أخبار العلوم

chatGPT: ذكي جداً أم غبي للغاية .. وهل تستطيع الفوز عليه في لعبة X/O

من منّا لم يجرب، أو يسمع على الأقل، ببرنامج شات جي بي تي؟ كيف لا وقد أصبح هذا البرنامج، وفي غضون أسابيع فقط بعد إطلاقه، أشهر نموذج للذكاء الاصطناعي لمعالجة اللغة على الإنترنت.

تتخطى قدرات روبوت المحادثة هذا، والذي يبدو وكأنه آت من أحد أفلام الخيال العلمي، مسألة إجراء محادثات مع البشر كما قد يوحي اسمه، إذ هو قادر أيضًا على كتابة تعليمات برمجية معقدة، بل وتمكّن من النجاح في أحد امتحانات المحاماة، وغير ذلك الكثير.

لكن هذا البرنامج “الذكي” كما قد يبدو للوهلة الأولى، لا ينفك يخسر في لعبة (إكس–أو) البسيطة، ولا يُدرك أنه خسر أصلًا إلا بعد إعلامه بذلك. فكيف لهذا أن يحدث، ولماذا؟

يقول الدكتور سانجاي تشاولا، مدير الأبحاث في قسم تحليلات البيانات في معهد قطر لبحوث الحوسبة، التابع لجامعة حمد بن خليفة، عضو مؤسسة قطر: “تملك روبوتات المحادثة مثل شات جي تي بي (أو ما يمكن تسميتها تقنية المحولات التوليدية المدربة مسبقًا – نوع من أنواع الذكاء الاصطناعي) من المعرفة أكثر مما تملك من الذكاء، على الأقل إلى الآن”.

ولشرح كيفية عمل روبوتات المحادثة هذه، يقول الدكتور سانجاي: “إنها برامج مدعومة بالكثير من البيانات إلى جانب تقنيات حوسبة للتنبؤ بكيفية سَلسَلة الكلمات معًا بطريقة ذات معنى. وعدا عن أنها برامج تمتلك معارف موسوعية، فهي أيضًا قادرة على فهم الكلمات ضمن سياقها، وهذا هو سبب قدرتها على الرد بلغة تبدو طبيعية إلى درجة تظن معها أنك تخاطب بشرًا. ولكن في نهاية المطاف، كل ما تفعله هذه البرامج بشكل أساسي هو إعادة جمع المعلومات الموجودة بالفعل. وهي ليست ماهرة عمومًا عندما يتعلق الأمر بالتفكير الاستنتاجي والتفكير النقدي”.

ومع أن البرنامج يجيب عن الأسئلة التي توجه إليه إجابة الواثق، فإنه يرتكب الأخطاء، وهو أمرٌ أقرت به أوبن إيه آي، الشركة المطورة للبرنامج، حيث ذكرت على موقعها الإلكتروني أن روبوت شات جي بي تي يقدّم أحيانًا إجابات قد تبدو منطقية، ولكنها غير صحيحة أو لا معنى لها”.

لكن شكوك الدكتور سانجاي هذه لم تمنعه من الإقرار بأن روبوت شات جي بي تي هو بالتأكيد ” أكثر فاعلية من البرامج التي سبقته”، و”إنجاز تقني مذهل”، و”ابتكار سيغير قواعد اللعبة من نواح كثيرة”.

وتعليقًا على ما يثار حول إحدى نقاط قوة هذا البرنامج، يقول الدكتور سانجاي: “يمكن له قطعًا أن يرفع من إنتاجية الأفراد، لكني لا أتفق مع الرأي القائل بأنه سيحل محل منشئي المحتوى، ومردّ ذلك ببساطة هو أن النصوص التي يولدها هذا البرنامج غالبًا ما تتسم بالجمود وتفتقر إلى اللمسة الإنسانية؛ لذا، يمكن القول إن البرنامج قادر على أن يقدم إطارًا عامًا ويوفر بذلك على المستخدمين كثيرًا من الوقت، لكنه يفتقر إلى التفرّد، وهنا تأتي ميزة العنصر البشري”.

أما التحدي الآخر الذي يشير إليه الدكتور سانجاي فهو قضية استعمال البرنامج لمصادر متعددة عند توليد المحتوى، ما يجعل من إسناد المحتوى إلى مصدره أمرًا في غاية الصعوبة، وهو ما يثير شكوكًا تتعلق بالمصداقية والدقة.

ويرى الدكتور سانجاي تشاولا، مدير الأبحاث في معهد قطر لبحوث الحوسبة التابع لجامعة حمد بن خليفة، عضو مؤسسة قطر، أن شات جي بي تي ليس إلا ناقوسًا ينبئُنا بقدوم مستقبل يمثّل الذكاء الاصطناعي عصبه الرئيسي

يتفق الدكتور سانجاي مع الرأي القائل إن شات جي بي تي، ومن نواح كثيرة، يمثّل ناقوسًا ينبئنا بمستقبل شارف على القدوم. فقد كنا نسمع طوال العقد الماضي أن الذكاء الاصطناعي سيغير وجه العالم الذي نعرفه، وها قد بدأ كثير منا يرى، ولأول مرّة، كيف له أن يفعل هذا.

 

يقول الدكتور سانجاي: “إنه لمن السذاجة إنكار حقيقة أن الذكاء الاصطناعي لا محالة سيغير الكثير، وما علينا فعله بدلًا من ذلك هو الاستجابة السريعة، والتكيّف مع هذا الواقع الجديد في كل قطاع من قطاعات المجتمع. يتضمن ذلك تدريب المهنيين على كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي على أفضل وجه لرفع إنتاجيتهم، وتنويع مهارات العمال ممن يجيدون عملًا واحدًا فقط، والذين من المرجح أن يحل الذكاء الاصطناعي محلّهم، والأهم من ذلك إدماج الذكاء الاصطناعي في النموذج التعليمي الحالي للبلاد”.

وحول ما إذا كان يعد الذكاء الاصطناعي صديقًا أم عدوًا فيما يخص التعليم، يقول الدكتور سانجاي: “الذكاء الاصطناعي صديق، لكن الجَليّ هو أننا بحاجة إلى إعادة النظر في أنظمة التعليم العالمية. يجب أن ننظر إلى اختبار مستوى الطلاب وفق قدرتهم على الحفظ والاستعادة كأمر عفى عليه الزمن، ويجب التركيز على طرق الاختبار التي تتطلب التفكير النقدي والتفكير الاستنتاجي. من المهم أيضًا تعليم الطلاب كيفية استخدام أدوات مثل شات جي بي تي، وصياغة الأهداف والأسئلة التي تحاول أبحاثهم الإجابة عنها، وكيفية التعامل مع البيانات؛ بحيث لا يعانون من فجوة في المهارات عند تخرجهم ودخولهم سوق العمل”.

ومع ذلك، لا يخفي الدكتور سانجاي قلقه من إحدى الأمور المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، ألا وهي أن من يتولى تطويره وتدريبه هي قلة قليلة من شركات التكنولوجيا الكبرى: “حتى الآن، يتولى عدد قليل من شركات التكنولوجيا الكبرى تطوير روبوتات المحادثة. مما يعني أن هناك قيودًا على ما يجري تعليمه للبرامج، ومن يُعلّمها. وهذا يمكن أن يؤدي، لا شعوريًا، إلى التحيّز. وبالتالي هناك حاجة إلى تطوير تشريعات تنظم عمل مثل هذه النماذج من حيث الوصول إلى البيانات ومشاركتها”.

وحول آثار الذكاء الاصطناعي المحتملة على دولة قليلة السكان، مثل قطر، يقول الدكتور سانجاي: “إذا جرى توظيفه بشكل صحيح، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون مفيدًا جدًا. فقلة عدد السكان يعني أن حجم القوة العاملة التي ينبغي تدريبها وصقل مهاراتها أصغر، وربما ستحتاج الدولة إلى زمن أقل كي تتحول إلى دولة معززة بالذكاء الاصطناعي، سواء كان ذلك في أماكن العمل أو في المدارس”.

ويضيف: “ما يعنيه وجود قوى عاملة معززة بالذكاء الاصطناعي هو أن الحاجة ستنتفي إلى تولي البشر المهام العادية الروتينية، وبالتالي سيتيح لهم هذا التركيز على المهام الأعلى تعقيدًا وإنتاجية، مما يسهم في دفع الابتكار وتعزيز الاقتصاد القائم على المعرفة”.

 

 

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير