التصنيفات: أخبار العلوم

طيور الليل

عندما يتوافر الأمن والأمان، تتوافر معه عوامل ونتائج كثيرة ومتعددة، كثيرا منها يؤدى لا محالة الى التطور والتقدم والرقى. فبالأمن يزداد سعى الأفراد وبالأمان يستقر هذا السعى وتتجلى آثاره ونتائجة المرغوبة فى كل شئ. فطرة الأشياء قامت وتقوم وتستمر بقوة عند توافر عنصرى الأمن والآمان كجناحين أساسيين للحياة الطبيعية الخالية من أى شوائب قد تعكر صفوها. فبالأمن والأمان تنمو وتتنامى كل محفزات العمل المنتج، وتنعم البيئة المحيطة بكافة الكائنات بالطمأنينة التى تحرك كل مشاعر الراحة والاستقرار والفرح، ومن ثم تنطلق الزغاريد البشرية وتغرد الطيور. وكلما زادت الطمأنينة زاد التغريد الذى هو فى الأصل  تردُّد الصوت بدافع تجميله والإطراب به، ولن يأتى هذا النوع من الطرب الا بتوافر الأمن والأمان المؤديان الى طمأنينة النفس واستقرار الحال. ومع هذا الاستقرار وهذه الطمأنينة تغرد الطيور ليلا ونهارا. ففى الصباح الباكر نسعد كثيرا بزقزقة العصافير، وبين أحضان أغصان الأشجار عند الظهيرة ومن وكر الحمام  نستمتع بشدوه، شدو يغمرك جماله من كل وكن ومن كل فحوص كالكائنة عند البيت الحرام والمسجد النبوى الشريف.

وفى الليل الجميل بظلمته تطربنا بعض الطيور بزقزقتها الرائعة كتلك التى تصدر من العندليب الشائع ( المطربة الليلية )   والطائر المحاكي الشمالي والأمريكي روبن والسوط الشرقي (فقير الإرادة ). وعلى الجانب الأخر تزعجنا البومة
التى تفضل إنشاء عش في تجاويف في الأشجار المتساقطة أو تستخدم عشًا مفتوحًا يصنعه صقر أو غراب. وكأن هذه البومة التى هى فى الأصل نذير شئوم جاءت لتؤكد لنا على مدى جمال وروعة زقزقة الطيور الأخرى، وكأننا أيضا أمام فطرة الخير والحسنات التى تجاورها وتسير بجوارها الكثير من الشرور والسيئات. ولكن هل لهذا النوع من طيور الليل (البوم) أن يرحل عن سماء قد لوثت بوجودها؟!!!. بل هل يمكن أن يختفى نعيق البوم ونعيب الغراب ويسود هديل الحمام وزقزقة العصافير وهدهدة الهدهد وتسبيح صوت الكروان؟.  

شارك
نشر المقال:
أ. د. نصرالله محمد دراز - Prof. Dr. N. Deraz