الصحة العامة

هرمونات السعادة: ما هي وكيف تحفز الجسم ليزيد من إنتاجها؟

تلعب هرمونات السعادة دوراً محورياً في جسم الإنسان. ففي أغلب الأحيان تكون العامل الرئيسي في تغير الحالة المزاجية والصحية لدى الأفراد. فإن كانت الدماغ هي المتحكم الأساسي في جميع الأعضاء الموجودة داخل الجسم. فالهرمونات هي أداة الوصل التي تنظم العديد من العمليات الموجودة داخل الجسم من خلال جهاز كامل يعمل بانتظام على مدار اليوم يسمى الغدد السماء – Endocrine system. بصفة عامة تنقسم الهرمونات لهرمونات يتم إفرازها في الدم مباشرة وهرمونات تُفرز داخل قناة ومن ثم إلى الدم.

لكن يعتبر العلماء هرمونات السعادة تحديداً أحد الناقلات العصبية – Neurotransmitter لكن لا يوجد فرق كبير بينها وبين الهرمونات التي نعرفها. ففي النهاية جميع الهرمونات تقدم وظيفة معينة سواء تحفيز عضو معين أو تحفيز غدة أخرى لتُفرز هرمون. على سبيل المثال، هرمون تستوستيرون الذي يُفرز من الخصية والمسئول عن النضج الجنسي لدى الذكور فهو يحفز نمو الشعر ومخشونة الصوت ونمو الجسم والعضلات. وهرموني الأنسولين والجلوكاجون اللذان يتحكمان في معدل الجلكوز في الدم ويتم إفرازهم من البنكرياس، وهرمون الميلاتونين المتحكم في عملية النوم والاستيقاظ.

اقرأ أيضاً: هل توجد معطلات الغدد الصماء في مستحضرات التجميل؟

ما هي هرمونات السعادة؟

هرمونات السعادة: ما هي وكيف يمكن تحفيز الجسم ليتم إنتاجها ؟

يمكن أن نعطي تعريف بسيط لتلك الهرمونات أو النواقل العصبية بأنها تنظم عملية الشعور بالسعادة وتحسين الحالة المزاجية لدى الأفراد بشكل عام. حسناً، هرمونات السعادة وهم في الأساس أربع هرمونات وهم: الأندروفين، الدوبامين، السيروتونين، الاوكسايتوسين. بعض من هذه الهرمونات يساهم في علاج الاكتئاب والقلق بشكل أساسي كهرمون الأندروفين ، وهرمون الدوبامين الذي يُستخدم في علاج انخفاض ضغط الدم ومشاكل القلب. والاوكسايتوسين الموجود بحليب الأم الذي تطعمه لرضيعها فيعمل على زيادة قوة التواصل بينهم وغيرها من الأمور المهمة التي تفعلها تلك الهرمونات. لذلك سنتحدث عن هؤلاء الأربعة حول أهميتهم وكيفية تحفيز الجسم لزيادة معدل إنتاج تلك الهرمونات بصورة طبيعية وآمنة.

هرمونات السعادة: هرمون الاندروفين – Endrophine

بالتأكيد سمعت عن مخدر المورفين الذي يستخدم كمسكن للألم في العديد من العمليات التي يقوم بهاء الأطباء. الأندروفين يعمل نفس عمله ولكن يتم إنتاجه من الجسم بصورة طبيعية من الغدة النخامية والدماغ. فهو يعتبر مُسكن طبيعي يعمل على منع إشارات الألم التي يستقبلها الجهاز العصبي المركزي فيقلل منه ويجعلك تشعر بالسعادة. بعض الدراسات وجدت أن هناك ارتباط وثيق بين الركض وإفراز ذلك الهرمون وكلما زاد معدل الركض زاد إفراز الأندروفين. ومع إفراز ذلك الهرمون يمنع تلقي الجهاز العصبي المركزي إشارات الألم. ويقوم بتحفيز هرمون من هرمونات السعادة الأخرى وهو الدوبامين.

في دراسة نشرت عام عام 2011 وجدت بأنه يتم إفراز الأندروفين من بعد 30 دقيقة من ممارسة التمارين وفي دراسة أخرى تمت على 22 شخص عام 2017، وجدت بأن ساعة من التمارين متوسطة الشدة كافية لتجعلك تشعر بالنشوة وتزداد في التمارين عالية الشدة أيضاً.

بعض الأبحاث الأخرى وجدت أتصالاً وثيقاً بين زيادة نسب الأندروفين ومشاهدة الأفلام مع الأصدقاء وسماع الموسيقى. أيضاً التأمل يحفز إفراز الاندروفين بنسب تجعلك تشعر بتحسن كبير كل هذه وسائل يمكنك من خلالها زيادة هرمون الاندروفين.

هرمون الدوبامين – Dopamine

أحد أشهر هرمونات السعادة التي نسمعها بشكل دوري. يتكون الدوبامين في الدماغ من الحمض الأميني التيروسين ويؤثر في العديد من العمليات الحيوية بالإنسان كالنوم والتعلم والحركة وضغط الدم وغيرهم. يعمل الدوبامين بشكل أساسي في 4 مسارات داخل الجسم؛ ثلاثة منها مسئولة عن إفرازه عندما تقوم بإنجاز شيء. على سبيل المثال، عندما تنهي عملك بالكامل وتشعر بعدها بقليل من السعادة فهذا هو الدوبامين يمكن أن نعتبره هرمون المكافآت في هرمونات السعادة إن جاز التعبير.

هرمونات السعادة: ما هي وكيف يمكن تحفيز الجسم ليتم إنتاجها ؟

من أبسط الأشياء التي تقدم لك الدوبامين هي اللحوم والمواد الغنية بالبروتين. فالحمض الأميني التيروسين موجود داخل البروتينات يدخل في تركيب الدوبامين ومسئول عن إنتاجه بصفة كبيرة. أيضاً الحمض الأميني فينيل ألانين – Phenylalanine  يتحول إلى التيروسين وهو متوفر في البروتينات الحيوانية بصفة عامة. بعض أنواع البكتيريا النافعة – Probiotics  لها دور في تحفيز إفراز الدوبامين تلك البكتيريا موجودة بصفة رئيسية في الأمعاء.

أيضاً هناك أطعمة معينة مثل الفاصوليا والفول تحتوي على كميات من جزئ L-dopa ذلك الجزئ الذي يتحول مباشرة إلى الدوبامين. فأخذ كمية يومية وفيرة منهم تضمن لك جرعة دوبامين لا بأس بها. فضلاً عن ممارسة الرياضة التي قد ذكرنا أنه يتم إفراز الاندروفين عند ممارسة الرياضة ومن ثم يتم تحفيز إفراز الدوبامين بشكلٍ مباشر.

وفي دراسة تمت عام 2002 وجدت بأن قلة النوم قد تعوق مستقبلات الدوبامين في الجسم وتخفض من نسب إستجابة الجسم له، لذلك النوم من 7:9 ساعات يومياً أمر ضروري في الحصول على المعدل الطبيعي الذي يفرزه الجسم من ذلك الهرمون.

اقرأ: حبوب منع الحمل للرجال .. احدث وسائل منع الحمل للرجال 2021

السيروتونين – Sertonine

الهرمون الثالث هو السيروتونين أكثر من 90% من ذلك الهرمون يتم إفرازه بالمعدة فالبكتيريا الموجودة داخل الكولون تحفز إنتاج الخلايا لذلك الهرمون من خلال مركبين وهم البيوتاريت-Butyrate  والأسيتيت – Acetate تلك الأحماض الدهنية يتم الحصول عليها بصفة دورية من عمليات التمثيل الغذائي والتنفس داخل الخلية. ولدى السيروتونين وظائف عديدة في عمليات حيوية متعددة كالهضم والنوم وتحسين الحالة المزاجية. أيضاً الحمض الأميني تريباتوفان – Tryptophane أحد الأحماض الأمينية التي تدخل في إنتاج السيروتونين بالأمعاء وهو حمض اميني أساسي أي لا ينتجه الجسم ويجب الحصول عليه من الأطعمة  المختلفة.

بصفة عامة يمكنك زيادة نسب السيروتونين بالجسم من خلال طريقتين. الأولى هي زيادة تلك البكتيريا النافعة داخل جسمك والتي تزداد مع زيادة بعض الأطعمة كالتفاح والشوفان والبصل والماشروم. أما الطريقة الثانية هي الحصول على كميات وفيرة من التريباتوفان وذلك الحمض الأميني يمكن الحصول عليه من البروتينات الحيوانية بصفة عامة ومتوفر في الشوفان والقمح.

هرمون الاوكسايتوسين – Oxytocin

هرمونات السعادة: ما هي وكيف يمكن تحفيز الجسم ليتم إنتاجها ؟

يمكن أن نطلق على الاوكسايتوسين هرمون الأمومة لما يلعبه من أدواراً هامة في عملية الرضاعة والحمل. ففي أثناء الرضاعة يحفز الحليب للخروج من قنوات الثدي ليخرج للطفل بسهولة وأثناء الولادة يزيد من انقباض عضلات الرحم لدى الأم ليخرج الجنين. ولديه عدة وظائف أساسية في السلوك البشري. وتحديداً في أي عملية تتعلق بالذكر والأنثى معاً، فأشياء مثل الثقة، الإخلاص، الذكريات الإيجابية، الشعور بالحب كلها تتعلق بالاوكسايتوسين. لذلك فهو يُطلق عليه هرمون الحب.

يتم إفراز الاوكسايتوسين من الدماغ والغدة النخامية ويمكن تحفيز إفرازه من خلال عدة طرق كممارسة الرياضة أو السماع للموسيقى مع الأصدقاء أو اقتناء كلب أو حتى عناق أي شخص.

في النهاية، يجب أن نفهم بأن نسب تلك الهرمونات في الجسم هي طبيعية ولكن تحفيزها يعتمد على عدة أشياء أخرى من التي ذكرناها. لكن هذا لا يعني بأن نقوم بفعل تلك الأشياء حتى تتسبب في خلق مشاكل أخرى. فعلى سبيل المثال، إن ممارسة الرياضة ساعة يومياً كافية لإفراز كل تلك الهرمونات وتحسين حالتك المزاجية والصحية. فهذا لا يعني بأنك إن أردت أن تحصل مثلاً على جرعة مضاعفة من تلك الهرمونات تقوم بممارسة الرياضة 8 ساعات يومياً. فهذا خطأ وسيجهد جسدك بصورة كبيرة، فقط الاعتدال في كل تلك الأشياء سيكون جيداً.

 

ملحوظة: جميع الدراسات تمت إرفاقها في صورة هايبر لينك على بعض الكلمات.

مصادر أخرى:

Why do we need endorphins? – Healthline

Music Gives Brain Natural Buzz- WebMD

Essential Guide To Serotonin And The Other Happy Hormones In Your Body – atlas blog

اقرأ: في فترة انقطاع الطمث..ما هو الأمر الأكثر أهمية بالنسبة للنساء؟

 

شارك
نشر المقال:
أحمد عصمت