الموت المُبرمَج للخلية, كيف يَدفع بروتين الخلية للإقبال على الإنتحار.

صورة للثغرات التي يكونها البروتين في جدار الخلية,الصورة من جامعة Basel, Biozentrum

“الدفاع خير وسيلة للهجوم”,تقوم بعض الطفيليات مثل البكتيريا المسئولة عن مرض السل, والبكتيريا المُسببَة لحمى التيفوئيد بتبني هذه الإستراتيجية أثناء هجومها على جسم الإنسان,فتقوم بإختراق خلايا الجهاز المناعي للجسم, وتظل مُختبئَة هناك جيداً لبعض الوقت، فالإختباء خلف خطوط العدو هو أفضل مكان للإختباء، ولكن بمجرد إكتشاف الخلية لوجود أجسام غريبة خلف جدارها, تقوم الخلية بتفجير نفسها عن طريق تفعيل عملية تعرف بـ”الموت المبرمج للخلية”,حتى تصبح هذة الطفيليات مكشوفة ثانيةًً فيسهل على الجسم التخلص منها.
تمكن فريق من الباحثين بمعهد البحوث الطبية الحيوية “نوفارت”, بالتعاون مع فريق من المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ, تحت قيادة البروفيسور سباستيان هيللر من جامعة باسل, بإكتشاف بروتين يُدعى جاسديرمين أو كما أطلق عليه العلماء “بروتين الموت”, يلعب دوراً أساسياً في تحفيز عملية “الموت المبرمج للخلية”,عن طريق تكوين ثغرات في الجدار الخلوي للخلية, مما يؤدي إلى إختلال وظائف الخلية الحيوية مؤدياً بالنهاية إلى موتها، وقد نشرت هذة النتائج في جريدة “the EMBO”.

جاسديرمين د:هو الجلاد الخلاص بالخلية:

تقوم بعض المستقبلات التي تقع داخل الخلية التي تتعرض للهجوم, بالتعرف على بعض المكونات الدقيقة للطفيليات, فتقوم بتفعيل سلسلة من الإشارات والتفاعلات, والتي تؤدي بدورها في النهاية إلى التهاب الخلية, وتؤدي إلى البدء في عملية الموت المبرمج للخلية، وقد أوضح البروفيسور بيتر بروز, أحد القائمين على هذه الدراسة: “لقد أوضحت بعض الدراسات السابقة بأن بروتين جاسديرمين د يلعب دوراً رئيسياً في عملية الموت المبرمج للخلية” وأضاف: “نحن الأن نعلم كيف يقوم بروتين جاسديرمين د بدفع الخلية للإقبال على الإنتحار، وبإستخدام المجاهر الإلكترونية سوف نكون قادرين على رؤية جدار الخلية تحت تأثير الجاسديرمين د, والذي يؤدي إلى تسرب المكونات الحيوية للخلية, وفي النهاية إلى إنفجار الخلية وموتها”.

تقوم تلك المستقبلات بعد سلسلة من الإشارات الكيميائية بتحفيز إنتاج مركب بروتيني يُدعى “the inflammasome”, والذي يقوم بدوره بتنشيط بعض الإنزيمات, التي تقوم بتكسير بروتين الجاسديرمين د إلى قطعتين عن طريق عملية تعرف بـ”الإنقسام البروتيني”، وقد صرح البروفيسور هيللر: “في الخلايا التي تتعرض للهجوم, يعتبر الجاسديرمين د هو الجلاد الذي يقوم بتنفيذ حكم الإعدام”، وأضاف هيللر : “يقوم بروتين الجاسديرمين د بإستهداف جدر الخلايا التي تتعرض للهجوم, ويقوم بإنشاء فتحات في جدار الخلية مما يؤدي إلى تورم الخلية, وفي النهاية إلى إنفجارها وموتها”.

تتعاون بروتينات الجاسديرمين لتحفيز عملية الموت المبرمج للخلايا:

نتيجة لهذا البحث, لم يتمكن العلماء فقط من تحديد هوية البروتين الذي يحفز الموت المبرمج للخلية, ولكن تمكنوا أيضاً من رؤية تأثير هذا البروتين في جدار الخلية, فعن طريق إستخدام ميكروسكوبات عالية الدقة ,تمكن الفريق من رؤية الثغرات التي يُحدثها الجاسديرمين د في جدار الخلية, والتي تؤدي إلى تحفيز عملية الموت المُبرمَج للخلية.

كما أتضح أيضاً بعد تتبع ما يحدث في الخلية بعد عملية الإنقسام التي يتعرض لها الجاسديرمين د, بأن قطعة واحدة فقط من البروتين تستخدم في تحفيز عملية الموت المرمج للخلية.

نحن لا نعرف الكثير بعد عن بروتينات الجاسديرمين, والتي تضم خمسة أنواع أخرى من البروتينات بجانب بروتين الجاسديرمين د، ويهدف فريق ميللر في المستقبل, إلى دراسة تركيب ووظيفة بروتينات الجاسديرمين الأخرى لإستكشاف ما إذا كانت تتعاون مع بعضها أثناء تكوين هذة الثغرات في جدار الخلية أم لا, ولدراسة الظروف الفسيولوجية التي تقوم فيها بروتينات الجاسديرمين بتحفيز عملية الموت المبرمج للخلية.

شارك
نشر المقال:
أحمد سمير