اكتشافات أثرية

ليست مومياءً لطائر، الحقيقة اغرب من ذلك بكثير.

مومياء غامضة يتجاوز عمرها الألفي سنة، وصلت الينا كغيرها من آلاف المومياوات التي اعتبرها البعض دليلا على سر انفردت به الحضارة المصرية القديمة، منذ العثور على تلك المومياء الغريبة والكل يعتقد أنها  تحتوي بداخلها على بقايا طائر عزيز – وهو أمر منطقي، بالنظر إلي حجمها الصغير وتلك الزخارف المميزة علي شكل الصقر التي تحيط بها، لكن يبدو ان المومياء لديها المزيد من الأسرار لتبوح به إلينا.

تحنيط الحيوانات

بدت الموياء بحجم مثالي لطائر، يزينها رأس الصقر المطلي بالذهب في حين تشير الرموز الهيروغليفية المنقوشة عليها  إلى المعبود حورس ، إله السماء الذي تصوره المصريون القدماء علي شكل إنسان  برأس صقر. بانسبة لما تعرف عليها علماء المصريات  كان تحنيط الحيوانات – من التماسيح إلى القطط إلى الكستريل إلى خنافس الجعران – ممارسة شائعة جدًا في مصر القديمة . لذا لم ينظر المختصون إلي تلك  المومياء التي تعود للعصر البطلمي كشيء خاص أو غير  عادي. وبالتالي  ظلت تلك  المومياء ولفترة طويلة حبيسة الأدراج في متحف ميدستون في كينت، إنجلترا ،تحمل عنوانا مميزا باسم EA 493 Mummified Hawk.

نحن الان في عام 2016 و المسئولين عن المتحف قد قرروا أن يخضعوا أحد المومياوات البشرية للفحص بالأشعة المقطعية، حينها رأي البعض أنه من المناسب استغلال الفرصة التي لا تتكرر كثيرا، فلم لا يتم فحص  بعض مومياوات الحيوانات أيضًا، هنا دفعت الرغبة في الكشف عما تخبئه المومياء الصغيرة الباحثين إلي إخضاعها لفحصً بالأشعة المقطعية وهنا كانت المفاجأة.

نظرا لوضع الذراعين المعقودين علي الصدر، فإن المومياء لم تكن أبدا صقرا في يوم من الأيام – ونظرا لأن الفحص لم يكن يومها دقيقا بما فيه الكفاية، فقد  استقر حينها في يقين خبراء المتحف أنها ما بداخل المومياء ربما يكون قردًا.

نتيجة الفحص الأول لم تكن مرضية لعالم الأنثروبولوجيا أندرو نيلسون من جامعة ويسترن في لندن ، كندا ، لذا شكل فريقًا متعدد التخصصات لإعادة تحليل الأشعة المقطعية بدقة عالية للغاية.حينها كانت ذروة المفاجأة حين  اكتشف الفريق أن العظام تنتمي إلى جنين بشري، بعمر يتراوح ما بين 22 و 28 أسبوعًا منذ بداية الحمل،  وقد عاني من تشوهات شديدة في العمود الفقري وتشوهات خلقية نادرة تمنع الدماغ والجمجمة من التطور بشكل صحيح.

وبناءً على فحص أكثر دقة لمومياء الجنين التي تم إجراؤها على الإطلاق في عام في 2018 ، تمكنا نيلسون ورفاقه من  تحديد ملابسات وفاة ذلك الجنين البشري الذي كان بلا دماغ تقريبا وقد ولد ميتًا.

“الجزء العلوي كله من جمجمته لم يتشكل. أقواس فقرات العمود الفقري لم تغلق. عظام أذنيه في مؤخرة رأسه.”

تكشف عمليات المسح عظام الأصابع والقدم التي تكونت بشكل طبيعي ، ولكن من الخطورة للغاية تشوه الجمجمة ، لدرجة أن الدماغ لم يكن موجودًا عمليًا. كان لديه أيضا حنك مشقوق وشفة مشقوقة. تمثل تلك المومياء حالة نادرة ، حيث تعد واحدة فقط  من ثمانية أجنة معروفة محنطة، والثانية فقط  بلا دماغ. وصفت  الأولي قبل 200 عام تقريبا في عام 1826، ولعل الطريقة التي تم بها الحفاظ على البقايا تعني أن ذلك الجنين كان يمثل أهمية خاصة لعائلته.

بحسب تصريحات نيلسون: “ربما فوجئت الأسرة بفقد طفلها خصوصا وقد بدا لهم  جنيناً غريباً جداً ، ولم يبدو طبيعياً على الإطلاق، وحينها كان رد فعل الأسرة هو تحنيط هذا الفرد ، وهو أمر نادر جدًا. في مصر القديمة ، فلطالما وضعت الأجنة الميتة في أواني تدفن أسفل المنزل، لذلك كان هذا الجنين فردًا مميزًا جدًا “.

يعتقد الباحثون أن الضرر البالغ الذي تعرض له الجنين قد يشير إلى أن النظام الغذائي للأم كان فقيرا في محتواه من حمض الفوليك، وهو فيتامين يلعب دورًا مهمًا في تطوير الأنبوب العصبي. وقد ارتبط تناوله بانخفاض خطر الإصابة بانعدام الدماغ .

وفي النهاية يبقى سؤال لم يجب عنه حتي الان،لماذا زينت المومياء بصور الطيور؟

ربما وفرت لنا  الأغراض الأخرى التي ربما دفنت مع المومياء إجابة علي هكذا تساؤل، ولكن للأسف لم يتم العثور علي هذه المفقودات حتي الان.

قدم نيلسون البحث في المؤتمر العالمي لدراسات المومياوات ، الذي عقد في تينيريفي ، إسبانيا في 21-25 مايو 2018.

المصدر

https://www.sciencealert.com/scientists-thought-this-egyptian-mummy-was-a-bird-but-the-truth-was-something-sadder

شارك
نشر المقال:
زكريا أحمد عبد المطلب