فيروس كورونا

فيروس كورونا: كيف أثر الحجر الصحي على علاقاتنا الإجتماعية؟

نعتمد على الصداقات لأسباب كثيرة، منها السعادة، التحقق (أو العكس) من آرائنا، والصحة والرفاهية.

وقد كتبت فرجينيا وولف في مقال نشر عام 1925 في “The Common Reader“: “التواصل هو الصحة؛ الاتصال هو الحقيقة؛ التواصل هو السعادة”.

وفي عام 2020، في خضم جائحة كورونا، تأثرت العلاقات الاجتماعية بشكل كبير، حيث أن الحجر حرمنا من الالتقاء بأصدقائنا، إلا من خلال تطبيقات التواصل، وقد تبين أنها لا تكفي.

وفقًا لروبن دنبار، أستاذ علم النفس التطوري في جامعة أكسفورد، فإن لكل علاقة صداقة ما يسمى بـ “معدل الانحلال”، وقد بلغت خلال هذه الفترة أعلى نسبة على الإطلاق.

يوضح البروفيسور دنبار أن “الصداقات تتحلل عندما لا ترى أشخاصا، وتتحلل بسرعة كبيرة”.

تصدرت أبحاث دنبار السابقة عن الصداقات عناوين الصحف العالمية في عام 2014 عندما حسب أن قدرتنا على الصداقة تقتصر على عدد محدد: 150 شخصا فقط.

ويوضح قائلاً: “إن عالمنا الاجتماعي لا يزال صغيرا جدا، فلا يمكنك تخصيص وقتك إلا لـ 15 شخصا فقط – 10٪ من شبكتك الاجتماعية الصغيرة جدا.

ويضيف: “لكنك تعتمد عليهم حقا، كما أن سلامتك وسعادتك وصحتك البدنية والعقلية وحتى خطر الموت لديك تتأثر جميعها بعدد الأصدقاء المقربين لديك، وهنا تكمن معضلة الحجر”.

في الوقت الحالي، نقطع هذه الروابط – وإن كان ذلك لأسباب ضرورية مثل البقاء في المنزل، والإبعاد الاجتماعي والالتزام بتوصيات منظمة الصحة العالمية NHS – ومعدل الانحلال لصداقاتنا يزداد نتيجة لذلك، لأن الصداقات تعتمد على الاستثمار المستمر للوقت، وإذا لم تتحمل ذلك، فسوف يصبح ذلك الصديق أحد معارفك”.

إن تراجع الصداقة ليس أمرا غير عادي، حيث أن الناس يدخلون ويخرجون من حياتنا بشكل مستمر ودوري، نحن نبحث عن أصدقاء يشعروننا بالراحة في أوقات مختلفة في حياتنا، وأحيانًا لتلبية احتياجات لحظة معينة، مهما كانت المدة، كما إن حزن نهاية الصداقة هو أمر مألوف بالنسبة لنا.

ما هو غير عادي هو الحجر، ويوضح دنبار أن عملية الاضمحلال أو الانحلال قد تم تسريعها بسبب ذلك، وبينما قد يساعد FaceTime و WhatsApp على وضع المكابح على هذا الاضمحلال، إلا أنهما لا يستطيعان إيقافه تمامًا.

يقول دنبار: “لقد ساعدت الوسائط الرقمية في سد الفجوات المكانية، لكن يبدو أنها لا تحل محل الاتصال وجها لوجه تماما، من حيث تأثيرها على الرفاهية العاطفية والرضا عن الحياة.

هناك شيء يتعلق بالقدرة على التحديق في عيني شخص ما، والتواجد هناك، أمام شخص ما – ربما لأنه ينطوي على الكثير من اللمس الجسدي: الربت على الكتف وكل هذه الأشياء التي نفعلها بدون التفكير فيها حقًا، هي في الواقع أكثر أهمية مما ندركه.

مقالات شبيهة:

مسافر في زمن كورونا؟ إليك هذه الإرشادات المهمة لضمان عدم اصابتك بالعدوى

يقول بعض علماء الاجتماع أيضا أن الصداقات تعتمد على ما يُعرف باسم “kinship premium” – أو فكرة أن الأسرة ستظل دائمًا في مرتبة أعلى من الصداقة، بغض النظر عما يحدث.

هناك أيضا قاعدة 30 دقيقة، والتي تنص على أنه لكي يكون الشخص صديقًا مقربًا، يجب أن يعيش على بعد 30 دقيقة منك.

يقول دنبار: “سواء كان ذلك من خلال المشي لمدة 30 دقيقة أو ركوب الدراجة أو القيادة، طالما أنك تستطيع الوصول إليه في غضون 30 دقيقة بطريقة ما، فسوف تذهب إليه، ومن ثم ستتوطد صداقتكما.”

طوال أزمة COVID-19، اضطررنا جميعا لمراجعة دوائر صداقتنا، واستطعنا اختيار أفضل 10 أشخاص لدينا.

ولكن حتى من دون المراسيم الحكومية، حتى من دون جائحة، كنا نعطي الأولوية لمن نتحدث معه ونراه طوال الوقت.

السؤال هو، بمجرد انتهاء الإغلاق، هل سنكون قادرين على إصلاح أي اضمحلال نتج عن ذلك؟

يقول دونبار بصراحة: “ما سيحدث بشكل شبه مؤكد بمجرد رفع الحظر بشكل صحيح هو أن الناس سيبذلون جهدًا كبيرًا للذهاب ورؤية الأصدقاء الذين يريدون الاحتفاظ بهم.

بوعي أو بغير وعي، بسبب الفيروس التاجي، اكتشفنا الصداقات التي نحن على استعداد للسماح لها بالانحلال والتفكك والاختفاء.

شارك
نشر المقال:
محمد