يعتبر موضوع التوائم، وخاصة التوائم المتماثلة، من المواضيع التي فتنت العديد من الأشخاص والباحثين في مجال الطب منذ وقت طويل، فهناك شيء حول هؤلاء الأشخاص لا يمكن لغير التوائم فهمه تماماً، حيث أن علاقة التوائم ببعضهم أقرب من أي شخصين آخرين من البشر، كما أن هناك أساطير وقصص رعب -وحتى برج فلكي (الجوزاء)- تدور حول التوأم، ولكن أين تنتهي الأساطير وتبدأ الحقيقة؟

في هذا المقال سنتحدث عن بعض الأساطير والشروحات الأكثر من رائعة للحقائق التي تدور حول التوائم وعلاقتهم مع بعضهم:

  • يمكن للتوائم أن يقرؤوا أفكار بعضهم – أسطورة:

لطالما كانت فكرة قدرة التوائم على قراءة أفكار بعضهم جزءاً مثيراً من قدراتهم، ولكن للأسف، فقد فشل الباحثون في محاولاتهم لإثبات أسطورة قدرة التوائم على قراءة الأفكار.

بحسب عالم الأوبئة الوراثية ونائب مدير مركز تسجيل التوائم الاسترالي، الأستاذ المشارك (جيف كريج)، فإن الباحثين لم يفهموا بعد كل شيء حول التوائم، ولكن لا يوجد دليل حتى الآن على أنهم يمتلكون أي إدراك فوق حسي، أو ما يعرف بالـ(ESP).

تبعاً لكل من (سارة كوليجروف) التي تبلغ من العمر 52 عاماً وشقيقتها التوأم (جيني)، فإنهما دائماً ما تُسألان إذا  ما كانتا قادرتين على قراءة أفكار بعضهما، حيث تشير (سارة) بأن الأشخاص يحبون أن يعتقدوا بأن التوائم يمتلكون القدرة على التخاطر أو أي نوع من هذه الأنواع من القدرات، ولكنها تضيف بأنها لم تختبر يوماً ذلك الشعور المفاجئ بأن أختها في ورطة كبيرة أو بأنها على وشك أن تموت.

ولكن (كاتي وود) عالمة النفس السريري، والشقيقة الصغرى لتوأمين متطابقين، تمتلك وجهة نظر مختلفة، فعلى الرغم من أنها لا تعتقد بوجود ما يسمى بالإدراك فوق الحسي ESP، لكنها تقول أن هناك تقارب بين التوائم المتماثلين، وهذا يعني أن بمقدور هؤلاء الأشخاص التواصل بدون لغة، وخاصة في مرحلة الطفولة.

تضيف (وود) بأن معظم ما يدور بين التوائم يكون ضمنياً وغير معلناً، وغالباً ما يعرف التوأم ما يشعر به توأمه دون الحاجة للسؤال أو التفسير، وهذا الأمر أشبه بمعرفة ما يجري دون الحاجة للتوضيح، وذلك بسبب قوة الرابط والتقارب بينهم، ولا علاقة للسحر في الأمر.

بحسب الأستاذ المشارك (جيف كريج)، فإن بعض التوائم يشعرون بأنهم يستطيعون قراءة عقول بعضهم، وذلك على الرغم من عدم وجود أي دليل علمي على ذلك، ولكنه يشير إلى أنه قد يكون هناك تفسير منطقي لهذا، حيث أن علاقت التوائم ببعضهم أقوى من أي علاقة أخرى بين أي شخصين، وهذا أمر لم نفهمه بعد، لذلك، فإذا كانوا يشيرون إلى أنهم يشعرون بالأشياء في ذات الوقت، وأنهم يمتلكون نوعاً من الاتصال بين بعضهم، فإنهم قد يمتلكون ذلك بالفعل.

  • يمكن للتوائم أن يشعروا بآلام بعضهم – أسطورة

فشلت العديد من التجارب على مر السنين بإثبات أن التوائم يمكن أن يشعروا بآلام بعضهم البعض، وتوافق (سارة) على ذلك مشيرة بأنها وشقيقتها (جيني) لم تكونا قادرتان أبداً على الشعور بآلام بعضهما البعض، وعلاوة على ذلك، فقد أشارت بأنه لو كان هذا يحدث لكان حدث عندما كانت (سارة) تواجه أسوأ ألم في حياتها، وهو ألم الولادة.

بحسب (سارة) فإنها قد مرت بحادث يثبت بأن مشاركة الآلام لدى التوائم هو مجرد أسطورة، ففي الوقت الذي كانت فيه (سارة) تلد طفلها الأول، كانت توأمها (جيني) وزوجها وزوج (سارة) جميعاً في المستشفى، ولكن في عندما ترك المرافقون الثلاثة (سارة) في المستشفى لتناول العشاء، تصاعد الموقف، وبدأت (سارة) تمر بمرحلة ولادة مؤلمة جداً وخطيرة، ومع ذلك بقي الثلاثي في الفندق بعد العشاء في مكان قريب، من دون أن يكون لدى أي منهم فكرة عمّا كان يجري في المستشفى.

تبعاً لـ(سارة): “لقد كانت أختي هناك ولكنها لم تمتلك أدنى فكرة عما يجري”.

على غرار أسطورة قراءة الأفكار، فإن هنالك أشياء لا يمكن تفسيرها، فهناك توائم يشيرون بأنهم يستطيعون الشعور بآلام بعضهم، وقد تشير علاقتهم الوثيقة وبنيتهم الفيزيائية المتطابقة تقريباً إلى أن هذا يمكن أن يكون حقيقة، حيث أن الألم يمكن أن يكون نفسياً ويمكن الشعور به بالتعاطف.

تبعاً للأستاذ المشارك (كريغ)، فإن هناك الكثير من التعاطف بين التوائم، وإذا كان لديك شخص قريب منك، فإنك بشكل طبيعي قد تشعر بآلامه بسبب هذا القرب.

  • تكون التوائم متطابقة عندما تتشارك بمشيمة واحدة في الرحم – أسطورة

من المعتقدات الخاطئة الشائعة – حتى بين الأطباء- أنه يتم تحديد ما إذا كانت التوأمان متطابقان أم لا من خلال تشاركهما بمشيمة واحدة، فعلى الرغم من أنه من المعروف أنه إذا ما خرج التوأمان عند الولادة وحبلهما السري معلق بنفس المشيمة، يكونان متطابقان، إلّا أنهما إذا ما خرجا وكل منهما يمتلك مشيمته الخاصة، فقد يكونا إما توأمان عاديان أو توأمان متطابقان، فإذا كانا متطابقان، فهناك احتمال أن يكون الجنين قد انقسم إلى اثنين قبل نمو المشيمة.

الطريقة الوحيدة للتحقق مما إذا كان التوأمان متطابقان أم لا هي القيام ببعض الاختبارات الجينية.

  • إذا كنت أحد التوائم أو كان أحد والديك كذلك، فهناك احتمال كبير بأنك ستنجب توأماً – حقيقة

هذا صحيح، ولكن فقط بالنسبة للتوائم غير المتطابقة، حيث أن واقعة التوائم المتماثلة هي واقعة غريبة ولم يتم اكتشاف أي استعداد وراثي لها بعد.

ولكن من جهة ثانية، فإن ولادة التوائم غير المتطابقة المتعددة يعتبر وراثياً، لأنه يتطلب وجود أكثر من بويضة واحدة متاحة للتلقيح، وهذا يعتبر سمة وراثية.

  • يجب أن يتم وضع التوائم المتماثلة في مدرستين منفصلتين حتى يطوروا هويتهم الخاصة – أسطورة

قد يعاني الوالدين كثيراً لمعرفة ما إذا كان يجب عليهم وضع أطفالهما التوائم معاً أثناء الدراسة أو السماح لهم ببناء هوياتهم الخاصة بشكل منفصل عن بعضهم البعض.

تشير والدة التوأمين المتماثلين البالغين من العمر ست سنوات (بينجي وميسون كوكس) واللذان تم وضعهما في فصلين دراسيين منفصلين ضمن مدرسة واحدة، بأنهما يتشابهان في الكثير من النواحي، فقد فقدا بعض الأسنان في الوقت ذاته، وكلاهما يمتلكان علامات ولادة متطابقة، ولكنهما متناقضان تماماً.

من الناحية الدراسية، فإن كلاً من (بينجي) و(ميسون) متشابهان للغاية أيضاً، حيث أن معدل الذكاء لديهما لا يختلف سوى بنقطة واحدة فقط.

تقول السيدة (كوكس) بأنها تأمل أن تساعد الفصول الدراسية المنفصلة على تطوير شعورهما بتميزهما عن بعضهما، ويبدو بأن الولدان – اللذان يقولان بأن أسوأ شيء في كونهما توأم هو “كثرة القتال” – لا يمانعان ذلك على الإطلاق.

تبعاً للدكتورة (وود)، فمن وجهة النظر النفسية لا توجد إجابة صحيحة على هذا السؤال، فذلك يعتمد على التوائم نفسهم، ولكن الجزء الأهم في تنشئة التوائم هو محاولة تجنب المقارنة المستمرة، فنحن كثيراً ما نسمع الأشخاص يقولون، “إنه الأخ التوأم الأكثر ذكاء”، أو “الأكثر هدوءاً”، وهذا يمكن أن يحد التوائم، ويفاقم المنافسة لديهم، في الوقت الذي يعيشون فيه أصلاً بحالة من المنافسة فيما بينهم للحصول على وقت الأم واهتمامها.

من جهة أخرى، فإن هناك أمثلة عديدة عن توائم استطاعوا أن يشبوا بشكل جيد على الرغم من وجود توأمهم بالقرب منهم، وخاصة في مرحلة التعليم الابتدائي، ولكن هذه الحاجة إلى العمل الجماعي يمكن أن تتغير بشكل جذري مع وصول التوائم إلى سنوات المراهقة.

تبعاً للدكتورة (وود)، فإن فترة المراهقة يمكن أن تكون صعبة للغاية، حيث سيكون عليهم إيجاد طريقة للانفصال عن توأمهم بالإضافة للانفصال عن أولياء أمورهم.

  • لا يمكن إدانة توائم متماثل بجريمة تعتمد على الحمض النووي – حقيقة (ولكن ليس لفترة طويلة)

هناك الكثير من القضايا حول العالم التي استطاع فيها التوائم تجنب الاتهامات الجنائية لأنه لا يمكن اعتماد الحمض النووي كدليل للتفريق بين التوائم لإثبات أن أحدهما هو الجاني.

في عام 2016، تمت تبرئة (باتريك هينيسي) من تهمة القيادة الخطرة وامتلاك سكين غير مرخص بعد أن ادعى بأنها تعود لشقيقه التوأم (جيمس).

وفي عام 2015، تم سجن توأم فرنسي لمدة عشرة أشهر، بعد أن أظهرت أدلة الحمض النووي تورط أحدهما في جرائم اغتصاب متسلسلة، دون أن تستطيع السلطات إثبات أي منهما هو الفاعل الحقيقي، ولم يتم إخلاء سبيل التوأم البريء سوى بعد أن اعترف شقيقه المجرم بفعلته.

ولكن هذه الحقيقة سرعان ما ستصبح أسطورة، وذلك بعد أن تم اكتشاف المزيد عن الطريقة التي تعمل بها الجينات.

وجد الباحثون أنه حتى وإن كانت عينات الحمض النووي تمتلك تسلسلاً متطابقاً، فإن هناك هياكل مرتبطة بذلك التسلسل يمكن اختبارها لمعرفة الفرق بين شخصين متطابقين، وهذه الطبقة الإضافية التي ساعدتنا في فهم الجينات تدعى علم التخلّق، وهذا يعني أنه وخلال وقت قريب، لن يعود التوائم الجناة قادرين على الاعتماد على توأمهم كوسيلة للدفاع.

 

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير