التصنيفات: غير مصنف

تطوير محاصيل مقاومة لمبيدات الأعشاب

مع بدأ الاستعدادات لإطلاق الجيل الأول من المحاصيل المعدلة وراثياً إلى الأسواق، بدأت معها الحملات التي تحارب هذا الاتجاه من قبل المعارضين له، حيث وعد الناشطون في مجال سلامة الأغذية بمحاربة هذه المحاصيل من الذرة وفول الصويا التي تم تصميمها لتتحمل آثار مبيدات الأعشاب، خاصة بعد أن أشار العديد من العلماء بأن آثارها ستكون مضرة على الصحة البيئية وربما أيضاً على صحة الإنسان، في حين أن الشركات التي المصنعة لهذه المحاصيل، تذرعت بأن هذه المحاصيل توفر الأداة اللازمة لمحاربة الآفات المتنامية من الحشائش المقاومة لمبيدات الأعشاب، ولكن بعيداً عن الدعاوى القضائية فإن هذه المحاصيل وغيرها من المزروعات المماثلة، يمكن أن تؤدي لحدوث مواجهة بين المناهج المختلفة للطرق الزراعية، حيث أن بعضها سيعتمد على المواد الكيميائية لمكافحة الأعشاب الضارة، في حين أن بعضها الآخر سيتبع مبادئ علم البيئة.

في يوم 17 سبتمبر، وافقت وزارة الزراعة رسمياً على المحاصيل الزراعية الجديدة من أصناف الذرة والصويا التابعة لشركة (داو)، التي يمكنها تحمل أضرار (الغليفوسات)، وهو الصنف الأكثر استخداماً في العالم من مبيدات الأعشاب، كما يمكنه تحمل أضرار (2،4-(D، كما أنه من المتوقع أن توافق وكالة حماية البيئة في الولايات المتحدة على الصيغة المقدمة من قبل شركة (داو) خلال الفترة القصيرة القادمة، مما يتيح المجال أمام هذا النهج للدخول في نطاق الاستخدام التجاري خلال العام المقبل.

يشير النقاد إلى أن الزيادة الكبيرة في استخدام الـ (2،4-D) يمكن أن يشكل خطراً على الأشخاص الذين يستخدمون مبيدات الأعشاب، وعلى البيئة أيضاً، وعلاوة على ذلك، فإن هذه المحاصيل تم تصميمها بالأصل نتيجة للاستخدام العشوائي للغليفوسات، فبدلاً من رش المبيدات على جذور الأعشاب الضارة فقط أو القيام بسحب الأعشاب الضارة باليد، أصبح المزارعون يستخدمون مبيدات الأعشاب على الحقول بأكملها، وعلى الرغم من أن هذا القرار يبدو عقلانياً من الناحية الاقتصادية، إلّا أنه لم يكن عقلانياً من الناحية البيولوجية.

حالياً فإن الحشائش المقاومة لمبيدات الأعشاب أو ما يعرف بالـ (Superweeds) استطاعت أن تغزو مساحة تقدر بنحو 70 مليون فداناً من الأراضي الزراعية الأمريكية، مما تسبب بحدوث أضرار تقارب المليار دولار، ولكون هذه المشكلة تنتشر بسرعة كبيرة، اندفع المزارعون للبحث عن الحلول السريعة، وهذا ما دعا (داو) وغيرها من الشركات الكبيرة، إلى اتباع نهج الهندسة الوراثية للنباتات لتتحمل مزيجاً من مبيدات الأعشاب بدلاً من الغليفوسات وحده، لكن العديد من العلماء أشاروا إلى أن استخدام الكثير من مبيدات الأعشاب المختلفة سوف يسرع من تطور الـ (superweeds) أكثر من أي وقت مضى، وهذا سيضع المزارعين في حلقة مفرغة فيما يخص التعامل مع مبيدات الأعشاب، فكلما زاد استعمال أنواع متنوعة من مبيدات الأعشاب ، ستزداد مقاومة الأعشاب لهذه المبيدات.

المعارضون لهذا النوع من المحاصيل ومن بينهم المحلل العلمي (بيل فريز) من مركز سلامة الأغذية، تعهد بـ “متابعة جميع الخيارات القانونية المتاحة” لمنع حصول هذه المحاصيل على الموافقة، وأشار إلى أنه يتم تركيز الجهود حالياً على اقناع وزارة الزراعة، كونها مطالبة بموجب القانون أن تنظر في موضوع انتشار الأعشاب الضارة أثناء اتخاذها لقراراتها، حيث أنه من شبه المؤكد أن اتباع نظام المحاصيل المقاومة لمبيدات الأعشاب سيسرع من انتشارها، ولكن هذا النوع من المحاصيل استطاع الحصول على الموافقة في نهاية المطاف، ولم تستطع الدعاوى القضائية المرفوعة ضدها سوى تأخير وصولها إلى الأسواق لبضع سنوات.

يشير قسم آخر من العلماء إلى أن أفضل طريقة لتقليل مقاومة الأعشاب للمبيدات هو بالتقليل من استخدام مبيدات الأعشاب، ولكن معظم الحلول التي ظهرت لمعالجة هذه المشكلة كانت تتضمن استخدام المزيد من مبيدات الأعشاب، فبالنظر إلى الدراسات التي تم نشرها ما بين عامي 1994 و 2012 والتي تتحدث عن هذا المجال، نجد أن الدراسات التي تتحدث عن طرق مكافحة الحشائش الضارة تركز على استعمال مبيدات الأعشاب، بدلاً من التركيز على علم إدارة الاعشاب المتكاملة أو ((IWM، والذي يحل مشكلة الأعشاب الضارة عن طريق التناوب في زراعة المحاصيل المتعددة المصممة خصيصاً  لإبطاء انتشار الأعشاب الضارة.

من هنا نجد أن التنوع في زراعة المحاصيل هو الحل، ففي حين أن الأعشاب تنمو وتتطور بالضرورة عندما تتأقلم مع الضغوط التي يتم تطبيقها عليها، فإن خلط أنواع وتوقيت تلك الضغوط قد يمنع تشكيل المقاومة لدى النباتات، ولذلك لا يمكن الاعتماد للأبد على مبيدات الأعشاب وحدها، والتنوع هو السبيل الوحيد للمضي قدماً، ولكن لتحقيق هذا المشروع يجب على العلماء أن يلعبوا دوراً حاسماً في جعله مربحاً وذو إنتاجية، كإيجاد طرق لتحسين معدلات زرع البذور، وأوقات الحصاد، وتدمير بذور الاعشاب الضارة واستخدام النباتات المعمرة، إضافةً إلى العمل مع الخبراء الاقتصاديين لإظهار أن هذه الأساليب يمكن أن تكون مجدية بالفعل على نطاق واسع.

إن اجراء مثل هذا التحول في الممارسات الزراعية لن يكون سهلاً، فالتوسع المطرد الذي شهدته المزارع مقابل الانخفاض في توظيف العمال جعل من اتباع النهج الذي يعتمد على المواد الكيميائية المكثفة أكثر ملائمةً، ولكن لا يجب أن نغفل أن الـ ((IWM كان له أيضاً سجل طويل من النجاح في هذا المجال، حيث تم استخدام نهج إدارة لأعشاب المتكاملة من قبل أجيال من المزارعين قبل انتشار استخدام الغليفوسات، وبإدخال بضعة تعديلات حديثة، فإن اتباع أسلوب إدارة الأعشاب المتكاملة يمكن أن ينتج عنه عوائد ضخمة على النطاق الصناعي.

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير