التصنيفات: متفرقات

هل يمكن للعلم و الدين أن يتعايشا سوياً

منذ قرون والنزاع قائم ما بين العلم و الدين, فالاكتشافات العلمية تقوم بتفسير المزيد من عجائب الكون التي كنا نجهلها, وهذا الأمر جعل البعض يتخوف من أن الاكتشافات العلمية المتزايدة يمكن أن تجعل النظريات الدينية تنهار وتنكشف، ولكن ربما أن تعقيد الكون وعجائبه لا يدحض وجود الله على الاطلاق.

كانت هذه هي الإشكالية التي طرحها عالم الرياضيات (أمير ازيل) في كتابه الجديد (لماذا العلم لا يدحض وجود الله), حيث أشار في لقاء له على إذاعة (تيكاوي) عن الفرق بين فكرة الأديان و الإيمان, و أن الإشكالية التي تفترض أن العلم يستبعد وجود الله قد تكون غير مستندة إلى أسس علمية صحيحة.

تبعاً لـ (ازيل) يجب أن نميز بين إلهين, إله الأديان ، وإله أينشتاين، فبالنظر إلى بعض الأمثال المأخوذة عن العلماء مثل أينشتاين, نجدهم يقولون أشياء مثل ” الله ماكر ولكنه ليس بلئيم” أو ” ما أريد معرفته حقاً هو ما يفكر به الله والباقي يبقى تفاصيل صغيرة”

بالنسبة لـ (ازيل) كان أينشتاين مؤمناً بطريقة أو بأخرى، فأينشتاين مؤمن بنوع ما من القوى التي تكمن وراء هذا الكون, ولكن عوض عن الاقتناع بأن الله هو الذي قام بصنع و تصميم هذا الكون، فهو يميل إلى الاقتناع أكثر أن الله كان المسبب الرئيسي لبداية الأشياء ثم تراجع إلى الوراء تاركاً لها المجال لتأخذ وقتها في التكوّن لوحدها.

ما يثير اهتمام (ازيل) هو الإله البدء, حيث يقول “إذا ما نظرنا إلى الثواني الأولى من تشكل الكون, أو حتى إلى أجزاء الثانية الأولى من تشكله, نجد بأن الانفجار العظيم هو ما شكّل الكون, ولكن الانفجارات لا تقوم بخلق شيء بحد ذاتها، فتشكل الكتلة كان عن طريق بوزون هيغز (وهو جسيم أولي نتج بعد لحظات من الانفجار العظيم وهو المسؤول عن اكتساب المادة في الكون لكتلتها)، ويتساءل (ازيل) لماذا تتكون الكتلة في الكون عن طريق آلية هيغز المعقدة  ؟؟ لا بد أن يكون الله وراء ذلك.

يضيف (ازيل) بأن تشكّل الكون كان بحاجة للدقة، بعض من الناس يعزو هذه الدقة إلى الصدفة, و القسم الآخر يدعونها فعل إلهي ، حيث كان الكون في الثواني الأولى من بعد الانفجار الكبير, عبارة عن جسيمات أساسية حارة جداً, متبعثرة في أنحاء الكون ,تسمى بالكواركات والغلوونات , و بعد مدة لا تتجاوز الميكرو ثانية بدأت هذه الجسيمات تبرد و تشكل بروتونات و نيترونات و التي هي البنى الأساسية للمواد جميعها, ولكن تشكل المادة بكل تلك الدقة من تجمع ال بروتونات و نيترونات لا يمكن أن يكون قد تم لوحده، لا بد أن يكون هناك قوة عليا خلف ذلك.

و يضيف (ازيل), يمكن للأديان أن تتعلم الكثير من المجتمع و العكس بالعكس, فحتى عام 1929 كان علماء الفيزياء يعتقدون أن وجود الكون كان منذ الأزل, حتى جاء اكتشاف إدوين هابل الذي أظهر أن الكون يتوسع وبالتالي فقد بدأ في نقطة معينة من الزمن, وبالعودة إلى سفر التكوين نجد أنه ذكر أن الكون خلق عند نقطة محددة، في هذا الأمر كان الدين على حق، ولكن على النقيض من ذلك فإن الكون لم ينشأ في غضون عدة أيام كما يقول الدين، بالرغم من أنه يُعتقد أن هذا القول مجرد مثال الهدف منه حكمة معينة.

فيما مضى كان معظم العلماء متدينين, فمثلا ً كانت ابنة غاليلو راهبة, وغاليلو نفسه لم يناقش ولو لمرة واحدة فكرة أن الأديان صحيحة أم خاطئة, هو فقط طرح فكرة أن الأرض تدور حول الشمس ولم يتعداها لنقد الدين، أما في القرن الواحد والعشرين فمن الصعب أن تجد عالماً ملحداً يلتزم بحق بما يهدف إليه العلم وهو فهم الطبيعة، و ليس القفز نحو استنتاجات لتخطئة الدين لا مسوغ لها، كوننا في الحقيقة إذا نظرنا إلى كل المعطيات المطروحة, نجد أنه لا بد أن يكون هناك شيء أكبر من الكون, يدعوه بعض الناس بالله.

و يقول (ازيل) أن عدم قدرة العلم على دحض فكرة الله, لا يجعلها حجة لاثبات وجود الله, و (أزيل) لا يحاول الدفاع عن فكرة وجود الله، لأن كل ما يحاول (ازيل) فعله هو الإشارة لهؤلاء الملحدين المعروفين والذين يدعون بأن العلم قد اثبت بأن لا وجود لله, والقول بأن هذا ليس صحيحاً، ويضيف أنه يؤمن بوجود قوة من نوع ما تكمن وراء الكون و تمتد إلى ما هو أبعد منه, ولكن في ما يخص التدخل الإلهي في حياتنا فهو يصمت عن الإجابة.

فهل حقاً يوجد قوة عليا تتحكم بحياتنا اليومية؟؟ من الصعب أن نفكر بهذه الطريقة, فالمعطيات المطروحة تثبت بأن لا شيء يتحكم في حياتنا، حيث يقول (ازيل) “أعتقد بوجود وعي و قوة في الكون لم نستطع اكتشافها بعد و يمكننا أن ندعوها “الله”.

الله موجود في كل الديانات، لكن العلوم لا تستطيع إثبات ذلك. لا لأنه غير موجود بل لأن وجوده يصعب على العقل البشري التعرف علي كيفيته

 

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير
الوسوم: Featured