التصنيفات: معلومة طبية

ما هو وهم سبق الرؤية أو الديجافو

بحسب العلماء فإن معظم الأشخاص قد اختبروا ذلك الشعور الغريب والغامر من وهم سبق الرؤية أو ما يعرف بالديجافو في مرحلة ما من حياتهم، وهذا التعبير الذي ينحدر من أصل فرنسي ويعني حرفياً “شوهد من قبل”، يشير إلى الإحساس بالألفة التي تراود الشخص عند مروره بتجربة جديدة.

فهم العمليات التي تقف وراء هذا الإحساس هو شيء يأمل العديد من علماء الأعصاب تحقيقه، وحتى الآن، لا نعرف سوى القليل جداً عن أسباب ذلك، وذلك نظراً لصعوبات دراسة هذه الظاهرة بشكل عملي.

تبعاً لـ(ميشيل هوك)، وهي أستاذة في مركز تكسك A & M للعلوم الصحية في كلية الطب، بسبب عدم وجود محفز واضح ومعروف يتسبب بحدوث تجربة الديجافو – فهو أثر رجعي يختبره الشخص وحده – يصعب للغاية دراسة هذه الظاهرة في المختبر.

في حين أنه لا يمكن أن يتم تحفيز هذا الإحساس بشكل مصطنع من قبل العلماء، قدرت عدد من الدراسات بأن ما بين 60 و 80٪ من الأشخاص قد مروا بشكل طبيعي بلحظة اختبروا فيها إحساس الديجافو مرة واحدة على الأقل في حياتهم، ومن خلال مراجعة الأدبيات العلمية حول هذا الموضوع، حددت (هوك) نظريتين مختلفتين حول الكيفية التي يقوم  الدماغ من خلالها بخلق هذا الإحساس.

أعطال كهربائية

من خلال دراسة الأشخاص الذين يعانون من صرع الفص الصدغي – وهي حالة تتميز بتثبيط نشاط الخلايا العصبية في الدماغ – استطاع الباحثون الحصول على أدلة مثيرة للاهتمام لكيفية عمل هذه التجربة، حيث تشير (هوك) أنه وتبعاً للتقارير السريرية، فإن بعض المرضى الذين يعانون من صرع الفص الصدغي أشاروا بأنهم مروا بتجربة الديجافو كنوع من التحذير تقريباً، قبل حدوث نوبة الصرع.

في الواقع، فقد ركزت الكثير من الدراسات التي أجريت على الديجافو على المصابين بالصرع، وهذه النوبات تحدث بسبب التغيرات في السير الكهربائي للدماغ، فعادة ما يقوم الدماغ باستمرار بتوليد نبضات كهربائية تسير على طول الخلايا العصبية بطريقة منظمة، ولكن في حالة مرضى الصرع فإن الخلل في نشاط الخلايا العصبية يعطل انتقال النبضات الكهربائية في الدماغ، وهكذا تصبح الإشارات الكهربائية في الدماغ غير متوازنة، مما يؤدي إلى حدوث النوبة.

اقترح العلماء بأن تجربة وهم سبق الرؤية لدى الأشخاص الأصحاء قد تكون ناجمة عن عطل كهربائي في الدماغ، بشكل لا يختلف كثيراً عما يحدث خلال نوبة الصرع، حيث تقوم الفكرة بأن هناك نوعاً من “الخلل” يحدث في الدماغ، وهو الأمر الذي يؤدي إلى تعرف الخلايا العصبية على النبضات الكهربائية المفاجئة بشكل غير صحيح، ونتيجة لذلك، يبدأ الدماغ بربط الحاضر مع التجارب السابقة.

عدم التطابق في المسارات العصبية

تقول (هوك) أيضاً بأن بعض الدراسات تعزو حادثة الديجافو لمشكلة معالجة في المسارات العصبية في الدماغ، فمن أجل الوصول إلى المناطق القشرية العليا من الدماغ، تنتقل المعلومات الحسية من خلال مسارات متعددة، وهذه المعلومات تنتقل من خلال الطرق المختلفة لتصل عادة إلى الدماغ في نفس الوقت، ولكن مع ذلك، يمكن أن تحدث بعض الاستثناءات، وهذا ما يؤدي لتوليد الإحساس بسبق الرؤية.

يقترح بعض العلماء بأنه عندما يحدث فرق في المعالجة على طول هذه المسارات، يضطرب الإدراك ويعتبر التجربة الواحدة على أنها رسالتين منفصلتين، وهذا يجعل الدماغ يفسر الإصدار الثاني – الذي يأتي من خلال المسار الثانوي البطيء – على أنه تجربة منفصلة، وهذا ما يؤدي إلى إعطاء ذلك الشعور الغريب الذي يدعى بالديجافو.

أخيراً، يجدر القول بأن الدماغ يعتبر من أكثر أجهزة الجسم غموضاً، وفهم واحدة من أغرب ظواهره سيستغرق بعض الوقت، ومن المحتمل أنك سوف تواجه العديد من تجارب الديجافو قبل أن يستطيع العلم الوصول إلى إعطاء شرح واضح عن الأسباب الحقيقية وراء ذلك.

شارك
نشر المقال:
Diana