تسع طرق للتعامل مع الاضطرابات العاطفية الموسمية

هل تميل للحزن والكسل والتراخي في أيام الشتاء المظلمة والباردة في مثل هذا الوقت من كل عام؟

إذا كانت الإجابة نعم، فأنتم لستم الوحيدين، حيث أن ما يقارب 10 إلى 20 % من الأشخاص يشعرون بالتعب أو بالحزن عندما تقل ساعات النهار في أشهر الشتاء، وتميل درجات الحرارة للانخفاض، حيث يصبح من السهل خلال هذه الأوقات أن يستسلم الشخص للكسل، ويميل الشخص إلى إطالة فترة قيلولة بعد الظهر بدلاً من القيام بعمل ما، كما تزداد نسبة طلب الطعام الجاهز إلى المنزل بدلاً من تحضير الطعام في المنزل.

بعض الأشخاص يستطيعون الاستمرار في العمل حتى لو كانوا يشعرون بالقليل من الحزن أو الكسل، أما بالنسبة للبعض الآخر، فإن الشتاء يسبب أحد الأشكال السريرية للاكتئاب والتي تدعى بالاضطرابات العاطفية الموسمية (seasonal affective disorder)، والذي يسمى اختصاراً بـ(SAD)، ووفقاً للدكتورة (كيلي روهان)، مديرة العيادات التدريبية في جامعة فيرمونت، فإن ما لا يقل عن 2 % من السكان يعانون من  هذه الحالة النفسية، وتزداد النسبة في المناطق التي تقل فيها ساعات ظهور الشمس خلال اليوم، ويقدر الباحثون أن ما يصل إلى 10 % من سكان ألاسكا يظهرون أعراض الـ ((SAD مثل التعب، والإفراط في تناول الطعام، وفقدان الاهتمام في الأنشطة وصعوبة التركيز.

وثمة عامل آخر يمكن أن يؤثر على الإصابة بالـ ((SAD، وهو العامل الوراثي، فبشكل مماثل تماماً للاكتئاب، فإن احتمالية إصابة الشخص بالاضطرابات العاطفية الموسمية يمكن أن تزيد إذا ما كان لديه تاريخ عائلي من اضطرابات المزاج، والغريب في الأمر، أن الجنس قد يلعب دوراً أيضاً في تلك النظرة الكئيبة للشتاء، حيث تشير الدراسات إلى أن الاضطرابات العاطفية الموسمية تكون أكثر شيوعاً بأربع مرات لدى النساء، وترجع الدكتورة (روهان) سبب وجود هذا الفرق بين الجنسين إلى أن المرأة أكثر شاعرية من الرجل، وتطيل التفكير في المشاعر المحزنة، وهذا ما يؤدي إلى تأثير (SAD) على النساء بشكل أكبر.

ولكن ما الذي يسبب هذا الإكتئاب الشتوي؟

إن الأبحاث التي تم نشرها في مجلة الكلية الأوروبية لعلم الأدوية العصبية والنفسية (European College of Neuro psychopharmacology) تبين أن المسؤول عن هذه الحالة هو نوع من أنواع الخلل الكيميائي الحيوي، الذي يجعل الأشخاص المصابين بالـ (SAD) يحدث لديهم تراجع كبير في إفراز السيروتونين بمجرد قدوم الشتاء، والسيروتونين هو الناقل العصبي المسؤول عن المزاج، والشهية، والنوم والذاكرة.

ولكن بعيداً عن مرض (SAD) فقد يعاني بعض الأشخاص الذين لا يعانون من الاكتئاب الموسمي من الحزن أثناء الشتاء، حيث يشعرون بأنهم أقل رغبة بالتواصل الاجتماعي وأكثر تشاؤماً أثناء فترة الشتاء، وبحسب الدكتورة (أني كالايجين)، وهي أستاذة في علم النفس السريري في جامعة كولومبيا، أنه أثناء التغيّرات الموسمية، يمكن أن يتأثر الإيقاع اليومي لدينا بسبب تغيّر نمط أشعة الشمس، لذلك فإذا أحس أي شخص بأنه كئيب خلال أشهر الشتاء، فإن عليه أن يبدأ باتباع نهج وقائي، ولحسن الحظ، هناك العديد من الطرق السهلة لتعزيز المزاج إذا كان الشخص يعاني من تراجع الطاقة خلال فصل الشتاء، وهنا إليكم بعض أفضل الاستراتيجيات التي ينصح الخبراء بإتباعها.

1-  التعرض لأشعة الشمس الصباحية:

وفقاً لـ(كالايجين)، فإن الكآبة الشتوية تكون في أسوء مراحلها في الصباح عند الاستيقاظ والخروج من السرير، لذلك ينصح بفتح الستائر قدر الإمكان للحصول على أكبر قدر من الضوء الطبيعي مباشرة بعد الاستيقاظ من النوم.

2- الحفاظ على الروتين:

إن أكثر الأشياء إفادة في محاربة الإكتئاب الشتوي هو محاولة الإستمرار في أداء الأنشطة اليومية المعتادة، فلا تهمل الهوايات المفضلة لديك لمجرد أن الشتاء يحفزك على السبات والكسل، كون ممارسة هواياتك المفضلة سيجعلك تشعر على نحو أفضل.

3- ممارسة الرياضة:

أثناء القيام بالتمارين الرياضية الشاقة، يعمل الدماغ على تجاوز مشاعر عدم الراحة التي تجتاح الجسم بشكل مؤقت، ويقوم بتحفيز الجسم على الشعور بالرضى وعدم الإستسلام، وهذا سيزيد الإفراز الطبيعي للاندورفين الذي يعمل على توليد شعور بالسعادة وحتى البهجة.

4- إبقاء الأنوار مضاءة:

العلاج بالضوء هو طريقة لعلاج بعض الأمراض عن طريق التعرض لضوء الشمس أو لأطوال موجية معينة من الضوء باستخدام الليزر أو الصمامات الثنائية الباعثة للضوء أو مصابيح الفلورسنت أو المصابيح مزدوجة اللون أو ضوء شديد السطوع وكامل الطيف، وعادة يتم التحكم بهذا الضوء باستخدام أجهزة معينة، ويعرض المريض لهذا الضوء لفترة محسوبة من الوقت، وفي بعض الحالات يكون التعرض في أوقات معينة فقط من اليوم، وتشير الأبحاث إلى أن الضوء الساطع يمكن أن يساعد حوالي 50% من مرضى الـ(SAD) على الشفاء، فالأضواء الساطعة تساعد الجسم على الاستيقاظ في الصباح، وتقلل من إفراز هرمون الميلاتونين الذي يبقينا نائمين في الليل، ولمن يبحثون عن الحلول السريعة، فتشير الدراسات إلى أن العلاج بالضوء يمكن أن يرفع من المزاج خلال عدة أيام، حيث يعتبر العلاج بالضوء من العلاجات الفعالة للغاية، ولكن على اعتبار أن إدارة الأغذية والعقاقير (FDA) لم تنظم بعد آلية العلاج بالضوء، فإنه من المفضل أن يتم اتباع العلاج بالضوء تحت إشراف مهنيين مختصين.

5- تقليل نسبة السكر في الوجبات الغذائية:

من المعروف أن الإكثار من الأطعمة السكرية يؤدي إلى اكتساب الوزن، ويزيد من مخاطر تطور أمراض السكري وبعض أنواع السرطان، ولكن بالإضافة إلى ذلك فقد أظهرت الأبحاث أن السكر قد يكون له تأثير على الصحة العقلية أيضاً، فالبلدان التي تستهلك قدراً أكبر من السكريات تكون معدلات الاكتئاب فيها أكبر، حيث يفترض العلماء بأن السكر يعمل على إعاقة قدرة الجسم على التعامل مع الإجهاد ويزيد من حالات القلق.

6- الخروج من المنزل:

يوصي الخبراء باستنشاق بعض الهواء النقي كل يوم، حيث تؤكد الدراسات أن قضاء بعض الوقت خارجاً يمكن أن يخفف من التوتر، وقد اتضح أن الذهاب في نزهات صباحية قبيل شروق الشمس يمكن أن يكون فعالاً للتخلص من التوتر بشكل خاص.

7- البحث عن نشاطات شتوية:

ينصح الخبراء بإيجاد أنشطة شتوية لتحسين الحالة المزاجية، حيث أن الاستمتاع بالوقت يعد أمراً أساسياً لتعديل المزاج .

8- ممارسة الاسترخاء:

قم بممارسة اليوغا، حيث أظهرت الدراسات، أن التأمل يمكن أن يخفف من أعراض الاكتئاب والقلق، وبالاضافة الى ذلك، فإن البحوث الأولية التي تم إجراؤها على التأمل تكشف أن تمارين التنفس وتمارين الذهن يمكنها في الواقع أن تغير الشبكات العصبية وتقلل من الإجهاد.

9- القيام برحلات شتوية:

إن التوقف عن العمل لبضعة أيام والقيام برحلات يمكن أن يحسّن المزاج، فأخذ استراحة من العمل يعتبر أمراً مهماً للصحة النفسية، حيث تظهر الدراسات بأن جميع الأشخاص الذين يعانون من الـ (SAD)، الذين قاموا بأخذ رحلات ترفيهية أثناء الشتاء، شعروا بتحسن كبير بعد عودتهم، ولكن من جهة ثانية، يحذر المختصون من اعتماد الأشخاص على هذه التقنية للهروب من واقعهم، حيث أنه من المهم أن يتعلم الشخص كيفية التأقلم مع المكان الذي يعيش فيه بدلاً من القفز على متن الطائرة والهرب بين الحين والآخر.

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير