بيئة ومناخ

نشاطنا الرقمي يساهم في تدمير البيئة و تغيير المناخ .. ولكن كيف؟

من الآمن أن نقول أن العالم اليوم أصبح يعيش حياة رقمية  ترتبط فيه أغلب ممارسات أفراده مهما كانت معقدة أو بسيطة بالإنترنت  وقد جاءت جائحة كورونا المستجد لتدفعنا بشكل أكبر نحو الممارسات الرقمية و تجعلها واقعا مفروضا لا بديل عنه .

إجراء بحث سريع على Google  للإجابة عن تساؤل ما و مطالعة أحدث الأخبار عبر هاتفك بشكل سريع كل صباح و الاستماع للموسيقى عبر Spotify أثناء ممارسة الرياضة أو الاسترخاء و مشاهدة حلقة برنامجك المفضل عبر Youtube بعد تفويت  بثها التلفزيوني المباشر و مشاهدة فيلم على منصة Netflix كل ليلة و مطالعة كتاب قبل النوم بواسطة جهاز Kindle  ،كلها عادات دأبنا على ممارستها بشكل يومي ، أضافت لها  أزمة كورونا مؤخرا  انجاز المعاملات وتسديد الفواتير و التسوق  عبر التطبيقات و التعليم و العمل و إجراء الاجتماعات عن بعد ، ممارسات رقمية أخرى و إن لم تكن جديدة فعليا إلا أنها  أصبحت تمارس بشكل أوسع بكثير عما كانت عليه قبل فرض العزل الإجتماعي .

من الممكن أن لا أحد منا  قد فكر أثناء ممارسته أيا من الأنشطة السابقة بأنّ ما يفعله قد يكون مضرا للبيئة حتى أنّ البعض قد يسخرون إذا تم اخبارهم بأن مشاهداتهم المتكررة لفيديو هات الأغاني التي يحبونها عبر Youtube تنتج غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يساهم في تغيير المناخ .

صعوبة تصديق الكثيرين بأنّ نشاطهم الرقمي سيئ للبيئة  يرجع للفكرة المغروسة في أذهانهم بأن ما يلحق الضرر بالبيئة يأتي في شكل مادي مثل الأوراق و البلاستيك و الغازات المنبعثة عن وسائل النقل،  ما يجعل فكرة أن شيء لا يملك تواجدا ماديا مثل نشاطهم عبر الإنترنت متصل بالكربون غير واردة .

لكن لسوء الحظ فقد تم بالفعل اثبات أنّ لنشاطنا عبر الإنترنت بصمة كربونية ما يجعله يضاف الى الأسباب العديدة المدمرة لطبقة الأوزون .

في هذا المقال نتعرف على حجم الضرر الذي يلحقه اعتمادنا المتسارع على الأدوات الرقمية بالبيئة  و أبرز  العادات الرقمية المضرة للمحيط  وكيف يمكننا التقليل من ضررها .

الأرقام تؤكد الضرر الذي يلحقه القطاع الرقمي بالبيئة

المصدر :  Guillaume Jacquart على Medium

 

إنّ اعتمادنا المتزايد على الأدوات الرقمية له تأثير بيئي تزداد صعوبة تجاهله مع مرور الوقت خصوصا و أنّ تركيز الغازات المنبعثة في الغلاف الجوي قد بلغ حدا لم يبلغه منذ 3 ملايين سنة وفقا للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية .

و ما يجعل قطاع تكنولوجيا المعلومات و الاتصالات مشاركا في هذا التغيير المناخي هو حجم أرقام استهلاك الطاقة و إنتاج  الكربون  التي يساهم بها ، حيث ينتج هذا القطاع  أكثر من 1.6 بليون طن من الغازات الدفيئة سنويا أي ما يعادل 2% من الإنتاج العالمي و يفوق حجم هذا الإنتاج مجموع ما ينتجه قطاع النقل الجوي في نفس الفترة حسب منظمة Green peace الغير ربحية، كما يستهلك 8% من مجموع الطاقة المستهلكة عالميا ، كما يبدو فإنّ أرقام استهلاك الطاقة في قطاع تكنولوجيا المعلومات ضخمة إلى الحد الكافي الذي يجعلنا نستطيع مقارنتها مع الإستهلاك العام للطاقة في دول الصف الأول كالصين و الولايات المتحدة و روسيا  ففي عام  2012 لو كان  قطاع تكنولوجيا المعلومات دولة لسمح له حجم استهلاكه للطاقة باحتلال المركز الثالث خلف كل من الصين و الولايات المتحدة الأمريكية ( الترتيب يظهر في الرسم البياني المرفق في الأعلى ) .

يتوقع الخبراء أن معدل  هذا الاستهلاك سيزداد ليصل بحلول عام 2030 إلى 10%  إن لم يكن أكثر ، و مع أن هذه الأرقام قد تتغير من دراسة إلى أخرى تغيرا طفيفا بسبب صعوبة تحديد استهلاك الطاقة التكنولوجية الرقمية كميا إلاّ أنّه من الواضح أنّ مستويات الإستهلاك مرتفعة و اذا استمر التطور بنفس الوتيرة فإنّه سيستمر في النمو .

ما يجعل هذه الأرقام مخيفة ليس حجمها فقط بل سرعتها في التزايد تبعا لمجموعة من العوامل أهمها تزايد عدد المتصلين بالإنترنت و الطلبات الجديدة على التقنيات الناشئة مثل الذكاء الإصطناعي و البلوك تشين و التعليم الآلي و الواقع الإفتراضي ، و هي خدمات لا يمكن كبح  سرعة تطورها  بسبب الحاجة المتزايدة لخلق الترفيه و الكفاءة .

مشكلة أخرى تواجهنا وهي أنّ أبرز اللاعبين في قطاع التكنولوجيا و المعلومات يستمرون بالمطالبة بمزيد من الطاقة لتتناسب مع نمو الإستخدام و حتى إن التزمت جميع الجهات الفاعلة في الصناعات الرقمية بالحياد الكربوني فإن إنتاج الطاقة المتجددة لن يتمكن من مواكبة متطلبات الطاقة لأنّ حجم إنتاج الطاقة البديلة في عالمنا اليوم أقل من احتياجات الصناعات الرقمية .

جميع أنشطتنا الرقمية تملك بصمة كربونية

مراكز تخزين البيانات أحد أكبر منتجي البصمة الكربونية

 

كل نشاط نقوم به على الإنترنت يضيف إلى الطلب العالمي على الكهرباء و ارتفاع انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون  .

إنتاج غاز ثنائي أكسيد الكربون و إن كان متباينا إلا أنّ كل نشاط نقوم به يمتلك بالفعل بصمة كربونية ، فتصفح موقع إلكتروني ينتج غرامين من ثاني أكسيد الكربون  فيما ينتُج عن البحث على قوقل بين 2 و 7 غرامات و هو ما نفس ما تستهلكه قيادة سيارة لاثنان وخمسون قدما ، أما عملية إرسال رسالة إلكترونية فقد يقارب إنتاجها  50 غراما من ثنائي أكسيد الكربون .

أكثر عاداتنا الرقمية إنتاجا للبصمات الكربونية هي تلك المرتبطة بمشاهدة الفيديو فحسب تقرير لمشروع التحول صدر في يوليو 2019 عبر مركز أبحاث فرنسي حول الـتأثير الغير مستدام و المتزايد للفيديو عبر الإنترنت ، فإن الفيديو قد كان  مسؤولا عن 300 مليون طن من غاز ثاني أكسيد الكربون سنة 2018 و هو ما يعادل حجم الانبعاثات الصادرة عن فرنسا  لنفس السنة وأكثر من ثلث انبعاثات الإنترنت.

و بشكل سيئ فإنّ أكثر عاداتنا الرقمية إنتاجا للكربون هي أكثرها ممارستا أيضا  حيث أنّ خدمات الفيديو المتمثلة في يوتيوب و نيتفليكس تمثلان مجتمعتين  50% من النشاط عبر الإنترنت في أمريكا الشمالية ، كما تعرفان  إقبالا متزايد خلال فترة الحجر الصحي الذي نعيشه  ما اضطر المسؤولين عن الخدمتين إلى تقليل جودة خدماتهما في أجزاء من أوروبا لمواكبة حجم الطلب .

نتيجة مثيرة توصل إليها مجموعة من الباحثين في المفوضية الأوروبية حول تأثير الفيديو و هي أن 4.6 مليار مشاهدة لأغنية ديسباسيتو الشهيرة قد استهلكت كهرباء يعادل الاستهلاك السنوي لكل من تشاد و غينيا بيساو و الصومال و إفريقيا الوسطى و سيراليون مجتمعين ، ليس هذا فقط بل توصلوا أيضا إلى أن الغازات المنبعثة عن Amazon Prime و Netflix و video on demand  يعادل إتبعاثات الغاز التي تنتجها دولة مثل تشيلي .

المصدر الخفي لإنتاج البصمة الكربونية بالنسبة لمن هم خارج القطاع الرقمي هو مراكز البيانات و التي تشير إحصائيات إلى أنها تستهلك طاقة أكبر مما يستهلكه 180000 منزل في الولايات المتحدة الأمريكية، مع العلم أنّ عدد الخوادم في هذه المراكز يزداد بأعداد ضخمة، فخوادم مايكروسوفت مثلا قفزت من مليون خادم سنة 2013 إلى ثلاثة ملايين خادم سنة 2018 ، و لسوء الحظ فإن هذه الزيادات يرافقها زيادة في الطلب على الكهرباء في مراكز البيانات حيث يُقدر تقرير Smarter 2020 زيادة بنسبة 81% في الطلب على الكهرباء في مراكز البيانات عام 2020 مقارنة بعام 2017 و هذه نسبة أعلى من الزيادة المقدرة عالميا بنسبة 60% من الطلب على الكهرباء في نفس الإطار الزماني لجميع القطاعات مجتمعة.

عملية تصنيع الأجهزة الرقمية تساهم هي الأخرى بنسبة وفيرة من الإنتاج الكربوني فجهاز كومبيوتر من ماركة Dell يتطلب تصنيعه 200 كيلوغرام من غاز ثنائي الكربون و بمعرفة أنّ الشركة تصنع سنويا 300 مليون جهاز فإنّ الإنبعاثات الإجمالية للشركة من تصنيع أجهزة الكومبيوتر قد بلغت 60 طن من غاز ثاني أكسيد الكربون و هو ما يفوق الإنبعاثات السنوية لدولة النيجر سنة 2017 .

و بإعتبار أنّ أغلب الشركات قد تحولت إلى الرقمنة و أنّ نصف سكان العالم و عددهم أربعة مليارات نسمة يتواجدون على شبكة الإنترنت يمكن تخيل حجم الطاقة المستهلكة و حجم الضرر المُلحق بالبيئة و الصحة .

ما هو واجبنا كأفراد تجاه البيئة ؟

موقع يوتيوب أحد أكبر المنتجين الرقميين لغاز ثاني أكسيد الكربون

غالبا ما يتم التفكير في الإنترنت كحل صديق للبيئة لكن الحقيقة ليست كذلك فأجهزتنا و مراكز البيانات و خوادم الإنترنت جميعها تتطلب طاقة للتشغيل و هذه الطاقة تساوي 8% من الإستهلاك الإجمالي للطاقة في العالم و تشكل 2% من الإنبعاثات العالمية وفقا لتقرير منظمة السلام الأخضر، و من المؤسف أن هذه الآثار لا يشار إليها إلاّ في تقارير المنظمات الغير حكومية مثل منظمة السلام الأخضر .

انتظار المنظمات البيئية الغير ربحية لوقف تدمير النظم الايكولوجية غير مجدي لدى يجب علينا أن نبدأ بالتغيير الداخلي و أن نُظهر هذا التغيير في تصرفاتنا فعالمة الإجتماع  فيونا ديفين تفترض أنّ الوعي الفردي بإمكانه أن يبني ضميرا جماعيا يؤدي إلى الثقافة المطلوبة .

توجد العديد من العادات التي يمكننا أن نتبناها كمستهلكين و ناخبين و صناع قرار محتملين من شأنها المساهمة في تقليل بصمتنا الكربونية الناتجة عن نشاطنا الرقمي .

في الانفوغرافيك الموالي مجموعة من الإجراءات التي يمكنك إتباعها حتى تكون صديقا للبيئة .

مجموعة من الإرشادات للتقليل من أثر البصمة الكربونية

 

تهرب الشركات التكنولوجية الكبرى و الحكومات من تحمل المسؤولية 

مبنى شركة على بابا الصينية ةاحدة من العديد من الشركات المتهربة من إتباع سياسات صديقة للبيئة

محاولة التقليل من  الأضرار اللاحقة بالبيئة جراء الاستخدام المكثف للإنترنت لن يكون أمرا سهلا لأنه غير مرتبط  بجهود الأفراد الشخصية فقط بل يتطلب جهدا  أكبر من الحكومات و الشركات  التكنولوجية الكبرى و التي لا يملك بعضها الاستعداد الكافي للمساهمة في تخفيف الضرر لما يتطلبه الأمر من مساهمات أو تنازلات مادية هي ليست مستعدة لتقديمها .

فيما يخص الشركات التكنولوجية الكبرى فقد اتخذت العديد منها سياسات جادة لتوفير الطاقة و تقليل تأثيرها على البيئة ، حيث نجحت Amazon سنة 2018 في تلبية نصف احتياجاتها من الطاقة من مصادر متجددة ، وهي نفس الخطوة التي اتبعتها شركات كبرى غيرها  حيث قامت Apple بتعويض مصادر الطاقة التقليدية بطاقة الرياح في كل من أوريغون و كاليفورنيا كما اعتمدت الطاقة الشمسية لتزويد مراكز البيانات في كارولينا الشمالية و نيفادا ، Facebook أيضا وضع سياسة للإعتماد على الطاقات المتجددة  فعدد من مراكزه  أصبحت تعتمد على طاقة الرياح بنسبة 100% .

في المقابل الشركات الصينية على غرار علي بابا و Tencent لا تقدم أي معلومات حول مصادر طاقتها ولا تبدي أي نوايا في تعويض الطاقات التقليدية بالطاقة النظيفة  ، و حسب ما كشف عنه تقرير لغرين بيس سنة 2017 فإنّ هذه الشركات تعتمد على الفحم لتغطية ثلثي احتياجاتها من الطاقة،  و ما يجعل الأمر أكثر سوءا هو سرعة الصناعات الرقمية الصينية في النمو حيث حققت سنة 2018 نموا مقداره 86.1 % مقابل 48 % ل AWS .

وليست الشركات الصينية وحدها من تظهر تخاذلا في حماية البيئة ، فحكومة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كذلك أدارت ظهرها لمساعي الحد من التغيير المناخي بانسحابها من اتفاقية المناخ الموقعة في باريس سنة 2015 ، و هو  الإنسحاب الذي جاء بعد سلسلة من التصريحات المشككة فيما يثار حول التغييرات المناخية من قبل الرئيس دونالد ترامب ، و يأتي رفض أو تقاعس بعض الدول في إتخاد إجراءات جادة و تطبيقها واقعيا للحد من تلوث البيئة بسبب إرتباط الناتج المحلي الإجمالي و الذي يعتبر مؤشر الأداء الرئيسي الوحيد لتقدم العالم إرتباطا وثيقا بإستهلاك الطاقة و هذا يعني أنه لن يكون هناك نمو في الناتج المحلي الإجمالي إذا لم يكن هناك المزيد من الطاقة المستهلكة .

الإعلام الرقمي بحاجة إلى سياسات صديقة للبيئة

الموقع الإلكتروني ل Bbc البريطانية

يفترض الكثيرون أنّ وسائل الإعلام الرقمية أكثر ملائمة للبيئة من الأشكال التقليدية و يرى الناشر Shiblisher  أنّ الإنتقال للإعتماد على التكنولوجيا الرقمية من قبل المؤسسات الإعلامية قد خفض إنبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 50 % في الفترة بين 2009 و 2015 لكن المعايير المعتمدة لإجراء هذا القياس غير واضحة فشركةSchibsted  قد ركزت على حجم و نوع الطاقة اللازمين لتشغيل الأجهزة وقت القراءة و تجاهلت اعتبارات أخرى مثل استخدام الملفات و الوصول إلى الخدمات الأخرى  و الذي يتطلب طاقة أكبر .

يقوم الإعلام الرقمي بدرجة أولى على توظيف الصور و الفيديوهات في المواد الإعلامية التي يشاركها مع الجمهور و مع معرفة أنّ هذا النوع من الوسائط يستهلك طاقة أكثر من غيره فإنه من الواضح أنّ وسائل الإعلام الرقمية لها نصيب جيد من إنتاج الكربون المُلوث للبيئة .

لقد استشعرت بعض المؤسسات الإعلامية حجم مسؤوليتها في إنتاج البصمة الكربونية الرقمية ما دفعها لاتخاذ بعض الإجراءات التي من شأنها أن تقلل من تلويثها للبيئة فقد بدأت قطاعات السينما و التلفزيون  في تطوير حاسبات الكربون للسماح للمنتجين بتقييم انبعاثات الكربون  و تقليصها كما أنّ مؤسسة BBC البريطانية قد اتبعت  سياسة الإبلاغ عن الكربون لجميع إنتاجاتها للتقليل من ضررها .

لكن هناك من يرى أنّ جهود المؤسسات الإعلامية  لتقليل البصمة الكربونية الرقمية الناتجة عن متابعة الجمهور لموادها لن يقدم الكثير لأنّ 50%  أو أكثر من الإنبعاثات تحدث خارج سيطرة الشركات الإعلامية فهناك عوامل أخرى تتحكم في حجم الطاقة المستهلكة و غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج على غرار  عادات القراءة و مراكز البيانات و مقدمي خدمة الإنترنت و مصنعي الأجهزة الإلكترونية .

دول الجنوب … الأكثر تضررا من النفايات الإلكترونية

مكب نفايات رقمية في إفريقيا

على الرغم من أنّ دول الجنوب أقل انخراطا في الحياة الرقمية و الإلكترونية بشكل عام ، حيث لا تملك الإنتاج  الإلكتروني  و لا قواعد البيانات الرقمية و لا حتى التمويل الكافي لإستيراد التكنولوجيات الحديثة و نشرها بين مواطنيها ، إلاّ أنّها الأكثر ضررا من النفايات الإلكترونية .

فوفقا لما كشفته احصاءات الأمم المتحدة يتولد سنويا 50 مليون طن من النفايات الإلكترونية في جميع أنحاء العالم   95% منها تنتج في الدول المتطورة  إقتصاديا ، حيث يبلغ إنتاج الفرد الواحد فيها 20 كيلوغراما سنويا في حين تنخفض معدلات الإنتاج الفردية في الدول النامية و تتراوح  بين نصف كيلوغرام  كحد أدنى للإنتاج في دول مثل  اثيوبيا إلى خمسة عشر كيلو غراما  كحد أقصى في دول مثل السعودية و الكويت .

ينتهي الأمر بهذه النفايات الإلكترونية في دول الجنوب لأنّ دول الشمال أو ما يصطلح عليها أيضا بدول العالم المتقدم المنتجة و المتحكمة في التكنولوجيا تقوم غالبا بشحن نفاياتها إلى هذه الدول أين تستخرج منها المواد الخام في ظروف عمل غير إنسانية و غير صحية مما يسبب تلوثا في البيئة المحلية و يلحق الأمراض  بالعمالة و السكان المحليين .

السبب الذي جعل الدول المتقدمة تقوم بشحن نفاياتها الإلكترونية نحو الدول النامية هو إرتفاع تكاليف رميها في بلدانهم مقارنة بتكاليف شحنها إلى دول العالم الثالث إضافة الى غياب القوانين و النظم التي تحكم التخلص من النفايات الإلكترونية في الدول المتخلفة ،  و مع أنّ الأمر يتبعه ضرر صحي و تدمير بيئي إلاّ أنّ الحكومات في الدول المتخلفة توافق على استقبال هذه النفايات بسبب حاجتها إلى المبالغ المالية من العملة الأجنبية التي تدفعها لها الشركات التكنولوجية و الدول الكبرى مقابل تحويل أراضيها الى مكبات نفايات إلكترونية .

و بالرغم من أنّ بعضا من الدول المستقبلة للنفايات الإلكترونية على غرار نيجيريا قد بادرت  إلى تدويرها إلاّ أنّ أصوات عديدة قد شككت في مدى قدرتها على تدوير نفايات تحتوي على مواد خطيرة بشكل صحيح و بدون إلحاق أي أدى بالبيئة أو الأفراد .

الإستقبال الغير منظم أو مدروس للنفايات الرقمية من قبل الدول النامية و عدم أهليتها لمعالجة هذه النفايات معالجة صحيحة سينتج عنه أثار سلبية سترتد على بيئتها و مواطنيها  ، حيث ستتضرر المياه الجوفية و سيتأثر الإنتاج الزراعي و ستموت الحيوانات و ستنتشر المواد السامة في الهواء و سيتضرر السكان .

ما يمكن استيعابه اليوم و نحن نعيش القرن الواحد و العشرين هو أنّه من المُؤكد أنّ الهروب من تأثير الإنترنت و القطاع الرقمي غير ممكن أبدا و لهذا يجب أن يكون الحد من تأثيره هو الهدف الذي يسعى إليه الجميع من أجل حماية البيئة و صحة الجميع .

 

المصادر

  1. it’s time to start thinking about our digital carbon footprint
  2. ? How to lower your digital carbon footprint
  3. ? Does streaming really have a dirty secret
  4. Digital and carbon footprints: the legacy of humankind in the 21st century
  5. Infographic: The Carbon Footprint of the Internet
  6. ? Digital carbon footprint : what can we do
  7. ? Our digital carbon footprint : what’s the Environmental Impact of the Online World
  8. ENGIE s’engage pour un digital zéro carbone
  9. Apprendre à réduire son empreinte numérique

 

 

 

 

شارك
نشر المقال:
aaa_