التصنيفات: الصحة الجيدة

أجهز الراوتر تتجسس على نبضات قلوبنا ومعدل تنفسنا

هناك نظام سري يسجل معدل تنفسك وضربات قلبك بصمت وسرية موجود في مختبر كاتابي الذي يعتبر جزء من مختبر علوم الحاسوب والذكاء الاصطناعي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، هذا النظام يدعى (Vital-Radio)، وهو نظام لا يحتاج لأجهزة استشعار يتم تعليقها بالجسم، ولكن مع ذلك فإن دقته تماثل تقريباً دقة الأساليب التقليدية لقياس ضربات القلب ومعدل التنفس، وهذه القياسات يتم أخذها عن طريق الموجات اللاسلكية التي يمكنها حتى أن تعمل من خلال الجدران، وبهذا سيكون بالإمكان مراقبة العلامات الحيوية للأشخاص أثناء مشاهدتهم للتلفاز أو القراءة أو حتى خلال النوم، ويشير الفريق الذي يقف وراء الابتكار إلى أن هذا النظام يمكن استخدامه لمراقبة وتحسين صحة المرضى في المستشفيات والمنازل.

يشير (فاضل أديب) وهو أحد أعضاء الفريق المصنع لهذه التكنولوجيا أن مراقبة معدل التنفس وضربات القلب سيصبح أمراً مثيراً للاهتمام في المستشفيات إذا ما تم ذلك من دون الحاجة لوضع أي شيء على أجسام المرضى، ويمكن لهذا النظام أن يمتلك تطبيقات أكثر إدهاشاً، مثل استنتاج الحالة العاطفية لدينا مثلاً، ويمكن أن يتم إدماجه في جهاز الراوتر اللاسلكي (الواي فاي) في المنزل، وبذلك يصبح جهاز الراوتر مركزاً لاتصالات الانترنت ولجمع البيانات الصحية أيضاً.

يعمل نظام (Vital-Radio) بشكل مماثل تقريباً لعمل الرادار، حيث تنتقل موجاته باستخدام جزء من الطيف الراديوي، بشكل مشابه للطيف الذي يتم استخدامه في نقل موجات الواي فاي، وبذلك يقوم بمراقبة الإشارات المنعكسة للبصمات الحيوية الخاصة بالكائنات الحيوية، كما أنه يقيس الوقت الذي تستغرقه الموجة المنعكسة للعودة – أي وقت الذهاب والإياب-  وبذلك فإن كل كائن يوجد في نطاق عمل هذا النظام –بما في ذلك البشر- سيعكس الإشارات باختلاف بسيط في زمن الذهاب والإياب وذلك اعتماداً على المسافة التي تفصل ذلك الكائن عن الهوائي.

بعد ذلك يقوم النظام بتحليل الإشارات المرتدة عن الإنسان حيث يمكن لحركة ارتفاع وهبوط الصدر أن تشكل إشارات متميزة، وكذلك الأمر بالنسبة للنبض الذي يوجد في العنق، فحتى ولو كان هذا النبض غير محسوس للعين البشرية المجردة بيد أن النظام يستطيع التقاطه من خلال الإشارات المنعكسة، وقد قام فريق (Vital-Radio) بتقديم هذا النظام في وقت سابق من هذا الأسبوع في مؤتمر الكمبيوتر (CHI) في سيول، في كوريا الجنوبية.

على الرغم من أن تطبيقات هذا النظام تتمحور حالياً  حول المراقبة الصحية عن بعد، إلّا أن الإشارات الفيزيولوجية التي يلتقطها النظام غالباً ما تلتقط شيء آخر غير المعايير الحيوية التي تراقب صحة الشخص عن بعد، وهذه الإشارات هي ذلك النوع الذي كان علماء الكمبيوتر مهتمين بالتقاطه بشكل متزايد منذ زمن طويل، وهي العواطف.

هناك العديد من مراكز الاتصالات التي تستخدم مثل هذه البرمجيات بالفعل لـ”قراءة” الكيفية التي يشعر فيها المتصلين من لهجات أصواتهم، وهذا يساعد العاملين فيها لاتخاذ القرارات الصحيحة، وبشكل مماثل يمكن لنظام (Vital-Radio) أن يفعل شيء ذاته من خلال التكنولوجيات التي نتفاعل معها، وكل ذلك دون الحاجة لارتداء أية أدوات إضافية على أجسامنا.

يمكن أن يقوم النظام المدمج بجهاز الراوتر اللاسلكي بإخبار كمبيوتراتنا المحمولة أن الفيلم الذي نشاهده يجعلنا نشعر بالراحة، مما يدفع الكمبيوتر المحمول لتأجيل عرض التنبيهات والرسائل الإلكترونية التي تصلنا باستثناء الأمور المستعجلة حقاً، كما يمكن عندها لأنظمة الإضاءة أو الموسيقى الذكية أن تغير من الموسيقى التي تعزفها لتتماشى مع مزاجنا.

بحسب (أديب) فإن فريق العلماء يعملون حالياً لتطوير النظام إلى نقطة يمكنه فيها مراقبة ضربات قلب الجنين داخل رحم أمه، وقد يصل في يوم ما لأن يكون قادراً على مراقبة تفاصيل ضربات القلب والحصول على بيانات يمكن مقارنتها برسم القلب دون الحاجة إلى زيارة المستشفى.

تبعاً لـ(تشانجزي لي) من جامعة تكساس للتكنولوجيا في لوبوك، فإن المشكلة الفنية الأكبر لنظام (Vital-Radio) تتمثل بكيفية التعامل بدقة مع حقيقة أن الأشخاص لا يجلسون عادة دون حركة، فالجهاز قادر على قياس ضربة القلب وهي تحدث تغييراً حركياً لا يتجاوز الملليمتر الواحد أو حتى أصغر من ذلك، لذلك فإن أي حركة عشوائية للجسم يمكن أن تعطي نتائجاً مغايرة للواقع.

لهذا السبب، لا يحاول نظام (Vital-Radio) مراقبة معدل ضربات قلب الشخص ومعدل تنفسه أثناء الحركة، حيث أن التكنولوجيا التي يعتمد عليها يمكن استخدامها لتتبع الشخص وهو يتحرك في جميع أنحاء منزله على سبيل المثال، كما ويمكنه أيضاً أن يتبع بعض الحركات ولغات الجسد المعينة، وبذلك يمكن للمنزل الذي يحتوي على هذا النظام أن يتصل مع نظام الإضاءة  ويمكن لساكني المنزل السيطرة على الأضواء من خلال القيام بحركة معينة على سبيل المثال.

أخيراً يضيف (لي) أنه سيكون هناك الكثير من التطبيقات التي يمكن لهذا النظام أن يستخدم فيها، وليس فقط في المنزل بل وفي المستشفيات أيضاً، فإذا ما تم حل المشكلة الفنية، سيكون التطبيق الأول لهذا النظام في إجراء المراقبات الصحية الروتينية.

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير