التصنيفات: متفرقات

ماذا يحدث عندما يثور بركان مدفون تحت الجليد

عندما انفجر بركان (ايافيالايوكل) في ايسلندا عام 2010، ولّد ذلك الإنفجار الصغير نسبياً سحابة من الرماد بارتفاع 30,000 قدم، مؤدياً لإغلاق معظم مناطق المجال الجوي لأوروبا لمدة ستة أيام، ولكن مؤخراً صدرت تحذيرات جديدة من قبل أيسلاندا موجهة لخطوط الطيران، تفيد بأن بركاناً آخر يدعى (بارداربونجا) قد يكون على وشك الإنفجار، والجدير بالذكر أن العلماء كانوا قد أعلنوا هذه المنطقة من أكبر مناطق النشاط البركاني منذ عام 1996، كما أنهم كانوا قد لاحظوا وجود تدفق للحمم البركانية تحت سطح القشرة الأرضية، مما دعا مكتب الأرصاد في أيسلندا إلى إعلان حالة الخطر من درجة الرمز البرتقالي للملاحة الجوية، وتبعاً للمنظمة الدولية للطيران المدني يأتي الرمز البرتقالي في الدرجة الثانية بالخطورة بعد الرمز الأحمر، وقد تم حاليأ إجلاء المناطق التي تقع شمال البركان.

يقع بركان (بارداربونجا) تحت نهر جليدي يبلغ متوسط عمقه حوالي 1300 قدماً، ولمعرفة ما الذي يحدث عندما تتلاقى الحمم البركانية مع المياه أو الجليد، فقد تم إجراء حديث مع العالم (بنيامين إدواردز)، وهو عالم جيولوجيا في كلية ديكنسون في بنسلفانيا، ودار الحوار الآتي :

س: هل سينفجر بركان (بارداربونجا)  ببساطة من خلال النهر الجليدي؟

ج: من غير المرجح حدوث ذلك، فإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن منطقة البركان تغطي حوالي 27 ميلاً مربعاً، وأنها بمجملها مغطاة بـ 1300 قدماً من الجليد، وبفرض أن كل قدم مربع من الجليد يزن حوالي 62.4 باونداً، فإن وزن الجبل الجليدي الذي يقع فوق بركان (بارداربونجا) يصل لحوالي 60.000.000.000.000 باونداً، فعلى الرغم من أنه من الممكن أن يتسبب انفجار البركان بتصدع المنطقة الجليدية التي تسد فوهة البركان لمسافة معينة قد تصل لبضع مئات الأمتار، إلّا أنه احتمال ضعيف أن يتمكن الانفجار من كسر الطبقة الجليدية كاملةً ويصل إلى سطحها في غضون ثوان قليلة.

س: هل يمكن لانفجار البركان ان يؤدي إلى ذوبان نهر الجليد؟

ج: نعم، ولكن هذا يعتمد على كمية تدفق الحمم البركانية التي ستخرج من البركان، فمن الممكن نظرياً أن يستطيع كل يارد مكعب من الحمم البركانية إذابة ما يصل من 10 إلى 14 يارد مكعب من الجليد، ولكن عندما تواجه الحمم ظروفاً تجعلها تبرد بسرعة – مثل ارتطامها المفاجئ بنهر من الجليد – فإنها لا تصدر تلك الكمية من الحرارة التي تصدرها عندما تترك لتبرد ببطء، ففي ظروف التبريد السريعة لا يستطيع يارد مكعب من الحمم سوى إذابة ما يصل من 5 إلى 6 ياردات من الجليد، ولكن إذا ما استطاع الانفجار البركاني تجاوز الجليد والخروج منه، فإنه على الأرجح سيستمر في الانفجار حتى يؤدي لتكسير بعض القطع من الجليد وإطلاقها في الهواء، فهناك الكثير من الأدلة على وجود انهيارات ثلجية تسببت بها البراكين تم فيها امتزاج الجليد مع الحمم البركانية.

س: إذا ما افترضنا قدرة البركان على تذويب النهر الجليدي، فكم من الوقت سيستغرق هذا؟

ج: هذا يعتمد على نوع الحمم التي ستخرج من البركان، ففي بعض الأحيان يُخرج البركان سوائل على شكل أنابيب للحمم البركانية تصل سماكتها لحوالي ثلاث أقدام وطولها من 20 إلى 30 قدماً، هذا النوع من الإنبعاثات يعتبر مصدراً بطيئاً للحرارة، وغالباً ما يتسبب بتشكيل البحيرات في منتصف الأنهر الجليدية، أما من ناحية ثانية، فإذا كانت الانبعاثات البركانية عبارة عن مواد صلبة يتم قذفها بشكل قطع صغيرة، فإن هذه القطع سيكون لديها القدرة على إذابة الجليد بصورة أسرع، حيث أنه بالرغم من أن هذه القطع الصغيرة تبرد بسرعة أكبر، إلّا أنها تؤدي إلى تسخين ما يحيط بها بسرعة أكبر أيضاً، بينما بالنسبة لأنابيب الحمم البركانية فإن الحرارة تبقى محصورة داخل الأنابيب وتخرج بطريقة أبطئ.

س: ماذا يحدث بعد أن تخرج الحمم البركانية عبر النهر الجليدي ؟

ج: قد يعتقد معظم الأشخاص أن الحمم البركانية عندما تصبح على سطح الجليد، فإنها تبرد بسرعة قبل أن تبتعد مسافةً كبيرة، ولكن هذا ليس صحيحاً تماماً، فقط أظهرت التجارب التي تم إجراؤها في المختبرات، أن الحمم تتحرك بشكل أسرع أكبر عندما تكون على سطح جليدي، وقد يرجع هذا إلى أن المياه الذائبة تخلق طبقة عازلة تساعد الحمم لتنزلق حولها، أما على أرض الواقع، فإن الإنفجار البركاني يغلف الجليد بطبقة من الرماد، الذي يقوم بدوره بإبطاء عملية ذوبان الجليد، ويجعل الحمم البركانية تبقى لعدة ساعات فوق قطع الجليد من دون أن تذيبها.

س: كيف يمكن أن يؤثر توضع البركان تحت نهر الجليد على كمية الرماد المنبثقة منه؟

ج: ما يزال العلماء يحاولون الوصول إلى الإجابة الشافية عن هذا السؤال، فهناك رأيان متعارضان بهذا الشأن، فإحدى النظريتين تفيد بأنه عندما ستضرب الحمم البركانية الجليد، فإن البخار الذي سينتج عن الانفجار سيؤدي إلى تفتيت الرماد إلى جزيئات صغيرة، وهذه الجزيئات الصغيرها سيكون بإمكانها أن تسافر لمسافات أبعد في الهواء، وهذا أمر قد يسبب العديد من المشاكل بالنسبة لشركات الطيران، أما النظرية الثانية فتقترح أنه عندما ستضرب الحمم البركانية الجليد، فإن البخار الناتج عن الانفجار سيتكثف مؤدياً لإلتصاق جزيات الرماد ببعضها البعض، مما يجعلها أثقل وغير قادرة على الذهاب بعيداً في الهواء، إلّا أنه ولغاية هذه اللحظة لم يتم اعتماد أياً من الفرضيتين، ولكن ما يمكن قوله هو أن كمية الرماد المنتجة في المقام الأول، تعتمد على نوع الحمم البركانية التي سيتم إصدارها، فتدفقات الحمم البازلتية تكون بشكل سوائل، بينما تميل الحمم البركانية الأكثر سماكة لأن تكون أكثر إصداراً للرماد، والجدير بالذكر أن أيسلندا كانت قد شهدت تدفق كلا النوعين من الحمم البركانية، وبالتالي فإن السؤال يبقى بدون إجابة، أما إذا ما بقيت الحمم البركانية داخل الجليد، فإن هذا يعد أسوأ سيناريو لأن هذا سينجم عنه حدوث الفيضانات المحلية.

بجميع الأحوال فإذا استطاعت الحمم الخروج من خلال طبقة الجليد فسيؤدي ذلك لتولد الرماد، وهنا تبقى المسألة متوقفة على معرفة اتجاه الرياح في ذلك الوقت، فإذا ما كانت الرياح تتجه نحو الناحية الجنوبية الشرقية باتجاه أوروبا، فإن هذا سيسبب الكثير من الضرر، أما إذا كانت الرياح تتجه شمالاً نحو الدائرة القطبية الشمالية، ففي هذه الحالة لن يكون لهبوب الرياح المحمل بالرماد ذلك الأثر الكبير على السفر الجوي في جميع أنحاء العالم.

س: هل يمكن لإنفجار بركان (ايافيالايوكل) الذي حدث مؤخراً أن يفيد في التوقع بالأحداث التي من الممكن أن تحصل في هذه المرة؟

لا يمكن لأحد أن يعرف الجواب عن ذلك حتى يثور بركان (بارداربونجا) إن حدث هذا، ولكن هناك عدد من أوجه التشابه في كلتا الحالتين حتى الآن، فثورة البركان التي حصلت في عام  2010 كانت قد بدأت بالفعل بنشاط زلزالي كان يتركز حول منطقتين منفصلتين – وهو ما يحدث حالياً في حالة بركان (بارداربونجا)،  وبعد بضعة أسابيع من هذا النشاط المحوري بدأ مركز النشاط ينتقل ليصبح تحت البركان الذي كان مدفوناً تحت نهر جليدي كما في حالة بركان (بارداربونجا) أيضاً.

المقالة الأصلية 

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير