التصنيفات: الصحة الجيدة

هل يمكن أن يكون حمض الفوليك ساماً بالنسبة للمرأة الحامل

إذا كنتِ امرأة في سن الإنجاب، فلا بد وأن تكوني قد سمعتِ – وعلى الأرجح أكثر من مرة- عن أنكِ بحاجة لتناول مكملات حمض الفوليك، وغالباً ما تكون هذه المعلومات محقة، فحمض الفوليك وفيتامين ب 9 يعتبران من المكملات الضرورية لتعزيز نمو الخلايا، وهو أمر بالغ الأهمية لتفادي حدوث أي عيوب خلقية مثل انعدام تكون الدماغ والسنسنة المشقوقة، والتي يمكن أن تكون قاتلة بالنسبة للجنين.

الأمر لا يقتصر على أن النساء يجب عليهن تناول حمض الفوليك، بل إن الأطباء يتفقون أيضاً على أن النساء لا يحصلن على ما يكفي من هذه المادة في الأساس، ففي دراسة تم نشرها في آذار الماضي في مجلة الجمعية الطبية الأميركية تحت عنوان “الحاجة لتناول كميات كبيرة من حمض الفوليك”، استنتجت الدراسة التي قامت بقياس معدل ظهور عيوب الأنبوب العصبي (NTD) مثل السنسنة المشقوقة وانعدام الدماغ لدى فئة معينة من السكان، بأن السبب وراء عدم انخفاض أمراض الـ(NTD) في السنوات الخمس عشرة الماضية، هو أن النساء في الولايات المتحدة لا يمتلكن ما يكفي من احتياطيات حمض الفوليك في أجسامهن، وفي سبيل منع ظهور أمراض الـ(NTD)، بدأت وزارة الزراعة في الولايات المتحدة بتعزيز البقوليات بحمض الفوليك الاصطناعي في عام 1998، ومنذ ذلك الحين لوحظ حدوث انخفاض وجيز في أمراض الـ(NTD)، وخاصة في الفترة الممتدة بين عامي 1999-2000، ولكن دراسة أخرى تم نشرها في مجلة (JAMA)، أشارت إلى أن معدلات الإصابة بتلك الأمراض بقيت مستقرة منذ ذلك الحين.

ما لا يعلمه الكثيرون وما فشلت الدراسة التي تم نشرها في مجلة (JAMA) عن ذكره، هو أن جزء كبير من الأشخاص لا يمتلكون القدرة على معالجة حمض الفوليك على الإطلاق، فعلى الرغم من عدم وجود دلائل دامغة، إلّا أن هناك بعض التقارير التي تذكر بأن أن ما يتراوح بين 10% إلى 15% من القوقازيين وأكثر من 25% ممن هم من أصل لاتيني، لا تستطيع أجسامهم القيام بعمليات الاستقلاب لحمض الفوليك، وهذه الحالة تدعى باختزال الميثيلين تتراهيدروفولات، أو ما يدعى بـ (MTHFR)، ويشير هذا العيب إلى جين (MTHFR)، الذي يقوم بإنتاج الإنزيم المسؤول عن تحويل حمض الفوليك الاصطناعي (وهو ما يوجد في الفيتامينات التي يتم وصفها للنساء عادة قبل الولادة وفي البقول المعززة) إلى ميثيل حمض الفوليك (وهو المغذي الاستقلابي الذي يحمي ضد أمراض الـ NTD).

تشير (ديان كيدي)، وهي أخصائية تغذية متخصصة في دراسة الـ(MTHFR) والعيوب الوراثية الأخرى، بأن (MTHFR) هو مرض ناتج عن وجود خلل غير معروف ولكنه منتشر بشكل لا يصدق، كما أضافت أنها تعتقد بأن المجال الطبي ما يزال في بداية فهمه للـ(MTHFR)، حيث أن هناك الكثير من الأطباء لا يعرفون عنه شيئاً حتى الآن، ولذلك يمكن أن يتم تشبيهه بمرض السيلياك قبل 10 أعوام.

وفقاً لـ(كيدي) فإن هناك مجموعة فرعية ضخمة من السكان المصابين بنوع من عيوب الـ(MTHFR)، ولكن هناك أشكال مختلفة لعيوب هذا الجين، وحتى الآن هناك شكلين أساسيين من الأشكال المتعددة لخلل  الـ(MTHFR) تمت دراستهما بشكل جيد، وهما (C677) و(A1298)، وعلى الرغم من أن هناك العديد من الأشخاص الذين يعانون من عيوب في جين (MTHFR)، إلّا أن أعراض العيوب لا تظهر لديهم جميعاً، ولكن بالنسبة للأشخاص الذين تظهر عليهم أعراض حادة، مثل فقدان الحمل المتكرر والغير مبرر، وتجلط الدم، أو المعاناة من أمراض القلب في وقت مبكر وغير مبرر، فهم على الأغلب يمتلكون جينات متماثلة لأحد أو كلا الطفرات، كما تشمل الأعراض الأخرى على حدوث الصداع النصفي، والقلق، والاكتئاب، وزيادة خطر العيوب الخلقية، وحتى السكتات الدماغية وأنواع معينة من السرطان، وعادة كلما زادت العيوب، كلما زادت شدة الأعراض، والجدير بالذكر أنه من الممكن أن يتم التعرف على وجود مثل هذه العيوب عن طريق إجراء فحص للدم أو اختبار بسيط للعاب.

بحسب (كيدي) فإن عيوب الـ(MTHFR) تكون أكثر انتشاراً بين النساء، وتقترح (كيدي) نظريتين يمكن أن تفسرا السبب الذي يجعل ظهور عيوب الـ(MTHFR) لدى النساء أكبر من الرجال، تشير الأولى إلى أن السبب يعود لكون الرجال أقل عرضة لزيارة الطبيب من النساء، أما النظرية الأخرى تشير بأن النساء يتم دفعهن لتناول المزيد من حمض الفوليك أثناء الحمل، وتناول المرأة التي تعاني بالأصل من خلل في الـ(MTHFR) حمض الفوليك الاصطناعي الذي لا تستطيع استقلابه، يؤدي إلى تراكم حامض الفوليك في أجسامهن، وهذا يمكن أن يؤدي إلى نمو خلايا سرطانية، وتفاقم الأعراض المرتبطة بعيوب الـ(MTHFR) مثل الصداع النصفي وتشكل الجلطات الدموية، وبذلك يمكن القول بأن حمض الفوليك يصبح حرفياً كالسم بالنسبة لبعض النساء.

عادة ما يتم ربط الـ(MTHFR) باضطرابات التخثر، ووفقاً لـ(كيدي)، فإن حمض الفوليك يعتبر عاملاً أساسياً في تحويل الميثيونين إلى هوموسيستين، لذلك فعندما يكون مخزون الفولات منخفضاً في الجسم، يمكن لمستويات الهوموسيستين أن تصبح مرتفعة، مما يؤدي إلى تجلط الدم أو حتى حدوث النوبات القلبية والسكتات الدماغية، وتضيف (كيدي) بأن هناك الكثير من الحالات التي يعاني فيها الشباب من أمراض قلبية غير مبررة، ولكن إذا ما تم إجراء اختبار دم لهؤلاء الأشخاص فمن المرجح أن تكون نتيجة الاختبار إيجابية لطفرة (MTHFR).

توصي (ديان كيدي) مرضاها المصابين باضطراب الـ(MTHFR) بإتباع نهج متمثل بتجنب تناول حمض الفوليك، وهذا يعني تناول الأطعمة الخالية تماماً من الغلوتين، لأن حمض الفوليك الاصطناعي يوجد تقريباً في جميع منتجات الخبز والحبوب، كما توصي (كيدي) بتناول الأكل النظيف وتجنب التعرض للمواد الكيميائية.

ولكن بالنسبة لمكملات الأطعمة التي تحتوي على حمض الفوليك فإن (كيدي) ليست متأكدة تماماً منها، لكنها تعتقد بأنه يجب وقف تناول هذه المنتجات حتى يثبت أمانها بالنسبة للنساء المصابات بالـ(MTHFR)، كما أنها تحذر النساء اللواتي يتناولن مكملات حامض الفوليك بأنه يجب عليهن الخضوع لاختبار دم، إذا كن يمتلكن لتاريخ عائلي من العقم، وأمراض القلب، والسكتات الدماغية، والإجهاض، وعيوب الولادة، وتضيف بأن الجميع سيستفيد من معرفة وضع الـ(MTHFR) لديه.

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير