التصنيفات: غير مصنف

8 أشياء لا يزال العلم لا يفهمها عن الدماغ

يعتبر الدماغ أحد أكثر الأجزاء المعقدة وغير المفهومة تماماً من الجسم البشري، ولسوء الحظ، حتى ولو كانت تركيبة الدماغ أبسط من ذلك بكثير، إلا أننا سنبقى غير قادرين على فهمه على اعتبار بأننا سنكون أغبى مما نحن عليه الآن بكثير.

باستخدام مجموعة واسعة من التقنيات الحديثة في علم النفس التقليدي، استطعنا أن نستنتج قدراً لا بأس به من المعلومات حول هذا الكائن الغامض، ولكن لا يزال هناك الكثير من الغموض بشأن الكتلة الرمادية التي تقع بين أذنيك والتي جعلت حتى أفضل علماء الأعصاب يحكون رؤوسهم.

فما الذي يجعل هذه الكتلة المعينة من الخلايا قادرة على خلق الذكريات والمشاعر والوعي؟ من المدهش حقاً أن نعتقد بأن عدد قليل من النبضات الكهربائية، قادرة على جعل مجموعة من الكلمات على الشاشة تجعلك تفكر في فيل وردي، أو حتى التعرف على هذه الكلمات بأنها أشياء ذات معنى.

حتى أعظم العقول في علم الأعصاب لا تزال غير قادرة على معرفة ما يجعل أدمغتنا تعمل بالضبط، وما يمنحنا شخصياتنا؟ وكيف يمكننا التميز بين كوننا نياماً أو مستيقظين؟ وهل الإرادة الحرة مجرد وهم؟ ولماذا من الصعب جداً تطبيق هذه الآثار حتى على أكثر أجهزة الكمبيوتر العملاقة تقدماً؟

  1. كيف يمكن أن يكون بهذه السرعة؟

الجميع يتحدث دائماً عن الدماغ البشري على أنه كمبيوتر عملاق، ولكنه في الواقع بطيء بشكل لا يصدق، فالسرعة التي تنتقل فيها الإشارات من خلال الدماغ تعادل واحد من المليون من سرعة نقل الإشارات في أجهزة الكمبيوتر، ولكن على الرغم من ذلك، فأنت قادر على التعرف على الوجه، أو على أغنية ما أو حتى على رائحة ما على الفور، في حين أن الأمر سيستغرق جهاز كمبيوتر، الذي هو من الناحية التقنية أسرع بكثير، وقتاً أطول من ذلك بكثير.

قد تكون هذه السرعة التي تبدو متناقضة على الأرجح عائدة إلى قدرة الدماغ على إجراء العديد من المعالجات بشكل متوازي، ولكن هذا الأمر يبدو مربكاً في حد ذاته، فالمشكلة بإجراء الكثير من الحسابات في وقت واحد هو أنه يعطي الكثير من النتائج المختلفة، وهذا شيء يبطئ أجهزة الكمبيوتر التي تقوم بالمعالجة المتوازية، في حين أن الدماغ يمتلك القدرة بطريقة ما على فرز هذه النتائج جميعها بسرعة البرق لتقديم فكرة أو سلوك أو ذكرى واحدة.

  1. من أين تأتي الشخصية؟

بدلاً من القول بأنك تمتلك دماغاً، فقد يكون قول بأنك ما هو عليه دماغك أكثر دقة، حيث أن ذلك الشيء الاسفنجي الذي يوجد في رأسك هو على الأرجح حيث توجد شخصيتك (سيكون ذلك غريباً إذا ما تبين بأن شخصيتنا توجد في أمعائنا أو شيء آخر)، ولكن ما الذي يجعل دماغك يحدد شخصيتك؟

هذا كله جزء من نقاش الطبيعة مقابل التنشئة، فما مقدار الشخصية التي تولد معك وتكون مزروعة في جيناتك، وما مقدار الشخصية التي تقوم بيئتك بصقلها؟

الأمر هو أنه لا بد للشخصية أن تكون موجودة في الدماغ، ولكنك مع ذلك لا تستطيع أن تحدد بالضرورة شخصية الآخرين من خلال النظر إلى أدمغتهم – ناهيك عن جيناتهم، لهذا يميل الكثيرون لتفضيل نظرية “التنشئة” من هذه الجدلية – أي أننا نتاج بيئتنا – ولكن هذا في حد ذاته يمتلك بعض المشاكل أيضاً، فلماذا يمتلك بعض الأشخاص الذين نشأوا في ظروف مشابهة جداً، شخصيات مختلفة إلى حد كبير مثلاً؟

  1. لماذا ننام ونحلم؟

يعتبر النوم من أكثر الوظائف أهمية في حياتنا، وعلى الرغم من المخاطر والسلبيات التي ينطوي عليها إنفاق نسبة كبيرة من يومك، وما يقارب من ثلث حياتك، وأنت فاقد للوعي، وغير مدرك لما حولك ومعزول عنه تماماً، فإن جميع الثدييات والزواحف والطيور تنام، وذلك لأنه أمر مهم بشكل واضح، إلّا أن المشكلة هي أنه ليس لدينا أي فكرة عن السبب.

في البداية، ليس هناك سبب حقيقي يجعل النوم يعطيك الطاقة، فنحن نحصل على الطاقة عن طريق تناول الطعام، ومع ذلك ليس هناك طريقة تجعلك تغنيك عن النوم بالطعام، وعلى الرغم من حقيقة أننا نحرق الكثير من الطاقة من خلال النوم، فإننا دائماً ما نستيقظ ونحن نشعر بالانتعاش والنشاط أكثر مما كان نشعر به قبل ذهابنا إلى السرير، وهذا بالضبط هو الشيء الذي لا يزال يحير العلماء.

الأمر نفسه ينطبق على الحلم، فهناك الكثير من التخمينات، من القول بأنه ينتج عن رشقات عصبية عشوائية إلى أنه عملية لدعم وتقوية الذاكرة إلى أنه نتاج التعلم العميق، ولكن حتى الآن، لم يختلف مقدار الغموض المحيط بالحلم منذ ما كان عليه قبل آلاف السنين.

  1. كيف نقوم بتخزين الذكريات؟

حاول التفكير بما تناولته يوم البارحة على الفطور، أو قبلتك الأولى أو حتى يومك الأول في المدرسة، الآن، ألا تتساءل أين كانت هذه الذكريات قبل أن تصبح مدركاً بوجودها؟

بشكل مشابه كثيراً للقرص الصلب في جهاز الكمبيوتر، يتم ترميز الذكريات بشكل مادي في أدمغتنا –أو هذا ما يعتقده العلماء- حيث يفترض علماء الأعصاب بأن هذه هي الطريقة التي تعمل بها الذاكرة، لأنه ليس هناك وسيلة حقيقية أخرى تمكنها من فعل ذلك، ولكننا لا نعرف حقاً كيف أو أين تكون الذكريات عندما لا نكون نفكر بها.

هناك أيضاً الكثير من الأنواع المختلفة للذاكرة، فهناك النوع الذي يتيح لك تذكر قبلتك الأولى وهناك النوع الذي يتيح لك تذكر أسماء الأشخاص بعد لقائهم، وهي لا تتمحور فقط حول الاحتفاظ بالمعلومات، بل وبكيفية استخدامها، حيث يمكنك مثلاً استخدام ذاكرتك لتعرف كيف يمكن لشكل قطة من نوع ما أن يبدو، واستخدامها فيما بعد لاستنتاج أنواع القطط الأخرى، وذلك حتى ولو كانت تمتلك ألواناً أو أحجاماً، أو حتى عدد أرجل مختلفة، ويمكنك أيضاً استخدام ذاكرتك لتخيل قطة خيالية، ففي هذا المعنى، يمكن القول بأن الذاكرة والخيال هما أمران متشابهان جداً.

يعتقد بأن الذكريات لا ترمّز على شكل “بتات” منفصلة كما هو الأمر عليه في الكومبيوتر، ولكن هي في الواقع نتيجة لمجموعات مختلفة من الخلايا العصبية، غير أننا ما زلنا غير متأكدين من الكيفية التي تتشكل فيها الذكريات في المقام الأول، ولماذا تتلاشى بعضها، وحتى كيف يمكن خلق ذكريات كاذبة.

  1. هل نحن مجرد أجهزة الكمبيوتر؟

بشكل عام، يعتبر الدماغ البشري في الأساس معالجاً كلاسيكياً للمعلومات- أي جهاز كمبيوتر- غير أنه معالج متقدم جداً، بالتأكيد، ولكن إذا كان هذا صحيحاً فإنه سيكون بالإمكان إعادة إنتاج عقل بشري مثالي بشكل مصطنع تماماً وتطبيقه على الأجهزة، وبوضع المستويات المناسبة من التفصيل والتعقيد، فإن هذا الكمبيوتر سيكون من شأنه امتلاك وعي إنساني كامل لا يمكن تمييزه تماماً عن الوعي الحقيقي.

ولكن مع ذلك، فإن الغريزة أدت بالبعض إلى الاعتقاد بأن الدماغ ليس محسوباً، وأنه مهما تطورت الهندسة فلن يكون بالإمكان إعادة إنتاجه، كما ويعتقد بعض الخبراء بأن الدماغ العضوي يختلف اختلافا جوهرياً عن جهاز كمبيوتر لأنه مهامه مؤلفة من تفاعل مليارات الخلايا بطريقة غير خطية بدلاً من طريقة الآحاد والأصفار التي يستخدمها جهاز كمبيوتر.

الجدير بالذكر هنا أن الدماغ البشري يمكنه “حوسبة” بعض الأشياء، دون بعضها الآخر، ومعرفة الفرق بينهما قد يكون هو المفتاح لفهم آلية عمله.

  1. هل نمتلك الإرادة الحرة؟

تبدو فكرة الإرادة الحرة وكأنها مجردة للغاية ليتم التقاطها عن طريق التصوير بالرنين المغناطيسي، وبالتأكيد فإنها تندرج في اختصاص الفلسفة وليس علم الأعصاب، أليس كذلك؟ حسناً، بعد السماح للفلاسفة بخوض تلك المعركة لوحدهم لآلاف السنين، قرر العلماء أن يتدخلوا، وكانت النتائج مثيرة للقلق قليلاً.

في الدراسات التي بدأت في ثمانينات القرن الماضي، وتم تكرارها في الآونة الأخيرة باستخدام تقنيات أكثر حداثة، طلب من المشاركين في الاختبار أن يقوموا بشكل إرادي بتحريك أصابعهم، ولكن مع ذلك، أظهر النشاط الدماغي بأن اللاوعي لديهم كان هو من يقوم تأدية الفعل قبل ثانية كاملة تقريباً من أن يقوم العقل الواعي لديهم باستكمال المهمة.

يظن البعض بأن هذا يدل على أن الإرادة الحرة هي في الواقع مجرد وهم وأن الدماغ يخدعنا من خلال جعلنا نعتقد بأن أعمالنا طوعية “بعد وقوعها”، في حين رفض آخرون البيانات، أو اختلفوا مع استنتاجاتها.

  1. كيف يمكن للعقل أن يجعل الجسم بمجمله يعمل بتلك السلاسة؟

أحد الأشياء التي أدهشت العديد من علماء الأعصاب هي مدى السلاسة التي يعمل بها كل شيء، وذلك بالنظر إلى أن كل فكرة من أفكارنا وكل حركة من حركاتنا يتم توليدها من قبل مجموعة عشوائية من النبضات الكهربائية.

إحدى التحديات الرئيسية التي كان على دماغنا التغلب عليها، هي أنه يتلقى إشارات مختلفة من الحواس المختلفة في أوقات مختلفة.

عقلك هو سيد الوهم، فعلى سبيل المثال، إذا كنت تصفق ويداك أمامك، فإن الضوء كما نعلم يسافر بشكل أسرع من الصوت، ولكن نظامك السمعي سيقوم بمعالجتها بشكل أسرع من نظامك البصري، وكما في الفقرة السابقة التي تتحدث عن الإرادة الحرة، فإن دماغك سوف يخبرك بما تفعله قبل أن تكون على علم بذلك، ولكن بطريقة ما، فإنه يقوم بتنظيم هذه السلسلة الجنونية من الأحداث لإعطائك حدثاً كاملًا ذو معنى أفقي في رأسك.

بالإضافة إلى ذلك، خذ بعين الاعتبار مقدار الدقة والبراعة التي يتطلبها إدخال خيط في إبرة، أو ركلة كرة أو حتى إرسال نص على هاتفك الذكي، هناك عدد كبير من الأنظمة المختلفة التي يجب أن تعمل معاً من أجل أن تفعل هذه الأشياء، ولكن الدماغ يجد مع ذلك طريقة لإدارة كل ذلك معاً وإخراجه في تجربة واحدة سلسة للغاية.

  1. ما هو الوعي؟

قد يكون هذا أكبر أسرار العقل البشري، كيف يخلق الدماغ تجربة الوعي؟

نحن نقترب من الإجابة أكثر من أي وقت مضى، حتى أن مجموعة من العلماء وجدت “زر التشغيل والإيقاف” في الدماغ، الذي يؤدي تحفيزه لإفقاد المريض لوعيه تماماً، إلّا أنه يعود ليستعيده لحظة توقف ذلك التحفيز، ولكن مع ذلك، فإن هذا في حد ذاته لا يفسر ما هو الوعي تماماً.

يعتقد البعض أن الوعي هو نتيجة تفاعلات معقدة لا تعد ولا تحصى في الدماغ، في حين يعتقد البعض الآخر بأن هناك نقطة معينة يأتي كل شيء فيها معاً، حتى أن البعض يقترحون بأنه قد يكون نتيجة للتأثير الكمي، ولكن الحقيقة هي أننا ببساطة لا نعرف.

فكر مثلاً باللحظة التي ينطلق فيها المنبه في الصباح، ما هو الفرق بين اللحظة التي كنت فيها نائماً، واللحظة التي استيقظت عندها؟ وما الذي يجعل إصابتك بضربة قوية على الرأس تفقدك الوعي؟ ولماذا هذه التجربة تكون نفسها لدى الجميع؟ حتى الآن ما نعرفه أن كل هذا هو مجرد وهم، وأنك لست أكثر من مجرد دماغ في وعاء.

 

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير