هل حقاً يتجدد جسمنا بالكامل كل سبع سنوات؟

كم تبلغ أجسامنا حقاً من العمر؟ وإذا ما فكرنا بأن أجسامنا تتجدد باستمرار عن طريق التخلص من الخلايا الميتة وتوليد أخرى جديدة، فما الذي يبقى على حاله في الجسم؟

حسناً، من الواضح بأن الشعر لا يبقى على ما هو عليه طوال فترة حياتك، وهذا لا ينطبق فقط على شكل التسريحة، فكل شعرة في الرأس يتم استبدالها كل سنتين إلى سبع سنوات، حيث أن مئات الشعيرات تتساقط كل يوم لينمو مكانها شعر جديد، والأمر ذاته ينطبق على الأظافر، فهي تتجدد بالكامل كل 6 أشهر تقريباً.

تبين أن الأمر ليس سوى مسألة وقت ليتجدد كل جزء من الجسم بطريقة مشابهة، فبطانة المعدة والأمعاء مثلاً تتعرض لتلف شديد نتيجة تعرضها للأحماض وعصارة المرارة الصفراوية، لذلك فإن هذه الخلايا تتبدل كل بضعة أيام، أما الطبقة الخارجية من الجلد فتتجدد بالكامل كل بضعة أسابيع، وكل أربعة أشهر يتكون جيش جديد من خلايا الدم الحمراء، وتنشأ مئة مليون خلاية جديدة كل دقيقة، في حين تنهار مئة مليون خلية أخرى قديمة خلال الوقت ذاته، وفي الواقع، فإن هذا الانهيار للخلايا القديمة هو ما يحول الكدمات والبول إلى اللون الأصفر.

كل 10 سنوات يتكون لديك هيكل عظمي جديد، حيث يقوم فريق خاص من الخلايا بتفكيك الخلايا العظمية القديمة، في حين يقوم فريق آخر من الخلايا بتوليد أخرى جديدة.

كل 15 سنة تتجدد عضلات الجسم، وعلى الرغم من أن جسمك يقوم بإنشاء المزيد من الخلايا الدهنية أو تفكيكها عندما تكسب أو تفقد بعض الوزن، ولكن الحقيقة هي أن الخلايا ذاتها تصبح أكبر أو أصغر فقط، فالجدير بالذكر هنا هو أن معظمها يتلف على مدى 25 عاماً لتظهر أخرى جديدة.

ولكن هناك بعض الأجزاء التي تبقى معك طوال حياتك، فحوالي نصف خلايا القلب تبقى كما هي في الجسم منذ الولادة وحتى الوفاة، لأن عملية استبدال تلك الخلايا تأخذ فترة طويلة جداً.

من ناحية أخرى، فإن بعض الأجزاء المعينة من الدماغ تصنع القليل من الخلايا العصبية الجديدة على مدى حياة الشخص، ولكن الغالبية العظمى من الخلايا العصبية تكون قد تطورت قبل الولادة حتى، أما ما يتغير باستمرار فهي الروابط بين تلك الخلايا العصبية، وهي الدوائر العصبية التي تخزن الذكريات.

العين من جهة أخرى تبقى كما هي منذ الولادة وحتى مدى الحياة، فقبل أن تولد بأشهر، تتمدد مجموعة صغيرة من الخلايا وتملء نفسها بنوع من البروتين الشفاف، ومع تقدمك في النمو، وحتى بعد الولادة، يتم إضافة المزيد والمزيد من تلك الألياف إلى المجموعة، ولكن تبقى عدسة العين على حالها، حيث أن مركزها يبقى كما هو عليه منذ اللحظة التي تفتح فيها عينيك لأول مرة على الحياة، حتى اللحظة التي تغمض فيها عينيك لآخر مرة.

لذلك، وللإجابة على السؤال السابق، كم تبلغ أجسامنا حقاً من العمر؟ فإن الجواب هو أن بعض الأجزاء جديدة تماماً، أما بعضها الآخر فهو يمتلك ذات عمرنا الحقيقي.

ولكن، كيف استطاع العلماء تحديد عمر كل خلية؟

هذا يرجع للقنبلة النووية، نعم هذا صحيح، حيث أن الاختبارات التي تم إجراؤها على القنبلة النووية ما بين عامي 1945 و1963 ملأت الغلاف الجوي بذرات الكربون -14 أو ما يعرف بالنظير المشع للكربون، وقد تم امتصاص هذه الذرات تدريجياً من قبل الأشجار والمحيطات.

عندما تولد الخلية يكون مستوى الكربون -14 في الحمض النووي فيها مساوياً لمستوى الكربون-14 في الغلاف الجوي في تلك السنة، لذلك، فإذا ما أخذنا أي عينة من أي نوع من الخلايا، الخلايا العضلية مثلاً، وقمنا بقياس مستوى الكربون-14 فيها، سيكون بإمكاننا أن نعلم الوقت الذي ولدت فيها هذه الخلايا وكم تبلغ من العمر، وهذه واحدة من الأساليب المثيرة حقاً للاهتمام التي يستخدمها العلماء لاكتشاف المعلومات عن خلايا جسمنا، ولكن للأسف، فإن مستوى الكربون-14 في الغلاف الجوي سيصبح قريباً مختلفاً تماماً عن مستوياته ما قبل عام 1940، وبالتالي فإن هذه الطريقة لن تكون ذات فائدة بعد الآن.

 

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير