التصنيفات: غير مصنف

فلا ينحلِل في المجدِ مالكَ كلّه فينحل مجدٌ كان بالمال عقده

رُمِي المتنبي بالبخل والحرص على المال؛ وكان يدافع عن هذه الدعوى، وإن نقلت الكتب والمرويّات قصصًا عن بخله. ولا يُنكر أن المال كان للمتنبي وسيلة لتحقيق آماله المفقودة؛ فقد نشأ في أسرة فقيرة وأدرك أن الجاه والسيادة يحتاجان إلى سلطان المال، ولكن فلسفته في ذلك أن جمع المال مخافة الفقر، هو الفقر نفسه.

ومن ينفق الساعات في جمع ماله

مخافة فقر فالذي فعل الفقر

 

فالمتنبي لم يكن بخيلاً ولكنه صاحب فلسفة تنبع من معاناة حقيقية أدرك خلالها قيمة المال وأثره البالغ في الحياة. ليس المال لديه مطلبًا لذاته ولكنه عون لدفع عاديات الحياة:

وما رغبتي في عسجد أَستفيده

ولكنها في مفخر استجدُّه

 

وقوام هذه الفلسفة ـ التي قد تبدو بخلاً ـ يتضح في نصحه كافورًا ألا يسرف في العطاء فيذهب ماله في طلب المجد فيذهب المجد إذا ذهب المال. فصاحب المال بلا مجد فقير زري، وصاحب المجد بلا مال يوشك أن يزول عنه مجده، فالمال ـ من وجهة نظره ـ وسيلة لا غاية:

فلا ينحلِل في المجد مالك كلُّه

فينحلَّ مجد كان بالمال عقده

 

ودبِّره تدبير الذي المجد كفه

إذا حارب الأعداء والمال زنده

 

فلا مجد في الدنيا لمن قل ماله

ولا مال في الدنيا لمن قل مجده

 

 

 

شارك
نشر المقال:
mtahhan