التصنيفات: متفرقات

الرمال كما لم ترها من قبل

بالنسبة للعين المجردة، تبدو الرمال وكأنها ذات شكل واحد تقريباً، فهي جميعاً تظهر على أنها حبيبات صغيرة ذات لون أبيض مصفر، تغطي الشواطئ والسواحل والصحارى، ولكن عند إلقاء نظرة خاطفة على تلك الحبيبات من خلال المجهر، فإن كل ذلك يتغير.

في عام 1990، قام (جاري جرينبرج)، وهو باحث منتسب إلى معهد جامعة هاواي لعلم الفلك، بتصنيع  مجهر ضوئي ثلاثي الأبعاد عالي الوضوح، ومنذ ذلك الحين وهو يلتقط صوراً رائعة للرمال، ولكن مؤخراً قام بوضع كتاب عن صور الرمال، بالتعاون مع زملائه، (كارول كيلي) الأستاذة المساعدة في جامعة ليهاي، و(كيت كلوفر) مديرة برنامج المعارض في متحف العلوم في مينيسوتا في سانت بول.

يظهر الكتاب الذي يحمل عنوان “أسرار الرمال: رحلة مذهلة إلى عالم الرمال المجهري”، التعقيد المفاجئ للرمل والمكان التي أتت منه، ويتضمن العديد من أنواع الرمال، من الرمال المأخوذة من الشواطئ البيضاء النقية إلى الرمال الملونة التي تشبه الأحجار الكريمة المكونة من أجزاء صغيرة من العقيق والجرانيت والتي تبدو مثل حلوى صخرية تحت المجهر، وإلى جانب ذلك، يوجد الكثير من الصور المأخوذة للغبار القمري، والذي يبدو بألوان تتراوح بين الأخضر إلى اللون البرتقالي الساطع العميق.

إليكم بعض الصور والتعليقات التي جاءت في ذلك الكتاب:

1- رمال بوجيه ساوند (تم تضخيم الصورة 120 مرة)

هذه الرمال مأخوذة من شواطئ بوجيه ساوند في كينغستون، واشنطن، وهو مدخل عميق في المحيط الهادي يضم أحد أغنى النظم الإيكولوجية البحرية في العالم، ويعتقد بأن أجزاء الرخويات المضلعة، وربما الأصداف التي توجد بين حبيبات الرمل، تم إلقاؤها في هذا المكان منذ زمن بعيد جراء الأنهار الجليدية المنبثقة عن جبال الأولمبي وتتالي خلال العصر الجليدي الأخير، ومؤخراً، عبر الأنهار.

2- “التربة البرتقالية”، غبار قمري (تم تضخيم الصورة 340 مرة)

تم توليد هذه الحبيبات الكروية البرتقالية الزجاجية الصغيرة من اندلاع نافورة من النار البركاني قبل أكثر من 3.8 مليار سنة على سطح القمر، وقد اكتشف رواد الفضاء في بعثة أبولو 17 هذه “التربة البرتقالية” على حافة (Shorty Crater) في وادي (Taurus Littrow).

3- غبار (Hadley Rille) القمري (تم تضخيم الصورة 105 مرات)

كان موقع هبوط  أبولو 15 على سطح القمر بالقرب من وادي عميق، معروف باسم (Hadley Rille)، ويعتقد بأنه أنبوب حمم بركانية منهار، وفي طريقهم إلى موقع (Spur Crater) في خاصرة جبل (Hadley Delta) الذي يقع ضمن مجموعة جبال (Apennine) القمرية، لاحظ كل من رائد الفضاء (ديف سكوت) و(جيم ايروين) وجود عدة صخور تشبه تلة تحتوي على مواد خضراء تتلألأ في ضوء الشمس، ولكن عندما تم فتح الحقيبة التي تم وضع هذه الصخور فيها على الأرض، كانت الصخور قد تكسرت إلى عدة قطع، ولكن تم العثور على بعض الحبيبات الزجاجية الصغيرة وشظايا أخرى أيضاً في أسفل الحقيبة، ومن خلال التحليل الكيميائي تبين بأن هذا الزجاج هو خليط من السيليكون والحديد والمغنيسيوم، وأكسيد الكالسيوم، مع كميات ضئيلة من التيتانيوم والصوديوم، ويعتقد بأن هذه الحبيبات، نشأت من اندلاع نافورة من النيران البركانية قبل أكثر من 3.3 بليون سنة.

4- غبار قمري مأخوذ من منطقة (Sea Of Tranquility) (تم تضخيم الصورة 520 مرة)

تم إيجاد هذه الجسيمات التي تشبه الجواهر الجميلة في عينة من الغبار القمري الذي تم جمعه من منطقة بحر الهدوء (Sea Of Tranquility)، حيث يعتقد بأن هذه الجزيئات كانت بالأصل عبارة عن بلورة بيروكسينية كبيرة، ولكنها تفتت وتعدل هيكلها الداخلي عبر الزمن، ويعتقد بأن تفتت البلورة نتج عن اصطدام جزيئات ميكرومترية تسافر بسرعة قريبة من خمسين ألف ميل في الساعة بسطح القمر.

5- منخربات صغيرة من مومباي، الهند (تم تضخيم الصورة 175 مرة)

تم العثور على هذه المنخربات الحلزونية في رمال شاطئ مومباي، في الهند، على بحر العرب في المنطقة الشمالية الغربية من المحيط الهندي، ويعتبر بحر العرب جنة بيولوجية لما يحتويه من نباتات بحرية وحيوانات بحرية متنوعة، والجدير بالذكر أن المنخربات تعتبر مواد هامة في الشبكة الغذائية البحرية، حيث أنها توفر غذاء للقواقع، والأسماك الصغيرة، وغيرها من المخلوقات البحرية الصغيرة.

6- رمال (Hilton Head) الكوارتزية، (تم تضخيم الصورة 60 مرة)

هذه الرمال المأخوذة من منطقة (Hilton Head)، في ساوث كارولينا على المحيط الأطلسي، تتشكل في معظمها من الكوارتز، وهي في الأساس تعود لجبال الأبلاش، وهذا الرمل الذي يتألف بأكمله تقريباً من الكوارتز، يدل على أن أصله يعود إلى قارة كان الغرانيت هو الحجر الأساسي فيها، حيث يتكون الغرانيت من الكوارتز والفلسبار والمعادن الداكنة الأخرى، ومع تآكلها تحولت الفلسبار إلى جزيئات بحجم جزيئات الطين، في حين بقيت مادة الكوارتز الصلبة والمستقرة كيميائياً على حالها لتصبح حبات رمال متبعثرة على الشاطئ.

7- رمال البحيرة الملحية الكبرى، (تم تضخيم الصورة 45 مرة)

تختلف الرمال في البحيرة الملحية الكبرى التي توجد في ولاية يوتا عن معظم الرمال الأخرى، فهي مكونة بأكملها من كرات صغيرة، بيضاء اللون تتشكل كل منها حول نواة مثل الشظاية المعدنية، وتدحرج هذه الحبيبات في قاع البحيرة ذات المياه الضحلة والشديدة الملوحة، أدى إلى تراكم طبقات كثيرة فوق بعضها، مثلما تفعل كرات الثلج عندما تتدحرج على أرض مغطاة بالثلوج.

 

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير