التصنيفات: الصحة الجيدة

كيف يتم تقطيع الحمض النووي للمورثات داخل الجسم

قام العلماء باختبار تكنولوجيا جديدة جذرياً، تقوم على تقطيع وتعديل الحمض النووي، على أمل أن تساعد على علاج بعض الأمراض مثل مرض نقص المناعة البشرية (الايدز)، وسرطان الدماغ، ومرض الزهايمر، والأمراض الأخرى التي كان يعتقد بأنها غير ممكنة العلاج، وقد استطاع العلماء اكتشاف ثلاث فئات بروتينية من الطبيعة، وقاموا بتعديلها وراثياً حتى تقوم بعملية قص ولصق الحمض النووي، وهذه البروتينات هي: ZFNs، TALENs وCRISPRs.

ZFNs:(Zinc-finger nucleases) 

تم اكتشاف هذا البروتين للمرة الأولى من مخالب الضفدع الأفريقي، وهو عبارة عن حلقات طولية تشبه الأصابع، تمسك بمورثات الضفدع بطريقة قوية جداً، وتقوم أيونات الزنك بجمع هذه الحلقات مع بعضها البعض.

انطلقت فكرة الاستفادة من هذا البروتين من الدكتور (سرينيفاسان شاندراسيجاران) من جامعة جونز هوبكنز، ولكن كانت المشكلة أن كل إصبع زنك يلتصق فقط بقطعة صغيرة معينة من الحمض النووي، أي حوالي ثلاثة أساسات، وهذا يشكل عائقاً في حال الرغبة باستخدام البروتين لاستهداف قطعة أخرى من الحمض النووي، وكان الحل بأن قام (شاندرا) بخياطة ستة بروتينات معاً وبذلك استطاع استهداف ثمانية عشر أساساً، ولكن زيادة الأساسات المستهدفة لم يكن كافياً، كونه يجب أن يتم تعديل البروتين ليصبح صالحاً للعمل، ولذلك تمت الاستعانة بانزيم تستخدمه البكتيريا لفصل (قص) الفيروسات من الشفرة الوراثية الخاصة بها، ويدعى هذا الانزيم بـ(نوكليازات الاقتطاع الداخلي)، كما اختار (شاندرا) انزيم FokI، المعروف بقدرته على القيام بقطوعات نظيفة، وبعد ذلك تم الجمع ما بين قدرة الحمض النووي لأصابع الزنك التجميعية مع قدرة الانزيم التقطيعية، وبذلك ولد نوكلياز إصبع الزنك (ZFN).

يعمل هذا البروتين في الجسم البشري، عن طريق الإدخال المباشر لجزيئين من بروتين (ZFNs) إلى نواة الخلية، حيث يقوم هذا البروتين بالارتباط بقطعتين منفصلتين من الحمض النووي تحيطان بالمورثة المستهدفة، بعد ذلك يتصل كل من جزيئي الأنزيم القاطع مع بعضهما، ليتمكن هذا الانزيم من الاشتراك في عملية فصل الحمض النووي، كما يمكن استخدام هذه الطريقة في إصلاح الجينات عوضاً عن كسرها، سامحين بذلك للمادة الوراثية بالدخول إلى الخلية، وبذلك يمكن للعلماء عن طريق هذه التقنية استهداف أية مورثة.

TALENs(Transcriptor Activator-Like Effector Nucleases):

تم استنباط بروتين ((TALENs من البكتيريا، وتحديداً من مرض يدعى(المستصفرة)  Xanthomomas، يصيب النباتات ويقوم بافتراس الشفرة الوراثية لها، إن هذا البروتين لا يحتوي على هياكل تشبه الاصبع، ولكن بدلاً عن ذلك فإن الحمض النووي يتوضع فيه بذات الشكل الطبيعي للخلايا، وتكون الأحماض الأمينية التي تشكل TALEN)) محاذية تماماً لسلاسل الحمض النووي التي يقومون بتقطيعها، ولذلك فإن تغيّر الاحماض الأمينية يؤدي إلى تغير السلاسل التي ترتبط معها، مما يجعل تخصيص التعديل الذي يقوم به البروتين أكثر بساطة، وإضاقة إلى ذلك، فإن كل جزيء من TALEN)) يمكنه الارتباط مع 17 أساس من الحمض النووي، وهو طويل بما يكفي للتعرف على قطعة من الحمض النووي البشري.

يستخدم TALENs ذات الأنزيم الذي يستخدمه ZFNs  لقص الحمض النووي وهو أنزيم FokI، ويعمل هذا الأنزيم عن طريق تطويق المورثة ومن ثم القيام بعملية القص.

CRISPRs (Clustered Regularly Interspaced Short Palindromic Repeats):

وهو آخر البروتينات القاصة المكتشفة، وعلى غرار TALEN))، فإن (CRISPRs) هو بروتين مكتشف بالآلية الدفاعية التي تستخدمها الجراثيم ضد الفيروسات التي تصيب حمضها النووي، ويتكون البروتين من أجزاء متشابهة متكررة صغيرة ومتباعدة موجودة بالجينوم البكتيري، كما يوجد بين هذه الأجزاء “دالاّت” وهي قطع صغيرة من الشفرة الوراثية تتطابق مع الشيفرة الوراثية للمادة المراد استهدافها، حيث تقوم بتوجيه (CRISPRs) إلى المنطقة الصحيحة المراد استهدافها من الحمض النووي، وبمساعدتها يرتبط هذا البروتين مع الحمض النووي المراد استهدافه.

وعوضاً عن استخدام نوكلياز ((FokI مثل (ZFNs) و(TALENs)، فإن (CRISPRs)يستخدم Cas9، وهو أنزيم بكتيري، قادر على إجراء اقتطاعات عميقة في الحمض النووي، حيث يقوم بقطع الحمض النووي بشكل مزودج من الطرفين ، تماماً  كما في ZFNs)) و(TALENs).

من بين هذه البروتينات الثلاثة، يعتبر (TALENs) هو الأفضل تصميماً، حيث أن بنيته ليست معقدة، وهذه البساطة تعطيه أفضلية الدخول السلس إلى الخلية، ولكن مع ذلك فإنه قد يقوم بقص الحمض النووي في مكان غير مرغوب به.

قام الباحثون باستخدام ((CRISPRs لاستهداف مورثات تعود لأمراض مثل التليف الكيسي، وفقر الدم المنجلي، ومرض التوحد، كما استخدم الباحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، هذا البروتين لتصحيح طفرة في مورثة FAH  لدى فئران اختبارية تعاني من اضطراب وراثي نادر لدى البشر يسمى فرط تيروزين الدم، وهو اضطراب يسبب وجود فائض من تيروزين الأحماض الأمينية، والتي يمكن أن تؤدي إلى فشل الكبد وحتى الموت.

المقالة الأصلية 

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير