العلاقة بين التوحد والتسمم بالزئبق .. هل علاج التسمم بالزئبق ممكن؟ | الجزء الثاني

استكمالًا لسلسلة التوحد والتسمم بالزئبق، نبحث في منطقية الفرضيات التي تربط بين أعراض التوحد وأعراض سمية الزئبق. و علاج التسمم بالزئبق. 

وقتها ربما يضيء طريقنا نورًا، ونستطيع حل لغز التوحد للأبد!

 

العلاقة بين التوحد والتسمم بالزئبق

شاع سيط التوحد أنه مبهم، لا سبب واضح لحدوثه.

 ثم جاءت بعض الدراسات أشار خلالها علماء متخصصين في أمراض الدماغ والمشكلات العصبية إلى وجود التهابات ملحوظة ومستمرة مصاحبة لتشخيص التوحد.

الحقيقة أنه يصاحب هذه الالتهابات تلف عصبي، و كان تفسير ما يحدث في الخلايا العصبية هو نتيجة عوامل خارجية من البيئة، وليست الحوادث التنموية!

من هنا اقترح العلماء أسباب محتملة للتوحد، واشتباه بعض المركبات البيئية كأحد أسبابه، مثل:

  1. الرصاص.
  2. ميثيل الزئبق.
  3. ثنائي الفينيل متعدد الكلور.
  4. مبيدات الفوسفات العضوية.
  5. مبيدات الآفات الكلورية العضوية.
  6. مضادات الغدد الصماء.
  7. عوادم السيارات.
  8. الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات.
  9. ثنائي الفينيل متعدد البروم.
  10. الاثيرات والمركبات المشبعة بالفلور.

 

لكن؛ هل اتفق العلماء على وجود عِلاقة بين التوحد والتسمم بالزئبق؟

بالتأكيد تفرق العلماء في ربط أعراض التوحد بالتسمم بالزئبق. 

فقد أشارت بعض الدراسات ربما لديها مصالح وانتماءات صناعية ترتبط بالصحة العامة وصناعة الأدوية إلى عدم وجود دليل بين أعراض التوحد و المسببات البيئية.

 في حين أن بعض الدراسات التي ليس لها أي انتماءات تشير إلى وجود دليل إيجابي على ارتباط الزئبق بالتوحد. 

لكن، هل هذا التناقض هو تحيز تبعًا للأهواء والمصالح الشخصية؟ أم هي طبيعة الحقائق التي تظهر مخالفة للسرب العام.

 

تشخيص التوحد عن طريق تحليل البول

مؤيد ومعارض، هكذا حال العلماء في دراسات تشخيص التوحد وقياس نسبة البورفيرينات البولية.

فاعتمد البعض على قياس البورفيرينات؛ وهي مواد كيميائية طبيعية في الجسم تساعد في بناء الهيموجلوبين.

على أساس تغير البورفيرينات البولية مؤشر حيوي لقياس شدة التوحد، وتعرض الطفل المصاب للمعادن الثقيلة.

فقد ظهرت لدى أمهات أطفال التوحد نسبة أعلى من حشوات الملغم في الأسنان مقارنة بأمهات الأطفال الأصحاء. 

قد يثبت ذلك حقيقة العلاقة بين ارتفاع الزئبق في الأطفال وزيادة تعرض الأمهات للزئبق خلال الحمل والرضاعة. 

لكن، كيف تنتقل المعادن الثقيلة من الأم للجنين؟

يمكن أن تنتقل المعادن السامة الثقيلة من الأم للجنين خلال المشيمة.

 غالبًا يؤدي التعرض طويل الأمد للجنين في أثناء الحمل للمعادن السامة التي لديها القدرة على التراكم إلى اضطرابات نمو لا رجعة فيها.

فتلوث جسم المرأة الحامل بالمعادن السامة يُشكل خطرًا جسيمًا على نمو الطفل في رحمها، فلا يتمتع الطفل بآليات دفاعية جيدة التكوين.

 

ما مدى تأثير سمية الزئبق في سلوكيات الطفل؟

تأثير سمية الزئبق في سلوكيات المصاب هي أحد علامات الربط بين أعراض التوحد والتسمم بالزئبق.

  • تُحدث سمية الزئبق اضطرابات في نفسية الطفل، وظهور سلوكيات غير طبيعية مثل:

  1. شعور زائد بالخجل، والانسحاب الاجتماعي، والانطوائية.
  2. قد يعاني الطفل التقلبات المزاجية، وبرودة ردود الأفعال، وهستيرية الضحك والبكاء دون أي مؤثرات لذلك.
  3. العصبية الزائدة، وتجسيد الطفل مشاعر القلق بصورة دائمة.
  4. انفصام الشخصية، والوسواس القهري، وتكرارية الأحلام.
  5. ضعف التواصل البصري والتردد الدائم في مشاركة الآخرين، وبالتالي يصبح أقل ثرثرة عكس رفاقه.
  6. إحباط الطفل، وعدم الرغبة في الحياة، وفقدان الأمل، وامتلائه بمشاعر الكآبة واللامبالاة.
  7. يصبح الطفل أقل نشاطًا.
  8. تصيبه المخاوف غير المنطقية.
  9. تتكرر نوبات الغضب ويصبح أكثر عدوانية.
  10. تظهر أعراض النوبات الذهانية، و الهلوسة.
  11. يصبح الطفل غير قادر على تمييز الوجوه.

  • تأثير سمية الزئبق في اللغة والكلام

يفقد مصابي سمية الزئبق القدرة على اللغة والكلام سواء في مرحلة الطفولة، أو البلوغ.

  1. يصبح أكثر تلعثمًا، ويتحدث ببطء وصعوبة بكلام غير مفهوم.
  2. غير قادر على فهم واستخدام الكلمات رغم سماعها.
  3. تظهر الصعوبات اللفظية، ومشكلات استرجاع الكلمات.
  4. يصاب بالاضطراب السمعي وعدم تمييز الأصوات في الزحام.
  5. بالتالي يضعف مستوى اختبارات اللغة.

اقرأ ايضا 

 

  • المشكلات الحسية

تظهر مشكلات حسية غير طبيعية أو معتادة. 

  • فقد تجد الطفل المصاب يعتاد أن يمشي على أطراف الأصابع نتيجة حرقان القدمين، ويفقد الإحساس بأطرافه وحول منطقة الفم.
  • ظهور مشكلات حسية صوتية.
  • يمتلك إحساس زائد بالألم، وينفر من اللمس لمجرد اختلاف درجة إحساسه باللمس.

  • المشكلات الهضمية

  1. التهابات المعدة والأمعاء، وظهور أعراض الإسهال، وآلام البطن، وحكة المستقيم، والإمساك، والتهابات القولون.
  2. ضعف أو فقدان الشهية التي تؤثر في نقصان الوزن، والغثيان.
  3. زيادة نفاذية الأمعاء، ومشكلات الأمعاء الغليظة والقولون.

  • الاضطرابات الجسدية

يزيد تسمم الزئبق احتمالية الشلل الدماغي والتشنجات، ويؤثر في قوة العضلات والقوة الحركية وبذلك يؤثر في فرط ونقص الحركة.

كما تظهر مشكلات البلع، والمضغ، ويصعب التحكم في اللعاب.

تتوالى اضطرابات لاإرادية تباعًا من العرق الزائد، وضعف الدورة الدموية، وارتفاع ضربات القلب.

  • المشكلات السلوكية الحركية

حركات غير إرادية من رفرفة اليدين، ورعشة الكاحل، والدوران، والاهتزاز، وحركات الأطراف بطريقة عشوائية.

وصولًا إلى الارتعاش العضلي، وارتعاش العينين، واليد، واللسان.

كما يبدو أن عدم ثبات خط اليدين، وصعوبة الإمساك بالقلم مشكلة واضحة نتيجة ضعف تنسيق الاتصال بين العين واليد، و بالتالي يفقد المهارات الحركية الدقيقة.

إجمالًا تنتشر علامات الاختلال الحركي، وضعف المشي، والتعثر، فيمشي الشخص بطريقة مربكة أو خرقاء.

 

هل تؤثر سمية الزئبق في التغيرات البيولوجية لجسم المصاب؟

بمجرد وصول الزئبق إلى الجسم يحدث تغيرات بيولوجية عديدة، فتظهر العديد من المشكلات المناعية.

كما تحدث ردود أفعال مختلفة من الحساسيات مثل نوبات الربو، أو مشكلات المناعة الذاتية كالروماتويد.

الحقيقة أن تسمم الزئبق يؤثر في ظهور استجابات مناعية مختلفة، حتى في حالة التعرض لمستويات قليلة من الزئبق، ذلك لقدرته على التمركز في الجهاز العصبي المركزي لسنوات.

 

لكن، إلى أي مدى تركيز الزئبق في المقام الأول على الجهاز العصبي المركزي يؤثر في حالة المصاب!

الخطورة هي استهداف الزئبق للمخ، وعدم استطاعة المخ التخلص من المعادن الثقيلة!

  • فيدمر الزئبق الخلايا العصبية التي توجد في قشرة المخيخ (Purkinje).
  • كما يدمر الخلايا الحبيبية الموجودة في القشرة الدماغية، والمخيخ (granular cells).
  • يسبب خللًا في البناء الخلوي للخلية.

الحقيقة أن التغيرات التي يحدثها الزئبق في تكوين الخلايا العصبية واختلال كيميائية الخلايا يغير في نظام الدوبامين (Dopamin)، وهي مادة كيميائية تعد ناقلًا عصبيًا وتدعى بهرمون السعادة وتؤثر في المزاج.

بصفة تأثير الزئبق على النواقل العصبية فهو يؤثر في السيروتونين (Serotonin) وهو أيضًا مادة كيميائية تعد ناقلًا عصبيًا يؤثر في الشعور بالسعادة.

بالإضافة إلى تأثيرالزئبق في مستويات الادرينالين (Epinephrin)، و يؤثر في النورابينيفرن (Norepinephrin).

 

هل أدركت تشابه أعراض التوحد والتسمم بالزئبق؟

يبدو أن استعراض تفاصيل تأثيرات الزئبق على جسم المصاب بمثابة ضربة حظ، أو أمل لحالات التوحد.

إن كنت ذو صلة بطفل توحدي ستدرك تطابق الكثير من أعراض سمية الزئبق بأعراض التوحد.

فالبحث والاستدلالات كانت الرابط القوي لإثبات تشابه أعراض التوحد بأعراض سمية الزئبق في أغلب الحالات.

التوحد شبح لا يمكن تحديد ملامحه، فقد تجد نفسك في أعجوبة غير منطقية خلال بحثك عن ماهية التوحد تقف على أعتاب مراسم التخلص من الزئبق. 

لكن، خلال ربط  التوحد والتسمم بالزئبق، هل تكفي تطابق الأعراض في اتخاذ طريق التخلص من الزئبق لإنهاء قصة التوحد!

المصادر

شارك
نشر المقال:
غادة سامي