التصنيفات: غير مصنف

لماذا لا نسمع ضربات قلوبنا؟

فكر بذلك الوقت الذي كنت فيه قادراً على الشعور بقلبك – ذلك النبض القوي الذي تشعر به بعد ممارستك لتمارين رياضية شاقة أو اللحظة التي تختبر فيها تدفقاً عنيفاً للأدرينالين- إذا كنت من الأشخاص الذين يتمتعون بصحة جيد، فإن تلك اللحظات التي تشعر فيها بضربات قلبك يجب أن تكون نادرة، وهذا يعود كما كان يفترض سابقاً إلى الدماغ، ولكن حتى الآن لم يكن العلماء يعرفون كيف يعمل هذا بالضبط.

كان الأمر على ما هو عليه حتى الأسبوع الماضي، حيث أصبح العلماء في المعهد الاتحادي السويسري للتكنولوجيا في لوزان، وهو معهد أبحاث في سويسرا، أول من يقوم بتحديد ما يحدث في الدماغ بالضبط ويمنعنا من أن نكون على علم بأن قلبنا ينبض باستمرار، فقد وجد الباحثون بأن الدماغ يعمل على فلترة الأحاسيس الصادرة عن القلب، في الوقت الذي يستمر فيه في إدراك الأحاسيس الخارجية.

تبعاً للمؤلف المشارك في الدراسة (روي سالومون) فإننا بطبيعتنا مخلوقات غير موضوعية، حيث أننا لا نرى كل شيء يقع على شبكية عيننا مثلما تفعل كاميرا الفيديو، والدماغ نفسه هو من يقرر ما هي المعلومات التي يجب أن تنتقل إلى الوعي، ولكن ما يثير الدهشة هو أن قلوبنا تؤثر أيضاً على ما نراه!

في الدراسة التي تم نشرها الأسبوع الماضي في مجلة (Neuroscience)، أشار (سالومون) وفريقه بأنه لاكتشاف هذه قاموا بتنفيذ تجربتين من التصوير الدماغي على 150 متطوع، كانت التجارب تشتمل على تغير في ومطات أشكال هندسية، تتزامن أحياناً مع ضربات قلب المتطوعين، ومن خلال ذلك كشفت نتائج الرنين المغناطيسي الوظيفي عالية الدقة لكل متطوع، بأنه عندما كانت الأشكال تومض بشكل متناسق مع ضربات القلب، وان هذا المتطوع يجد صعوبة أكبر في إدراك تغير الأشكال.

اكتشف الفريق بأن القشرة الدماغية الانعزالية هي من يعمل بالتحديد كعامل فلترة بين الأحاسيس التي تأتي من القلب والدماغ، لذلك عندما كانت المحفزات غير متزامنة، كانت القشرة الانعزالية تتصرف كالمعتاد، في حين أنه عندما كانت المحفزات متزامنة مع ضربات القلب، انخفضت مستويات النشاط الكهربائي هنا، وهذا العمل تبعاً للباحثين هو عبارة عن معالجة غير وعية للإشارات.

الجدير بالذكر أن أبحاثاً سابقةً كانت قد وجدت بأن الوعي بضربات القلب هو واحد من الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بالقلق والمشاكل النفسية الأخرى.

يقول (سالومون) بأنه لا يوجد أحد يريد أن تتداخل أحاسيسه الداخلية مع العوامل الخارجية المحيطة به، فعلى الرغم من أنه في مصلحتك أن تكون واعياً لما يوجد في محيطك، إلّا أنه وعلى اعتبار بأن قلبنا كان ينبض بالفعل في الوقت الذي كان فيه دماغنا يتشكل، فقد كنا معرضين لهذا المنبه منذ بداية وجودنا، لذلك ليس من المستغرب أن يعمل الدماغ على قمعه وجعله أقل وضوحاً.

 

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير