التصنيفات: الصحة الجيدة

هل يمكن صناعة جبن نباتي حقيقي

يعتقد فريق من القراصنة الحيويين من أوكلاند في كاليفورنيا، أنهم يستطيعون صناعة جبن نباتي حقيقي، ويهدفون لصناعة جبن خالي تماماً من أي من المنتجات الحيوانية، مع كامل الخواص الغذائية الموجودة في الألبان الحقيقية، وقد استطاعت حملة التمويل الجماهرية لهذا الجبن النباتي (Indiegogo) جمع آلاف الدولارات، بحيث تخطت هدفها الأولي والذي هو جمع 15000$ حتى نهاية شهر آب.

بحسب التقرير الذي ورد في مجلة (East Bay Express)، فالطريقة التي سيتبعها الفريق لتصنيع هذا النوع من الجبن هي بإدخال حمض نووي بقري يتم تصنيعه كيميائياً -غير مأخوذ من مصدر حيواني – إلى خلايا حية من خميرة الخبز، مما يؤدي إلى تحول الخميرة مؤقتاً إلى مصنع بروتيني يقوم بإنتاج بروتينات الحليب، ثم يتم استخراج هذا البروتين من الخميرة ومزجه مع المياه والزيت النباتي والسكر النباتي (بديل اللاكتوز)، وذلك لتصنيع بديل الحليب، وبعد ذلك يمكن تحويل هذا الحليب النباتي إلى جبن نباتي حقيقي بذات الطريقة التي يتم فيها إنتاج الجبن الحيواني من حليب الأبقار العادي، والنتيجة النهائية ستكون جبن شبه صلب مثل جبنة Gouda، وسيكون نباتياً بالكامل وخالياً من اللاكتوز، إضافةً إلى أنه سيكون خالياً من الهرمونات والمضادات الحيوية.

يدعي مصنعو الجبن النباتي الحقيقي أن منتجاتهم قد تشكل حلاً للمخاوف التي تدور حول ندرة الغذاء في المستقبل، وذلك لأن الخميرة قابلة للتجديد، ويمكنها الدخول في عملية صناعة الجبن لعدد غير متناهي من المرات، كما أن هذا الجبن النباتي يفيد في الحد من الآثار الضارة لمزارع الألبان على البيئة، مثل انبعاثات غاز الميثان، والاحتباس الحراري، الناتجة عن الغازات المنبعثة من الأبقار والسماد المتحلل، ولكن هل من الممكن حقاً أن تعمل هذه الخميرة كما هو متوقع لها أن تعمل؟

للإجابة على هذا السؤال يشير الدكتور (ريكي) وهو مؤلف كتاب “المطبخ العلمي”، إلى أن أصحاب الحملة يقدمون بعض الوعود المشكوك بها علمياً، ذلك أن صناعة الجبن تعد من الأمور المعقدة على المستوى الجزيئي، وهي تتطلب أكثر مما يعرفه أصحاب حملة الجبنة النباتية بكثير، فمادة الحليب تعتبر أساساً يحتوي على بنية تدعى بالجزيئات الغروية (المذيلات)، والتي تقوم بتشكيل الإطار العام الذي يحمل وينقل الكالسيوم إلى العديد من الثديات، وهذا التركيب الجزيئي هو الأساس في تشكيل الخثر، الذي يمهد لصناعة الجبن، وهذه البنية الجزيئية لا تظهر ببساطة بمجرد خلط المكونات في السائل الذي يشبه الحليب، كما أن عدم استعمال اللاكتوز، يعني أن المكروبات التي تدعم تكوّن الجبن التقليدي ستكون مختلفة تماماً، مما يعني أنه سينتج أشياء أخرى غير الجبن.

ولكن عالمة الأحياء الاصطناعية والكاتبة (كريستينا اجاباكيس)، وهي زميلة أبحاث ما بعد الدكتوراه في جامعة كاليفورنيا، في لوس انجلوس، تعتقد أن فكرة الجبن النباتي يمكن أن تنجح، فبحسب تعبيرها يمكن أن تكون عملية أخذ البروتينات بكميات كبيرة من الخمائر صعبة بعض الشيء، ولكن الفكرة التي يطرحها المشروع معقولة وقابلة للتطبيق، ومن المتوقع أن يواجه هذا المشروع العقبات الاقتصادية والتقنية ذاتها التي يواجهها أي مشروع في مجال التكنولوجيا الحيوية، إضافةً إلى أن هذا المشروع قد يواجه تحديات فردية تتمثل بمواجهة ثقافة الألبان السائدة، وتضيف (اجاباكيس) أن صناعة الجبن الجيد لا يقتصر فقط على مسألة المواجهة ما بين المنتجات الحيوانية والمنتجات النباتية، بل يعتمد أيضاً على نوعية الحليب والطريقة التي تتم فيها صناعة الجبن، مثل نوع المكروبات التي تتم إضافتها، والطريقة التي يتم فيها تخزين الجبن.

هناك حالياً العديد من المنتجات الغذائية الشبيهة بالجبن النباتي في الأسواق، مثل التوفر، والذي يتم صنعه من تخثر حليب الصويا، ومن ثم تجفيفها وضغطها لتصبح عبارة عن كتل، كما يمكن أيضاً للتوفر أن يضغط ويترك ليتخمر لعدة سنوات لصناعة نكهات وقوامات متنوعة، تماماً مثل الجبن التقليدي.

أخيراً تجدر الإشارة إلى أن الوعي الحالي تجاه التأثيرات الضارة للمزارع الحيوانيةعامة ومزارع إنتاج الألبان خاصة، هو أمر جيد، ولكنه من المهم أيضاً تسليط الضوء على المجموعة الواسعة والمتنوعة من الخيارات النباتية المتوفرة لدينا حالياً.

المقالة الأصلية

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير
الوسوم: علوم