معلومة طبية

لماذا ينمو شعر الرأس ليصبح أطول من باقي شعر الجسم؟

لماذا ينمو الشعر على الجسم، بخلاف الرأس، لطول معين فقط ومن ثم يتوقف، وإذا قصصته (أو أزلته) فإنه يعود على الفور لينمو إلى طوله الأصلي، وكأنه يعلم بأنه قد تم قصه؟

إليكم ما يخبرنا به العلم عن هذا الموضوع:

لا تقلقوا، فالشعر لا يمتلك عقلاً خاصاً به – أو على الأقل ليس بالمعنى الحرفي للكلمة- فالشعر الذي يوجد على الرأس يختلف عن الشعر الذي ينمو على باقي الأجزاء الأخرى من الجسم، ولكن جميع أنواع الشعر تنمو في الواقع لتصل إلى طول محدد، ويعتقد بأن الجينات هي من يحدد هذا الطول إلى حد كبير.

أولاً، دعونا نتحدث قليلاً عن الطريقة التي ينمو بها الشعر: يمتلك الشعر الذي ينمو على الرأس أو الجسم دورة محددة، ففي مرحلة التنامي، تبدأ الجذور البروتينة التي توجد أسفل بصيلات الشعر بجعل الخلايا تتراكم لتشكل هيكلاً يشبه الحبل، نعرفه باسم الشعر، كما أن إمدادات الدم التي توجد في فروة الرأس تبدأ بتغذية البصيلات وتسمح لها بالانقسام لتشكل المزيد من الخلايا، وطالما أن مرحلة التنامي مستمرة بالحدوث، سينمو شعرك ليصبح أطول وأطول، إلّا إذا قصصته بمعدل حوالي نصف بوصة كل شهر.

ولكن مرحلة التنامي لا يمكن أن تستمر إلى الأبد، وذلك مهما كان نوع الشامبو الذي تستخدمه، فمرحلة النمو تستمر لبضع سنوات، ويعتقد العلماء أن هذه المدة المحددة – والتي تختلف من شخص لآخر – قد تكون متعلقة بالجينيات.

بحسب (شاري ليبنر)، طبيب الأمراض الجلدية في كلية وايل كورنيل للطب، فإن طول الشعر يتحدد أساساً تبعاً لطول مرحلة التنامي،  لذلك كلما كانت مرحلة التنامي أطول، كلما استمر الشعر بالنمو ليصبح أطول.

هذا الأمر يمكن أن يستمر من سنتين وحتى ست سنوات، وهو ما يفسر السبب الذي يجعل شعر البعض منا ينمو ليصبح طويلاً جداً، في حين أن يبقى طول شعر البعض الآخر قصيراً مهما حاولوا، والجدير بالذكر أن طول الشعر الذي يستمر في النمو لمدة عامين قبل أن يتوقف سيبلغ طوله قدماً كاملة، ولكن طول ذلك الذي يستمر لمدة ست سنوات يمكن أن يكون أطول بثلاث مرات.

بالنسبة لشعر أجسامنا (الذي يحل محل الكثير من زغب الطفولة عندما نبلغ) فيكون أقصر من الشعر الذي يوجد رؤوسنا، وذلك لأن الشعر الذي يوجد على الذراعيين وبقية أجزاء الجسم، وعلى عكس شعر الرأس، يمتلك دورة نمو لا تستمر سوى لبضعة أسابيع وليس لسنوات.

قد يكون هذا راجعاً لكون الشعر الذي يوجد على الرأس ما يزال يخدم أهداف بيولوجية، مثل حماية الرأس من أشعة الشمس، أو حماية العينين من تساقط قطرات العرق والمطر عندما نقوم ممارسة التمارين الرياضية أو الجري.

من ناحية ثانية، فهل لاحظت يوماً وجود شعر قوي غير عادي في المناطق التي يحيط بها الزغب؟ من المرجح أن تكون مرحلة التنامي لدى هذا النوع من الشعر الطويل والأسود أطول من بقية الشعر، وتبعاً لـ(ليبنر)، فإن هذا قد يحدث في العادة مع التقدم في السن، وربما قد يكون راجعاً للهرمونات.

ولكن كل الأشياء الجيدة يجب أن تنتهي، ولا يوجد أحد تستمر لديه مرحلة التنامي إلى الأبد، فبعد أن يرسل الجسم الإشارات للبصيلات كي تتوقف عن تغذية الشعر، فإن جراب الشعر سيتوقف عن بناء الخلايا الشعرية الجديدة، وهذا ما يسمى بمرحلة التراجع، وعلى الرغم من أن الشعر يبدو وكأنه يستمر بالنمو خلال هذه الفترة، إلّا أن ما يحصل هو أن الشعرة يتم دفعها نحو الأعلى باتجاه القسم السطحي من الجلد.

بمجرد انتهاء مرحلة التراجع، تبدأ بصيلات الشعر بتجديد نفسها، في حين تدخل الشعرة في طور الراحة، وخلال ذلك تبقى البصيلات نائمة لبضعة أسابيع أو حتى لأشهر، وفي نهاية المطاف، فإن الشعر الميت سيسقط من تلقاء نفسه أو يتم دفعه من قبل الشعر الجديد الذي يكون قد بدأ في مرحلة التنامي من جديدة.

قد تكون قد لاحظت بأنك لا تفقد معظم شعرك كل بضع سنوات ليبدأ بالنمو من جديد، وهذا لأن البشر يمتلكون دورات نمو متداخلة، حيث يمر حوالي 3% فقط من بصيلات بمراحل التراجع في أي وقت من الأوقات، في حين أن نحو 90% منها تكون في طور النمو النشط، أما ما تبقى فيتساقط ويذهب في طي النسيان، والجدير بالذكر أن الأمر ليس هكذا لدى بعض الحيوانات، حيث أن الشعر يأتي ويذهب بشكل دوري أو بشكل موسمي، وهذا هو السبب الذي يجعل الكلاب مثلاً تترك وراءها الكثير من الشعر في كل مكان في أوقات محددة من السنة.

من الطبيعي أن يفقد الإنسان حوالي 100 شعرة في اليوم، وذلك بغض النظر عن السن، كما أن تساقط الشعر المرتبط بالعمر لا يعني أن دورات شعرك قد غيّرت من سرعتها، ولكن السبب ببساطة يعود إلى أن بعض البصيلات قد توقفت عن العمل، وأن بعضها الآخر قد بدأ بإنتاج شعر أرق، وعادة ما يكون هذا الشعر الرقيق أيضاً أكثر جفافاً، لأن الغدد الدهنية تنكمش مع تقدم العمر، مما يجعله أكثر عرضة للتكسر عندما لا يكون في أقصى طول له، هذه العوامل تخلق خسارة إجمالية في كثافة وطول الشعر، ولكن بصيلات الشعر تكون مستمرة في العمل في ذات التوقيت.

لذلك، وبالعودة إلى السؤال السابق، فإن الإجابة هي أنه عند تقوم بقص شعرك، فإنه يعود لينمو لحوالي ذات الحد الأقصى لطوله كل مرة، وذلك لأن شعرك قادر على الاستمرار في التنامي لهذه المدة فقط، أما بالنسبة للشامبو، فهو قد يكون قادراً على جعل شعرك قوياً بما فيه الكفاية ليصل إلى حده الأقصى الحقيقي للطول، ولكن لا يمكنك خداع الشفرة الوراثية لديك مهما فعلت.

 

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير