بيئة ومناخ

تغير المناخ والصيد الجائر يجعلان المأكولات البحرية أكثر سمية

توصي وزارة الزراعة الأمريكية الأميركيين بتناول حصتين على الأقل من المأكولات البحرية كل أسبوع، ولكن دراسة جديدة كشفت أن مستويات الزئبق في منتجات المأكولات البحرية تزداد بسبب الصيد الجائر وتغير المناخ.

وقالت إليز سندرلاند، الكيميائية البيئية في جامعة هارفارد، التي قادت البحث الجديد. في بيان صحفي: “سيؤدي تغير المناخ إلى تفاقم تعرض الإنسان لـ [الزئبق] من خلال المأكولات البحرية، ولحماية النظم الإيكولوجية وصحة الإنسان، نحتاج إلى تنظيم انبعاثات الزئبق وغازات الدفيئة على حد سواء.”
إن حرق الفحم واستخراج الذهب وإنتاج الأسمنت، بالإضافة إلى حرائق الغابات والبراكين، ينبعث منها الزئبق في الجو، وتمتص المحيطات هذا الزئبق المعلق في الهواء وتحول الكائنات الدقيقة المعدن إلى شكل يسمى methylmercury، وهو هو سم عصبي قوي قد يسبب الشلل الدماغي وصعوبات التعلم للأجنة التي تتعرض له في الرحم.

يتم إطلاق الزئبق في السلسلة الغذائية للمحيطات حيث يتم تناوله من قبل الكائنات، وتتراكم بجرعات أعلى، وبالتالي، يمكن أن تحتوي أجسام الحيوانات المفترسة الكبيرة مثل سمك التونة وسمك القد  على كمية كبيرة منه.

في عام 2017، دخلت أول معاهدة عالمية لخفض انبعاثات الزئبق البشرية المنشأ والتي تسمى اتفاقية ميناماتا بشأن الزئبق، حيز التنفيذ،  لكن أهداف السياسة لم تأخذ في الاعتبار كيف تتطور النظم الإيكولوجية البحرية بسبب عوامل مثل الصيد الجائر وارتفاع درجات حرارة البحر، حيث جمعت سندرلاند وزملاؤها 30 عاما من بيانات مستويات الزئبق من مياه البحر والرواسب والنظم الإيكولوجية البحرية في خليج مين، وهي منطقة تستغلها مصائد الأسماك التجارية منذ أكثر من 200 عام، ثم استخدم الباحثون البيانات التي تم جمعها على مدى ثلاثة عقود لتطوير نموذج لتراكم الزئبق في سمك القد وسمك التونة الأطلسي ذو الزعانف الزرقاء.

ووجد الباحثون أن مستويات ميثيل الزئبق في سمك القد قد زادت بنسبة 23 ٪ منذ سبعينيات القرن الماضي بسبب الصيد الجائر، وفقا لما أفاد به الباحثون يوم الأربعاء في مجلة Nature.

بسبب الاستغلال المفرط للأنواع الأخرى، فقد تحول النظام الغذائي لسمك القد من الفريسة الصغيرة التي لا تحتوي على الكثير من ميثيل الزئبق إلى الرنجة وسرطان البحر أكبر، وقال الباحثون إنه في السبعينيات، كانت مستويات ميثيل الزئبق في سمك القد أقل من ستة إلى 20٪ عن اليوم.

بالنسبة للتونة ذات الزعانف الزرقاء، فإن الوضع أسوأ، نظرا لأن الأسماك لا تنظم درجة حرارة الجسم، فإن تسخين البحر يسرع عملية الأيض، حيث إن السعرات الحرارية الإضافية التي تحرقها تعني أنها مضطرة لتناول المزيد من الطعام واستيعاب المزيد من ميثيل الزئبق، ونتيجة لذلك، وجد الباحثون أن مستويات ميثيل الزئبق في سمك التونة الأطلسي ذات الزعانف الزرقاء تزيد بأكثر من 3.5٪ كل عام بين عامي 2012 و 2017، حتى مع انخفاض انبعاثات الزئبق.

يقول الباحثون إن النتائج تؤكد الحاجة إلى تنظيم أقوى على جبهتين: غازات الدفيئة وانبعاثات الزئبق، وقالت سندرلاند: “إذا أردنا مواصلة اتجاه تقليل التعرض لميثيل الزئبق في المستقبل، فنحن بحاجة إلى نهج ذي شقين”.

وأشارت هي وزملاؤها إلى أن الحد من تلوث الهواء الناتج عن حرق الفحم من شأنه أن يقلل أيضا من انبعاثات الزئبق.