أخبار العلوم

كيف ساهمت التكنولوجيا وأنظمة الذكاء الاصطناعي بتعزيز ظهور “المثلية” في العالم.. وما أسبابها؟

“هنا يعيش ثلاثة أبطال مثليون، يكافحون لحماية مجتمع المثليين من خصومهم الأشرار”…

إن ظننت أن هذه مقولة منشورة في صحيفةٍ ما كتصريح لأحد المدافعين عن حقوق المثلية، فأنت واهم.

هذه الجملة هي إعلان لمسلسل كرتوني مخصص للأطفال يُقّدّم على شبكة “نيتفليكس”، يظهر المثليين كأصحاب قوة خارقة وهم يطاردون الأشرار!.

لعلّ أول الإشارات الدالة على ظهور “مثليي الجنس” أو ما يعرف اختصاراً بـ “LGBT” كانت في قوم النبي لوط كما أخبرنا القرآن الكريم بذلك.

ومنذ ذلك الحين وإلى وقتٍ ليس ببعيد، كان يُعدُّ فعلهم سوأة وأمر مخالف للفطرة والذوق العام، لا وبل يعتبر كجريمة في معظم دول العالم.

لكن كانت فترة رئاسة “باراك أوباما” للولايات المتحدة هي النقطة المفصلية في تاريخ تلك الفئة، فهو أول من أقرّ قانوناً يشرع لهم حياتهم ويرفع عن فعلهم صفة المخالفة متيحاً لهم كامل الحرية في الإشهار عن أنفسهم والاندماج في المجتمع.

ومثّلت رئاسة “دونالد ترامب” إعلان وصول أول المثليين لتسنم حكم بعض الولايات، ومثلي آخر مستشار للرئيس ترامب، ومن هنا كان بداية مرحلة التثقيف للمثلية في دول العالم، وبلغ عدد الدول التي أقرت زواجهم وحقوقهم لليوم 70 دولة.

دور التكنولوجيا في زيادة أعداد المثليين

هذا الانتشار الكبير – أو هكذا يظهر في الإعلام – لمثلي الجنس في دول العالم، ما كان له أن يظهر أو يتم لولا الدعم والدور الكبيرين اللذين قدمتهم التكنولوجيا.

يتناول هذا التقرير تسليط الضوء على التطبيقات والأنظمة التي ساهمت بنمو ظاهرة المثليين حول العالم، ومن أهم اللاعبين الأساسيين في هذا الشأن، كانت وسائل التواصل.

تطبيقات ومنصات التواصل الاجتماعي ومد الجسور بين المثليين

الأشخاص المثليين، ومزدوجي الميل الجنسي، ومغيري الهوية الجنسية، لا يولدون عادةً في أسر مثلية الجنس، مما يعني أنه يتحتم عليهم أولاً التغلب على شعورهم بالعزلة وإنشاء مجتمع خاص لأنفسهم، على أمل الحصول على دعم يعوضهم عن دعم أسرهم.

لكن منصات التواصل الاجتماعي ساعدت على تقليل هذه العزلة من خلال توفير وسيلة للعثور على الحلفاء والأشخاص ذوي التفكير المماثل.

كما تم تسخير قدرة التكنولوجيا وأدواتها لدعم المثليين – بدءًا من تطبيقات المواعدة مثل Her، إلى خدمة الاجتماعات عبر الإنترنت مثل Meetup وفرت نظامًا أساسيًا لـ ” LGBT” لاكتشاف بعضهم البعض، وهو ما أشار إليه 80% من المثليين باستخدام تلك الوسائل للتعرّف على المشابهين لهم.

فيما استخدم قسم كبير أيضًا من “LGBT” أداة “Express VPN” لإخفاء هويتهم عبر الإنترنت عند الدخول في مناقشات تدعم فكرة “المثلية” أو “التحول الجنسي”.

أما موقع “Misterbnb“، فهو تطبيق خاص للسفر للمثليين ويحدد لهم أين يمكن أن يَستأجروا ويجدوا أقرانهم من المثليين وأي الفنادق تملك علاقة طيبة مع المثليين.

كذلك موقع “Gaycities” هو خريطة تفاعلية ودليل سفر خاص بالمثليين، ويحدد المواقع السياحية التي يتواجد بها مثليين.

ولوحظ في السنوات الأخيرة عند تنزيل أي تطبيق من تطبيقات التواصل الاجتماعي، وعند ادخال المعلومات يقوم التطبيق بطرح سؤال عن الجنس، لايكتفي بالسؤال عن كون المستخدم ذكر أو أنثى، ولكن الخيار الأخر الجنس الثالث (المثليين)، ويهيئ خيارات تدعم المثليين.

الذكاء الاصطناعي والمثلية:

طوّرت شركات عدة خوارزميات التعرّف على الوجه، واستخدمتها دول وشركات عدة لأغراض أمنية في الدرجة الأساس.

كما جرى تطوير خوارزميات أخرى مهمتها التعرّف على المثليين من خلال صور وجوههم.

يمكن للذكاء الاصطناعي أن يخمن بدقة ما إذا كان الناس مثليين أم لا بشكل مباشر استنادًا إلى صور وجوههم.

وفقًا لِبحث جديد يشير إلى أن الآلات يمكن أن تميز بين المثليين من سواهم أفضل من البشر.

ووجدت دراسة أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تميز بشكل صحيح بين مثلي الجنس الرجال بدقة 81% و 74% للنساء.

وجد البحث أن الرجال والنساء المثليين يميلون إلى امتلاك صفات وتعبيرات غير نمطية وهذا يعني أساسًا أن الرجال المثليين بدوا أكثر أنوثة والعكس صحيح.

حددت البيانات أيضًا اتجاهات معينة، بما في ذلك أن الرجال المثليين لديهم فكوك أضيق وأنوف أطول وجبهة أكبر من الرجال المستقيمين، وأن النساء المثليات لديهن فك أكبر وجبهة أصغر مقارنة بالنساء المستقيمات.

لكن حذّرت المنظمات المهتمة بالدفاع عن حقوق المثليين من أن يتم إساءة استخدامها لأغراض مكافحة أو مطاردة LGBT.

الروبوتات والمثلية

تزدهر تقنية الروبوت في قطاعات متعددة من المجتمع، بما في ذلك قطاعات البيع بالتجزئة والرعاية الصحية والصناعة والتعليم، ومؤخرًا تم استخدام الروبوت لدعم المثليين.

في ورقة بحثية قصيرة جديدة نُشرت في مجلة Nature Machine Intelligence،

حيث وجد البحث أنّ تطوير روبوتات خاصة يمكن أن تساعد في التخفيف من الشعور بالوحدة الذي يعاني منه العديد من كبار السن المثليين.

كذلك يمكن استخدام تلك الروبوتات في التعليم، يمكنهم تقديم الدعم والمعلومات للأطفال والشباب الذين يعبرون عن مشاعر معقدة بشأن ميولهم الجنسية أو هويتهم الجنسية “.

العاب الفيديو التي تدعم المثليين:

في السابق لم يكن هنالك صورة رمزية لذكر مثلي الجنس يظهر فيها بدور بطل في أي لعبة فيديو، فعادة ما يتم تصويره على أنه لامع وأنثوي وغير قادر على الدفاع عن نفسه.

بينما يتم الشخصيات الذكورية على أنها بيضاء وقوية.

لكن ومع تنامي الأصوات المطالبة بحقوق المثليين وازدياد أعدادهم، بدأت الكثير من ألعاب الفيديو بإظهار “أبطال” على أنهم مثليي الجنس.

كما تخصصت مواقع وشركات برمجية بإصدار ألعاب خاصة لمثليي الجنس ومنها ” Gaymer.net و Lesbiangamers.com و Girlgamer.com“.

هل المثلية سببها مرضي أم وراثي؟

تعددت الأقاويل عن أصل المثلية الجنسية وسببها، وليس من إجماع علمي يؤكد حقيقة المثلية، لكن يرجعها البعض إلى ثلاث احتمالات، وهي:

الأول: عوامل هرمونية

وفقًا لبعض الأبحاث، الميول المثلية تتأثر بالبيئة الهرمونية التي ينمو بها الجنين.

العوامل الهرمونية تؤثر على بنية الدماغ وغيرها من السمات؛ نشاط “هرمون التستوستيرون” هو ما يجعل دماغ الجنين ينمو ليصبح دماغًا ذكريًا، وقلة تأثير هذا الهرمون هو ما يجعله ينمو ليصبح أنثوياً.

الثاني: عوامل نفسية

افترض البعض هذا العامل مبيناً أن نشوء الطفل في بيئة قاسية أو تعرّضه للتحرش أو الاغتصاب في إحدى مراحل حياته تجعل له مثل هذا الميول.

لكن الأطباء النفسيين يرون خلاف ذلك، وأن البيئة والصدمات النفسية قد تنتج شخصاً معزولاً أو ذو ميول إجرامي، ولا تنتج أشخاصاً ذو ميوعة وميول نحو الجنس المشابه.

يذكر أن “السلوك المثلي” أزيل من قائمة الأمراض والاضطرابات النفسية سنة 1973، وذلك طبقاً للجمعية الأميركية للأطباء النفسيين، ما يعني أنه ليس فعلاً خارجاً عن الإرادة.

الثالث: عوامل جينية

تم الترويج لهذا العامل على مستوى كبير جداً، والمتمسكين بهذا الرأي يحاولون إيجاد مبرر لأفعال مثلي الجنس، مظهرين أن، المثليين أشخاص ليس لهم قدرة على التحكم بأفعالهم وأن الأمر هو جيني تشكل عندهم خارج إرادتهم، لكن بيّنت دراسة أجريت عام 2017 نشرتها جمعية “Genome-Wide” بعد تحليل جينات 1100 شخص مثلي ومقارنتها مع جينات 1200 شخص طبيعي، وجدت أنه لا يوجد أي علاقة بين المثلية والجينات، وأنّ “المثلية” تصرفات يجريها الأشخاص بمحض إرادتهم.

شارك
نشر المقال:
طه الراوي