التصنيفات: متفرقات

ماذا يحدث للبشر عند قضائهم شهر تحت سطح الماء

قام (فابيان كوستو)، حفيد (جاك كوستو) في الأول من شهر حزيران بالسباحة وصولاً إلى آخر مختبر مأهول تحت سطح البحر في العالم المسمى بـ (Aquarius) الواقع في فلوريدا كيز, حيث سيمضي هناك 31 يوم, أي أكثر بيوم كامل من الفترة التي أمضاها فريق جده قبل حوالي 50 عام في المختبر المسمى بـ (Conshelf II), حالياً فإن مختبر (Aquarius) هو آخر مختبر من نوعه بعد توقف باقي المخبرات البحرية عن العمل نتيجة لتوقف التمويل .

من رافق (كوستو) في مهمته المسماة بـ “Mission 31” هم مصورون, وعلماء من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الشمالي الشرقي مختصين في علم الأحياء البحرية والهندسة تحت المائية، حيث سيواجه جميع هؤلاء تحدي البقاء تحت الماء لأكثر من شهر في بيئة من الغوص المشبع بالضغط العالي, وهو الغوص الذي يقوم فيه الجسم بامتصاص الغازات الخاملة تدريجياً, عند البقاء تحت الماء في الأعماق لفترة طويلة من الزمن, حيث تقوم هذه الغازات بالتوسع داخل جسم الانسان الأمر الذي يسبب عادةً آلاماً شديدة وأحياناً قد تصل النتائج إلى الشلل, وقد تؤدي إلى الموت في بعض الحالات.

ما يميز هذه التجربة, أن الفريق سيستطيع الغوص لمدة تتراوح بين 2-8 ساعات يومياً دون الحاجة للعودة إلى السطح و التعرض لتغيرات الضغط المؤلمة – حيث يسمح عادة للغواصين في الحالات العادية بالغوص لمدة ساعة على الأكثر في اليوم – وفي نهاية المهمة ستصعد القاعدة بكاملها ببطء إلى السطح, مما يسمح للغازات بالخروج دون أن تسبب أي أذى, وعندها سيكون الفريق جاهزا للخروج إلى سطح الماء.

فما  هي تأثيرات العيش تحت الماء لفترة طويلة على الجسم البشري:

الجلد:

المرض الأكثر ظهوراً في بعثات ما تحت الماء تبعاً لـ (مارك هولسبيك), يدعى بالخثر الزاحف, وهو مرض يتسبب بحب الشباب و الطفح الجلدي, وعادة ما ينتج عن تبول الغواصين في بذلات الغطس الخاصة بهم, نتيجة للضغط الذي يتعرضون له, وأفضل علاج لهذه الحالة, هو الاستحمام بعد كل عملية غطس واستعمال صابون مضاد للبكتيريا, بالإضافة إلى استخدام المناشف المعقمة.

يعد التهاب الأذن أمراً شائعاً أيضاً في مثل هذه الحالات, ولكن استخدام المحاليل المطهرة المصنوعة من خلّات الألومنيوم, يمكن أن يؤمن العناية المطلوبة قبل أن تسوء حالة الإلتهاب،وإضافةً لما سبق فإن العيش في قواعد تحت الماء قد يسبب الشحوب, ونقص فيتامين د (D)، نتيجة لقلة التعرض لضوء الشمس.

التذوق والإحساس بالجوع:

أشار العديد من رواد البحار, أن حاسة التذوق تصبح أضعف عند قضائهم لمدة طويلة تحت الماء, ويُعتقد أن ذلك يعود إلى الكثافة العالية للهواء داخل المساكن المائية, مما يجعل الأنف أقل حساسية، حيث لا يقوم بالتقاط ما يكفي من روائح الأطعمة ليساهم في عملية التذوق, إضافة إلى أن الوقت الطويل الذي يقضيه الغواصون تحت الماء و كثافة الهواء في المساكن, تسحب الحرارة من أجسام الغواصين بطريقة أسرع مما يحدث في البيئة الطبيعية, ونتيجة لذلك فإن معدل الأيض (استقلاب الخلايا) يرتفع لدى الغواصين للحفاظ على درجة حرارة الجسم, ولذلك يميل الناس لتناول المزيد من الطعام في مثل هذه الظروف.

 النوم:

بالعادة فإن فريق الغوص ينال قسطاً كافياً من النوم في الليل، بسبب طبيعة الحياة الهادئة في المساكن المائية, وبسبب الجهد الذي يبذله الفريق كل يوم تحت الماء لساعات عديدة, إلّا أن الحياة البحرية الجارية خارج المساكن البحرية قد تكون صاخبة بعض الشيء, مما قد يسبب بعض الإزعاج لرواد البحار.

التنفس والتكلم:

يميل الناس إلى رفع مستوى نبرات أصواتهم بسبب الضغط العالي في المساكن, ولكنهم لا يلبثون أن يتعودوا على هذا الضغط, أو ربما تتعود آذانهم على هذا المستوى من نبرة الصوت, فيصبح الأمر عادياً بالنسبة لهم.

كما يحرص الغواصون على أن لا يصابوا بأمراض الجهاز التنفسي, لأن إخراج الشخص المصاب من المساكن المائية سيتطلب إخراج الفريق بأكمله إلى سطح الماء, فضلاً عن سهولة انتقال العدوى لجميع أعضاء الفريق نظراً لصغر مساحة المساكن المائية نسبياً, ولذلك فإن العلماء يسعون للحفاظ على صحة الجهاز التنفسي لدى الأشخاص القاطنين في المساكن البحرية.

الحمامات:

قام فريق (Aquarius) بوضع فقاعة مدعومة بضغط هوائي كستار لإبعاد الأسماك عن المنطقة التي يستخدمها الفريق لقضاء حاجتهم, وذلك لأنه فيما مضى كانت حمامات المساكن المائية مفتوحة على البحر, مما أدى إلى الكثير من الحوادث التي تسببها الأسماك الموجودة في المنطقة والتي تتجمع لأنها تعتبر هذا الوقت بمثابة وقت الطعام بالنسبة لها، وبشكل عام فإن المنطقة التي يستخدمها فريق المساكن كحمامات هي عبارة عن غرفة صغيرة مفتوحة على البحر وتحتوي على جيب هوائي للتنفس تسمى (gazebo).

الرؤية:

بغض النظر عن حاجة الغواصين للتعود على الرؤية في الظلام, لم ترد أي ملاحظات بخصوص مواجهتهم لمشاكل في الرؤية.

التفكير:

أشار بعض رواد البحار بشعورهم بالخدر الناتج عن النتروجين, وهذه الظاهرة ليست غريبة لدى من يمارس الغوص, حيث أن الغواصين عندما يبلغون عمقاً معيناً يمكن أن يراودهم شعور يشبه حالة السكر, ولكن البعض يعتقد بأن العمق الذي ستصله (Aquarius) لا يكفي لإحداث هذا النوع من الخدر على الفور, إلّا أن تعرض أجسام الفريق المستمر للنتروجين قد يسبب هذا الشعور بعد مضي 24 ساعة على وجودهم في المسكن البحري.

العزلة والضجر:

سابقاً لم تكن المساكن البحرية مزوّدة بشبكة انترنت, وكان الفريق يقضي وقته إما في القراءة أو بالقيام بأشياء أخرى تبقيهم مشغولين, أما الآن, فيمكن لفريق الغوص إجراء الاتصالات وتصفح الانترنت والاتصال مع عائلاتهم وأصدقائهم في أي وقت يرغبونه.

حدود المدة:

حالياً لا يوجد أي دراسة توضح الحدود التي يمكن للغواصين قضائها في المساكن البحرية, ولكن بالنظر إلى كثافة الهواء, وإلى كمية الأوكسجين التي يتم استنشاقها في كل شهيق وزفير, فمن المرجح أن يتعرض الغواص لمشاكل في الدورة الدموية، في حال طالت مدة بقائه في المساكن المائية، وقد يتعرض لحالة تسمى (التسمم الرئوي).

المقالة الأصلية

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير