التصنيفات: الصحة الجيدة

هل يمكن لقاعدة الثواني الخمس أن تجعلك مريضاً

عندما تقوم بإسقاط قطعة من الطعام على الأرض، فهل من الصائب حقاً أن تعود وتتناولها إذا ما استطعت إلتقاطها في غضون خمس ثوان؟

تبعاً للأسطورة، فإن الأوساخ والجراثيم لن تحصل على الوقت الكافي لتلويث تلك القطعة من الطعام التي تم إسقاطها على الأرض، إذا ما كانت مدة ملامستها لها لا تتجاوز بضع ثواني فقط.

على الرغم من أن “قاعدة الثواني الخمس” قد لا تبدو وكأنها أكثر القضايا الغذائية إلحاحاً بالنسبة لعلماء الغذاء، إلّا أنه من المفيد أن يتم بذل القليل من الوقت للتحقيق في مثل هذه الخرافات الغذائية، وذلك لأنها تشكل معتقداتنا حول مدى صلاحية استهلاك الطعام.

إذا كنت تعتقد بأن وجود قطعة من الطعام على الأرض لمدة خمس ثوان هو ما يشكل الفاصل الزمني الأساسي بين جعل  تلك القطعة صالحة للأكل أو مسببة للتسمم، فإن الأمر أكثر تعقيداً من هذا قليلاً، فالأمر يعتمد على مقدار البكتيريا التي يمكن أن تجد طريقها من الأرض إلى الغذاء في بضع ثوان ومدى نظافة الأرض.

من أين أتت قاعدة الثواني الخمس؟

إن التساؤل حول مدى صلاحية الطعام للأكل بعد أن يكون قد سقط على الأرض (أو على أسطح أخرى) هو تساؤل شائع جداً، وقد تكون قصة (جوليا تشايلد) قد ساهمت في انتشار هذه الأسطورة الغذائية، حيث يصر بعض مشاهديها على أنهم رأوا (تشايلد) وهي توقع قطعة من لحم الضأن (أو الدجاج أو الديك الرومي، إعتماداً على نسخة الحكاية) على الأرض، ومن ثم تعود وتلتقطها، وهي تشير إلى قاعدة الثواني الخمس وبأنه إن كان الشخص وحيداً في المطبخ، فإن الضيوف لن يعرفوا ما حدث أبداً.

في الحقيقة فإن في ما أوقعته (تشايلد) كان عبارة عن فطيرة البطاطس، وقد سقطت على سطح الفرن وليس على الأرض، وما قامت به (تشايلد) هو إعادة وضع تلك القطعة التي أوقعتها مرة أخرى في المقلاة، قائلة “ولكن يمكنك دائماً أن تلتقطها، وإذا كنت وحيدا في المطبخ، فمن سيراك؟” ولكن القصة التي تم قصها بشكل خاطئ استمرت بالإنتشار.

من الصعب تحديد أصول قاعدة الثواني الخمس، ولكن تبعاً لدراسة تم إجراؤها في عام 2003، فإن 70% من النساء و 56% من الرجال من الذين شملهم الاستطلاع كانوا قد سمعوا بتلك القاعدة، كما تبين بأن النساء كن أكثر عرضة من الرجال لتناول الطعام الذي كان يتم إسقاطه على الأرض.

ولكن ما الذي يخبرنا به العلم عن اللحظات القليلة التي يلامس بها الغذاء الأرض ؟

كل ما يلزم هو خمس ثوان

تعود إحدى أوائل الأبحاث التي تم إجراؤها على قاعدة الثواني الخمس لـ(جيليان كلارك)، وهي طالبة في المدرسة الثانوية مشاركة في البحوث في جامعة إلينوي، حيث قامت (كلارك) وزملاؤها بوضع بكتيريا على بلاط الأرضيات ثم قامت بوضع الطعام على البلاط لفترات مختلفة من الزمن.

ومن خلال ذلك وجد الفريق، بأن البكتيريا انتقلت من البلاط إلى الحلويات والكعك في غضون خمس ثوان، ولكنهم لم يشيروا إلى مقدار البكتيريا التي انتقلت من البلاط إلى الطعام.

كم من البكتيريا ينتقل في غضون خمس ثوان؟

في عام 2007، نشرت مختبرات جامعة كليمسون دراسة في مجلة (Applied Microbiology)، تبحث في مدى تأثير مدة بقاء الطعام على السطح الملوث على معدل انتقال البكتيريا إلى المواد الغذائية.

ولمعرفة ذلك، قام الباحثون بوضع بكتيريا السلمونيلا على أسطح مختلفة تتنوع بين البلاط والسجاد أو الخشب، وبعد خمس دقائق قاموا بوضع قطع من اللحم أو الخبز على السطح لمدة خمس ثوان أو 30 ثانية أو 60 ثانية، ثم قاسوا كمية البكتيريا التي انتقلت إلى الطعام، ومن ثم كرروا هذه العملية مع بكتيريا كانت توجد على تلك الأسطح ولكن منذ مدة ساعتين، ومن ثم أربعة ساعات، وثمانية ساعات و24 ساعة.

من خلال ذلك، وجد الباحثون بأن كمية البكتيريا التي انتقلت إلى نوعي الطعام لم تختلف كثيراً باختلاف المدة الزمنية التي تم وضع الطعام فيها باتصال مع السطح الملوث، وذلك سواء أكانت هذه المدة تقتصر على بضع ثوان أو تمتد على مدى دقيقة كاملة، حيث أن المقدار الإجمالي للبكتيريا التي كانت توجد على السطح الملوث هو ما كان يؤثر أكثر، فقد تبين بأن ما يهم أكثر في هذا الموضوع لم يكن المدة الزمنية التي يبقى فيها الطعام على الأرض، بل مدى كثافة تواجد البكتيريا على رقعة الأرض التي تم إسقاط تلك القطعة عليها.

أظهرت الدراسة أيضاً كما بأن نوعية الأسطح يمكن أن تحدث فرقاً كذلك، فالسجاد، على سبيل المثال، يبدو بأنه مكان أفضل قليلاً لتسقط عليه طعامك من الخشب أو البلاط، حيث أنه عندما تم وضع بكتيريا السالمونيلا على السجاد، لم تلتقط قطع الطعام سوى سوى أقل من 1% من البكتيريا الموجودة، ولكن عندما تم وضع الطعام على البلاط أو الخشب، انتقل إليه حوالي 48% إلى 70% من البكتيريا.

هل من الممكن أن تتناول طعاماً كان قد سقط على الأرض؟

تبعاً لمعايير سلامة الأغذية، إذا كان سطح الطعام ملوثاً بخلية واحدة أو بأكثر من مليون خلية، فإن 0.1٪ يمكن أن يكون  كافياً لإصابتك بالمرض، ومن جهة ثانية، فإن بعض أنواع البكتيريا يمكن أن تكون خبيثة للغاية، فعلى سبيل المثال، يمكن لـ10 خلايا أو أقل من سلالة الإي كولاي الفتاكة أن تسبب المرض الشديد والموت لدى الأشخاص الذين يعانون من ضعف الجهاز المناعي، ولكن فرصة تواجد هذه البكتيريا على معظم الأسطح منخفضة جداً.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن تلوث الطعام بالبكتيريا لا يقتصر فقط على إسقاطه على الأرض، فالبكتيريا يمكن أن تنتقل عن طريق عدة وسائل، والتي يمكن أن تشمل المواد الغذائية الخام والأسطح الرطبة حيث تتراكم البكتيريا، أو حتى عن طريق أيدينا أو عن طريق السعال أو العطس.

أخيراً، في المرة القادمة التي تود فيها تناول طعام كان قد سقط على الأرض، فإن الاحتمال الأكبر هو أنك لن تصاب بالمرض جراء تناول تلك القطعة، ولكن هناك دائماً احتمال ضئيل بأن يكون هناك كائنات حية دقيقة يمكنها أن تجعلك مريضاً موجودة على تلك البقعة التي سقط عليها الطعام، لذلك فمن الأفضل أن تبقي يديك وأدواتك وجميع الأسطح من حولك نظيفة حتى تتجنب الإصابة بالمرض.

 

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير