التصنيفات: غير مصنف

أمل جديد لمرضى متلازمة الصبغي (X) الهش

متلازمة الصبغي X الهش (Fragile X Syndrom) هي نتاج خلل جيني وراثي، وتعتبر أحد أسباب التوحد، كما أنها تؤدي إلى أنواع مختلفة من التخلف العقلي، حيث تحتوي كل خلية في جسم الإنسان على آلاف الجينات، والجينات تقوم بحث الجسم على صنع مواد معيّنة، وبشكل عام فإن جيناتنا هي ما يجعلنا نبدو على الطريقة التي نحن عليها، تحدث متلازمة الصبغي X  الهش بسبب تغيّر في جين التخلّف العقلي المرافق للصبغي X الهش 1، أو جين (FMR1)، وهذا الجين يصنع بروتيناً اسمه بروتين التخلّف العقلي المرافق للصبغي X الهش (FMRP) وهو بروتين ضروري للنماء الدماغي الطبيعي، يقع الجين (FMR1) على الصبغي X ، تملك الصبغيات والجينات شفرة خاصة اسمها الحمض النووي الوراثي (DNA)، ويملك هذا الحمض أربعة أحرف كيميائية اسمها “الأسس” أو “القواعد” وهي A و C و T و G يُحدِّد ترتيب الأحرف في الحمض النووي المعلومات المحمولة على كل جين، هناك مكان في جين (FMR1) حيث تتكرر أسس الحمض النووي الوراثي من النمط (CGG) مراراً وتكراراً، عند أغلب الأشخاص يكون عدد مرات التكرار بسيطاً وهو الأمر الطبيعي، أما إذا كان عدد مرات التكرار كبيراً فسوف يتوقف هذا الجين عن العمل، وهذا سيؤدي إلى تعطل وظائف هذا الجين الضرورية لنماء الدماغ الطبيعي وعندها يوصف الأشخاص بأنهم يعانون من متلازمة الصبغي X الهش.

وفقاً لباحثين من جامعة أدنبره وجامعة ماكجيل، فإنه قد يكون بالإمكان مساعدة الأشخاص المصابين بأحد الأنواع الشائعة من التوحد الموروث، وهو التوحد الناجم عن متلازمة الصبغي X)) الهش، وذلك عن طريق استخدام أحد الأدوية التي يجري اختبارها كعلاج للسرطان، حيث تعتبر متلازمة الصبغي X)) الهش السبب الوراثي الأكثر شيوعاً من اضطرابات الطيف التوحدي، وهو يصيب حوالي طفل واحد من بين 4,000 طفل، وطفلة واحدة من بين 6,000 فتاة، وحتى الآن لم يتم إيجاد علاج شافٍ له.

تبعاً للعلماء الذين قاموا بتحديد المسار الكيميائي الغير طبيعي الذي عادةً ما يكون موجوداً في أدمغة المصابين بمتلازمة الصبغي X)) الهش، فإن أحد الأدوية التي يتم اختبارها لعلاج السرطان قد تكون قادرة على عكس الأعراض السلوكية لهذه المتلازمة، حيث وجد الباحثون أن هذا الدواء يحث بشكل طبيعي على إنتاج مضاد للفطريات يسمى cercosporamide))، والذي يعمل على عرقلة المسار الكيميائي الغير طبيعي لدى المصابين بالمتلازمة، كما يعمل على تحسين المهارات الإجتماعية لدى الفئران الذين يعانون من هذه الحالة.

عمل الفريق على تحديد جزيء رئيسي يدعى (eIF4E) يحث على إنتاج نوع من الانزيمات الزائدة في أدمغة المرضى المصابين  بمتلازمة الصبغي X)) الهش، حيث تقوم هذه الأنزيمات بالتسبب بأعراض سلوكية تشمل صعوبات التعلم، كما ويمكن أن يؤدي إلى حدوث إعاقة ذهنية أكثر خطورة، كالتأخر في الكلام وتطوير اللغة والتسبب بحدوث مشاكل في التفاعل الاجتماعي.

يقول (ناحوم مونينبرج)، وهو أستاذ في ماكجيل في كلية الطب وفي مركز غودمان للأبحاث السرطانية ومؤلف مشارك في هذه الدراسة، أن بروتين eIF4E)) يعمل على تنظيم انتاج انزيم يسمى ((MMP-9، والذي يعمل بدوره على  فصل وإعادة ترتيب نقاط الاتصالات بين الخلايا الدماغية التي تسمى بنقاط الاشتباك العصبي، وهذا التعطيل للموصلات بين الخلايا الدماغية، يؤدي بدوره أيضاً إلى حدوث تغيّرات في السلوك، إلّا أن الفريق وجد أن استخدام علاج الـ  (cercosporamide) قد يعمل على إيقاف نشاط البروتين ((eIF4E، وبالتالي يقلل من كميات تشكّل أنزيم (MMP-9)، وبهذا يمكنه عكس الأعراض السلوكية في الفئران المصابة بمتلازمة الصبغي (X) الهش، وبهذا تشير النتائج الجديدة التي تم نشرها في مجلة Cell Reports))، إلى أنه يمكن استخدام هذا الدواء كعلاج للمرضى الذين يعانون من متلازمة الصبغي (X) الهش.

يشير (أركادي خوتورسكي)، وهو طالب من ماكجيل في مرحلة ما بعد الدكتوراه، وأحد أول المؤلفين المشاركين لهذه الدراسة، أنه كان من المعروف سابقاً أن إنزيم MMP-9)) يشترك في التسبب بحالة متلازمة الصبغي (X) الهش، ولكن ما يميز هذه الدراسة أنها أظهرت أنه يمكن السيطرة على هذا المرض عن طريق التلاعب بنشاط البروتين (eIF4E) باستخدام بعض الأدوية المحتملة، وهذا بدوره يفتح المجال أمام إمكانية إيجاد علاج جديد يعمل على محاربة متلازمة الصبغي (X) الهش، من خلال تصميم علاجات تعمل على سد المسارات، والحد من الآثار الجانبية المحتملة لهذه المتلازمة، أو حتى إعطاء فرصة لتطوير علاجات أكثر كفاءة من الأساليب العلاجية المتبعة حالياً.

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير