أخبار العلوم

الصوت الذي تقرأ به في رأسك الآن غير موجود عند 16% من البشر!

الصوت الذي تقرأ به في رأسك الآن غير موجود عند 16% من البشر!

أثارت تغريدة ذهول البعض حين نشر صاحبها قائلًا: “بعضُ الناس تمتلك صوتًا –تُفكّر بهِ- في رأسها, وبعضهم لا.. ولا أحد من أيٍّ من المجموعتين يدرك بوجود الآخر..”

صادفت التغريدة أحد الكتاب بموقع Inside my mind الذي تجمّد عقله لثوانٍ ودار بخلدِه كيف أنّ كل حياته تلك كان يلازمه صوتٌ يجول برأسه ويتحدث بجمل كاملة كما لو كان يتحدّث-هو- عاليًا..

أسرع صديقنا غير مصدّق لأقرب زملائه في العمل يسألها ما إذا كانت تسمع صوتًا. ولِحظّه السيء كانت من هؤلاء القلة التي لا تسمع صوتها, ولا تُنشيءُ محادثات مع نفسها في عقلها, بل ورمقته بنظرة ساخرة وكأنّه الغريب في الموقف.

زادت حيرته وبدأ يسأل عددًا أكبر من الناس من حوله, ووجد أغلبهم يملكون صوتًا أو حوارًا داخليًّا يهيمن على رءوسهم أغلب اليوم. لكنّه قابل كذلك عددًا لا بأس بِهِ ممن لا يملكون هذا الصوت.

طفحت رأسه بملايين الأسئلة عن هذه الفئة من البشر, فيم يضيع أغلب وقتهم؟ كيف يقرأون؟ كيف يتشاورون ما بين الاختيار (أ) والاختيار (ب) في الامتحانات؟

وصل صديقنا لمرحلة تعاطي المسكنات حتى يُسكّن الألم الذي نشب في رأسه مواجهًا سيل الاحتمالات ذاك.

بالتواصل مع مزيدٍ من الأشخاص, والنشر على مواقع التواصل, أوشك كاتبنا أن يُكوّن صورة شبه مكتملة عن طبيعة مخّ هؤلاء الأشخاص.

يعمل مُخُّهم بطريقة خريطة المفاهيم, عندما يستلقي أحد هؤلاء ويُطلق العنان لخياله يبدأ برؤية بعض الكلمات أمامه, نعم هكذا يُفكّر.. لا يُمكن لأحدهم أن يتحدّث لنفسه بلا صوتٍ في المرآةِ مثلًا, ولو أراد ذلك لرفع صوته كما لو كان يحدّث أحدهم. وحين يشاهد فيلمًا يفكر فيه البطل بصوت مسموع في رأسه, يتساءل عن كمّ هذا السُخف الذي أصبحوا يضعونه في الأفلام هذه الأيام. ربما لو رأيت أحدهم وأخبرته بأنّك تسمع صوتًا في رأسك, سيصِفُك بالمجنون, إذا لم يشكّ بالفعل أنّك مصابٌ بانفصام الشخصية!

من الطبيعي أن تختلف عقولنا كبشر, هناك تلك الفئة التي لا تكفُّ عن التفكير, هناك تلك الفئة التي تسيطر إلى حدٍ ما على الحوار الدائر برأسها, لكن تبقى فكرة الأشخاص الذين لا يُنشئون حوارًا من الأساس هي الأغرب!

لماذا يحدُث لهم هذا؟

حين يُفكّر شخص ما بصوت يزيد نشاط المخ ما بين الفصّ الجبهي والقشرة السمعية, وهي نفس الشبكات العصبية التي تنشط حين يتحدّث الإنسان بصوت عالً غير أن تحريك اللسان يُنشّط كذلك القشرة الحركية.

ظهرت نظريتان لتُفسّر الموضوع, أولاهُما تفترض أنّ هؤلاء لا يمكنهم تنشيط هذين المركزين منفردين بل يجب تنشيط القشرة الحركية كذلك.

والثانية تفترض أن الجميع يُفكّر بصوت غير أن أحدنا أقدر على الوعي به عن غيره.

قد لا نحتاج لنظريات أصلًا, وتكون طبيعة البشر التفكير بلا صوت بينما طوّرت الأغلبية هذا الصوت ونكون نحن المختلفون هنا, ولمعرفة هذا سيتعيّن علينا اختبار الحيوانات والأطفال بحثًا عن هذا الصوت.

قد يُفيدنا وجود هذا الصوت في حل المشاكل لكنّه كذلك يُزيد من احتمالية الإصابة باضطرابات القلق والاكتئاب.

يبقى السؤال ماذا يدور بعقل  هؤلاء البشر الذين يُحوّلون الأفكار الشفهية إلى كلمات؟ ومن ثمّ يتواصلون معنا وكأنّ شيئًا لم يكن!

لا نعرف شيئًا على وجه اليقين عن هذه الفئة من البشر, ربما الشيء الوحيد المُؤكّد هنا أن كل تلك الأسئلة التي تدفّقت في رأسي ورأسك حيال هؤلاء مستحيل أن تكون واردتهم لأنّهم ببساطة لا يسمعون أصواتًا!

وجب التنبيه: النسبة الموجودة في العنوان تعتمد على الإحصائيات التي قام بها كاتب المقال الأصلي, وليست دقيقة.. لا يجب التعميم, هي فقط مُؤشّر لوجود هذه الفئة من البشر.

رابط التغريدة الأصلية التي أثارت جنون الكثيرين:

المصادر:-

https://insidemymind.me/2020/01/28/today-i-learned-that-not-everyone-has-an-internal-monologue-and-it-has-ruined-my-day/

https://www.abc.net.au/news/2020-02-07/inner-monologue-mental-health-not-everyone-talks-to-themself/11931410

https://www.psychologytoday.com/us/blog/pristine-inner-experience/201110/not-everyone-conducts-inner-speech

شارك
نشر المقال:
أسماء علي