناية.

لماذا هناك اختلافات بين الجنسين

يشير (زيفادينوف) أن الباحثين كانوا قد افترضوا سابقاً بأن هناك اختلافات بين الجنسين، حيث افترضوا بأن هذه الفروق بين الجنسين في تركيز الحديد في الدماغ يمكن أن تعزى لآثار الهرمونات الجنسية، إضافة لحقيقة أن المرأة تفقد الكثير من الحديد بشكل منتظم من خلال الحيض والولادة.

قام الباحثون في الدراسة الجديدة، بدراسة العادات الغذائية لـ 129 امرأة و 61 رجلاً (متوسط أعمارهم 43.2)، وقد أدلى المتطوعون خلال الدراسة بجميع المعلومات التي تشمل كمية استهلاكهم لمنتجات الألبان والخضروات واللحوم الحمراء، ومعلومات حول تناولهم لمكملات الحديد والكالسيوم، وبعد ذلك تم إخضاع المتطوعين لفحوصات بالرنين المغناطيسي، حيث تم هذا الفحص باستخدام تقنية تصوير قوية للأعصاب تسمى (susceptibility-weighted imaging  “SWI”) تسمح بتقييم مستوى الحديد في أنسجة الجسم الحي.

الخضار ومنتجات الألبان

أظهرت النتائج أن زيادة استهلاك منتجات الألبان والخضار من قبل الرجال ارتبط مع ارتفاع مستويات الحديد في الدماغ، إلّا أن تناول منتجات الألبان من قبل النساء لم يؤثر على مستويات الحديد في دماغهن، في حين ارتبط تناول الخضروات مع انخفاض مستويات الحديد في أدمغتهن، ومن هنا تبين بأن زيادة تناول الخضروات يمكن أن يكون له تأثير مفيد على المرأة من حيث التأثير على انخفاض مستويات الحديد في المخ، إلّا أن هذه الآثار تكون سلبية على الرجال، وهذا ما دعا (زيفادينوف) للإشارة بأنه من الضروري إجراء المزيد من الدراسات الإضافية التي ينبغي أن تُجرى على كل من النساء و الرجال بشكل منفصل.

أضاف (زيفادينوف)، بأنه قد يكون هناك عوامل جنسية محددة تتفاعل مع تأثيرات الغذاء على تركيزات الحديد في الدماغ، فمثلاً، أظهرت النتائج وجود رابط ضعيف بين استهلاك اللحوم الحمراء أسبوعياً وزيادة مستويات الحديد في منطقة المهاد لدى النساء، ولكن هذا التأثير كان معكوساً بالنسبة للرجال في منطقة تلفيف الحصين، وهذا يمكن أن يشير إلى أن زيادة تناول اللحوم الحمراء يمكن أن يكون أمراً ضاراً إلى حد ما بالنسبة للنساء فيما يخص موضوع زيادة مستويات الحديد في المخ، ولكنه  ليس كذلك بالنسبة للرجال.

يعتزم الباحثون التأكد من نتائج هذه دراسة التجريبية من خلال إجراء دراسات أخرى على عينات مستقلة أكبر من الأفراد الأصحاء، كما أنهم يخططون أيضا للبحث في أنظمة غذائية أخرى أكثر تحديداً يعرف عنها بأنها تعزز أو تمنع امتصاص الحديد، وذلك للتحقق من مدى تأثير الهرمونات الجنسية وحبوب منع الحمل وفقدان الدم لدى النساء خلال مراحل الولادة والحيض في هذا السياق.

كان(زيفادينوف) والمؤلفون المشاركون له في هذا البحث قد قاموا سابقاً بدراسة مستويات تركيز الحديد في الدماغ، وخاصة لدى المرضى الذين يعانون من التصلب اللويحي والذين كان قد لوحظ لديهم وجود تراكمات للحديد في الدماغ حتى في المراحل المبكرة من المرض، وقد لاحظ (زيفادينوف) أن الكميات المفرطة من الحديد ترتبط بشكل وثيق مع الآثار الضارة على الصحة الجسدية والمعرفية للمريض من خلال توليد أنواع من التفاعلات الأكسجينية.

تبعاً لـ (يسبر هايمير) وهو المؤلف الرئيسي للدراسة وعالم أبحاث في (BNAC)، إن الباحثين لم يصلوا بعد للمرحلة التي يمكنهم فيها تقديم أي توصيات غذائية محتملة على هذا النطاق، ولكنهم سيستمرون في دراسة العوامل البيئية، بما في ذلك النظام الغذائي، من أجل تكوين فهم أفضل للعلاقة بين النظام الغذائي ومستويات الحديد في المخ، ووظيفة الجهاز العصبي واضطراباته.

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير