التصنيفات: أخبار العلوم

اكتئاب الحمل حقيقة علمية غائبة قد تؤدي إلى الوفاة

“فكرت في إجهاض الطفل أثناء الحمل الثاني”، “كنت أفكر في الانتحاربصورة مستمرة”، “لم أكن أعلم ماذا يحدث لي، على الرغم من سعادتي بخبر حملي”، هكذا تحدثت هؤلاء السيدات عن تجاربهن مع اكتئاب الحمل لمجلة “نقطة العلمية”. وفي هذا التقرير نعرض لكم تجارب هؤلاء النساء، مع تفصيل لمفهوم اكتئاب الحمل، وأسبابه وأعراضه، ومدى تأثيره على الطفل.

النساء والاكتئاب

ففي كتابه “الاكتئاب” ، يؤكد كوام ماكنزي أستاذ علم النفس بجامعة تورنتو – ترجمة زينب منعم – أن عدد النساء اللاتي يتعرضن للاكتئاب يصل إلى ضعفي عدد الرجال، نتيجة هرمونات الجنس الأنثوية؛ الأستروجين، والبروجيسترون، موضحًا أن معدلاتها أعلى في النساء عن الرجال، وعادة تتغير مستويات هذين الهرمونين في فترات الدورة الشهرية، وأثناء الحمل، وعند الولادة.

وأوضحت دراسة منشورة بالمجلة الكولومبية للطب النفسي في المجلد الـ”48″، عدد “يناير – مارس 2019” بعنوان “الاكتئاب أثناء الحمل”، أن الاكتئاب هو المرض النفسي الأكثر شيوعًا أثناء الحمل، حيث يصيب أكثر من 13% من النساء الحوامل، وعلى الرغم من وجود معايير لتشخيص المرض، إلا أن مقدمي الرعاية الطبية يخطئون في تشخيص المرض أحيانًا.

وعن تجربتها مع الاكتئاب تقول آ س، ربة منزل 29 سنة: “عانيت في فترة حملي الثاني من الاكتئاب؛ لأنني لم أكن أتوقعه؛ لصغر عمر ابنتي الأولى، والتي لم تكمل عامها الأول، وشعرت بمسئولية كبيرة على عاتقي، خاصة مع اختلاف طباعي أنا وزوجي وتفكيري المستمر بالانفصال، ففكرت كثيرًا في الإجهاض عن طريق الجري والقفز، كما راودتني فكرة الموت بصورة مستمرة، خاصة خلال الثلاثة أشهر الأولى من الحمل”.

أما عن تجربة زيزي محمود – اسم مستعار – مع اكتئاب الحمل فتقول: “لم أكن أدري ماذا يحدث لي أثناء الحمل، فلم تقل لي طبيبتي مما أعاني، فقد كنت دائمًا أعاني من الحزن، والألم، والقلق، كما كنت أتشاجر مع زوجي كثيرًا بأسباب أو بدون أسباب، كما كنت أبكي فترات طويلة بمفردي.”

 

 

ما هو الاكتئاب؟

ويعرف موقع “office on women’s health” – التابع لقطاع الصحة في الولايات المتحدة الأميريكة لتقديم الرعاية الصحية للنساء والفتيات – الاكتئاب بأنه أكثر من الشعور بالحزن المعتاد، فهو مرض يصيب الدماغ فلا تختفي أي من مشاعر الحزن أو القلق، بل تتداخل مع حياة المريض اليومية، وتختلف حدتها من خفيفة إلى شديدة.

واتفق مصطفى عبده أخصائي الطب النفسي وعلاج الإدمان بالإدارة الطبية بجامعة عين شمس مع ما جاء في موقع الرعاية الصحية للنساء موضحًا أن أعراض اكتئاب الحمل تشمل؛ قلة الطاقة، وعدم القدرة على ترك الفراش، والمزاج السيء، والتفكير في الموت بشكل متواصل، والعصبية، والصداع المستمر، القلق والخوف.

وفي هذا السياق توضح سارة جمال 29 سنة، معاناتها مع اكتئاب الحمل قائلة: “لقد ظهرت علي الأعراض كاملة؛ فانتابتني حالة من الحزن الشديد، والعزلة، الرغبة المتزايدة في النوم، البكاء، الصداع، ووصل الأمر إلى تفكيري في الانتحار، وإجهاض الجنين، والبعد عن زوجي”.

وبحسب موقع مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة الأمريكية “CDC” أن اكتئاب الحمل يعد من أحد المضاعفات الأساسية للحمل، الذي يرتبط بنتائج صحية سيئة على الأم والطفل، وسببًا أساسيًا لحوالي 9% من الوفيات المرتبطة بالحمل.

ومن جانبه يرجع ماكنزي في كتابه سبب اكتئاب الحمل إلى ارتفاع مستويات هرموني الأستروجين، والبروجيسترون، أثناء الحمل، وانخفاضهما بعد الولادة مباشرة، مما يؤدي إلى حدوث الاكتئاب.

ماهو الأستروجين؟ وعلاقته بالاكتئاب؟

بحسب موقع “Healthy line” فإن الأستروجين هو الهرمون الأنثوي، ويساعد على التطور الجنسي للنساء، ويساعده على ذلك هرمون البروجيسترون، فيعملان على؛ تنظيم الدورة الشهرية، ويؤثران على جهازها التناسلي، وتختلف مستويات هرموني الأستروجين، والبروجستيرون في فترات الحمل، وما بعد الولادة، والدورة الشهرية.

ويتابع الموقع أن أعراض زيادة هرمون الأستروجين تتمثل في؛ انتفاخ الثديين، انخفاض الدافع الجنسي، تغير في فترات الدورة الشهرية، تقلب المزاج، نوبات القلق والذعر، الصداع، مشاكل في الذاكرة، مشاكل في النوم – والتي تنطبق بشكل كبير على أعراض اكتئاب الحمل.

لماذا تعاني النساء من اكتئاب الحمل؟

وفي حديثه لمجلة “نقطة” أوضح الدكتور مصطفى عبده، أن اكتئاب الحمل يرجع إلى تعرض الأنثى إلى عدد من الضغوطات منها؛ الشعور بالمسئولية، والتغيرات الفسيولوجية المتمثلة في معدلات هرموني الأستروجين والبروجسترون، بالإضافة إلى التغير الشكلي، والظروف المجتمعية، وكذلك الظروف المادية.

وبحسب موقع Office on women’s health فإن أسباب اكتئاب الحمل تعود إلى؛ التغيرات في كيمياء الدماغ، بالإضافة إلى التغيرات الهرمونية، والتي تؤثر بشكل مباشر على كيمياء الدماغ التي تتحكم في المشاعر والمزاج.

وأشار نفس الموقع أن النساء أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب في أوقات معينة من حياتهن؛ عند البلوغ، وأثناء الحمل، وبعده.

مخاطر اكتئاب الحمل

وأكد عبده في حديثه أن اكتئاب الحمل غير المعالج قد يؤدي إلى مشاكل صحية للأم والجنين، فقد تهمل الأم في تناول الغذاء الصحي، وتناول العلاج المخصص لها أثناء فترة الحمل، مما يؤثر على صحتها وصحة طفلها، موضحًا أن هناك دراسات تؤكد أن اكتئاب الحمل قد يؤثر في تكوين ونمو الجنين.

وفي هذا السياق يؤكد موقع الرعاية الصحية للنساء أن السيدات المصابات باكتئاب الحمل، يجدن صعوبة في الاعتناء بأنفسهن أثناء الحمل، ويتناولن طعام غير صحي، بالإضافة إلى عدم اتباع تعليمات الطبيب، مما يؤدي في النهاية إلى مخاطر الولادة المبكرة، وإنجاب أطفال غير مكتملي الوزن، بالإضافة إلى عدم القدرة على تربية الأبناء، مما يعطي إحساس للأم بالفشل، ويزداد الأمر سوء.

علاج اكتئاب الحمل

ويشدد عبده في تصريحاته إلى ضرورة معالجة اكتئاب الحمل، عن طريق التنسيق بين طبيب النساء المتابع للحالة مع طبيب نفسي لتحديد الطريقة المناسبة للعلاج سواء بالجلسات النفسية، أو بالعلاج والذي يكون آمن خلال فترات الحمل، ويتم تناوله بعد مرور الثلاثة أشهر الأولى.

وفي هذا السياق تقول آ س لمجلة “نقطة”، “استشرت طبيبة نفسية حتى تشخص حالتي وترشدني إلى طريقة للتعامل بها مع زوجي، وإحساسي بأنه السبب في هذا الحمل؛ لرفضه استخدام أي وسائل منع، فوصفت لي الطبيبة علاج للاكتئاب، وأوصتني بعدم التركيز في التفاصيل حتى لا أرتكب جناية ما بسبب ما أمر به.”

أما زيزي محمود حاولت الخروج من تلك المشاعر بإشغال نفسها في الأعمال المنزلية، وتقضية المزيد من الوقت في العمل، إلا أن الأمر لم ينجح، ومازلت بعد الإنجاب تعاني من نفس تلك الحالة.

وتشير سارة جمال في حديثها لمجلة “نقطة” أنها أخذت خطوات لمساعدة نفسها، فحضرت جلسات مع أخصائية نفسية، وبعدها بدأت في التعلم عن المرحلة القادمة لها، فالتحقت بدورة تدريبية في المنتسوري، وشاركت في مجموعات الأمهات على مواقع التواصل الاجتماعي، مما أعطاها القدرة على التحدث مع أشخاص لهن نفس المشاكل، مما خفف عنها وطأة الأمر.

شارك
نشر المقال:
الزهراء عبد الوهاب