أخبار العلوم

هل يقلل التدخين يقلل من مقاومتك لفيروس كورونا.

في الواقع تشير الأبحاث الأولية إلي أن  المدخنين هم بالفعل أكثر عرضة لعدوى COVID-19 الشديدة ، والسبب ببساطة يرجع إلي أن رئاتهم تحتوي على وفرة من نقاط الدخول التي يمكن للفيروس استغلالها للولوج إلي خلايا الجهاز التنفسي ، لكن تلك الفرضية التي أثارتها دراسة ، تم نشرها في 31 مارس الماضي  في قاعدة بيانات bioRxiv ، ولم تتم بعد مراجعتها من قبل الأقران ، يأتي هذا في الوقت الذي قلل فيه بعض بعض الباحثين من أهمية نتائج تلك الدراسة، فهل فعلا التدخين يترك الجسم مستباحا امام غزو الكورونا.

كيف يضرب الفيروس الجهاز التنفسي.

من المعروف أن عدوى COVID-19 تبدأ عندما يرتبط فيروس كورونا  بنوع من البروتين الموجود علي سطح خلايا الجسم بما في ذلك في الجهاز التنفسي العلوي والسفلي يعرف بمستقبلات ACE2 ، .  وبعد إتمام عملية الاتصال هذه، يحقن الفيروس   الوراثية في الخلايا ويسخرها في إنتاج ملايين النسخ منه لتستمر عملية انتشاره في الجسم ، من هنا تظهر أهمية الأبحاث الأولية التي تشير إلي احتواء  رئات المدخنين على أعدادًا غير طبيعية من مستقبلات ACE2 مما  يجعل تلك الرئات أكثر عرضة للتلف الذي يسببه فيروس كورونا. وبحسب تصريح  جايسون سيلتزر ، الباحث المشارك في مختبر كولد سبرينج هاربور في نيويورك ، لـ Live Science :

“المدخنين الذين يصابون ب COVID-19 يتعرضون لخطورة أكبر  من الأفراد غير المدخنين، ولعل  زيادة مستقبلات ACE2 قد تكون أحد أكثر الأسباب احتمال لتفسير زيادة معاناة المدخنين في مواجهة فيروس كورونا”.

لماذا لا يتفق الجميع مع نتائج الدراسة. 

تقول الدكتورة ستيفاني كريستنسون ، الأستاذة المساعدة في قسم أمراض الرئة ، والرعاية الحرجة ، والحساسية ، وطب النوم ، في جامعة كاليفورنيا ، سان فرانسيسكو ، والتي  لم تشارك في الدراسة.

” الفرضية التي تخلص إليها الدراسة لا تزال  “متضاربة إلى حد ما”.

وأضافت كريستنسون في  تصريح لـ Live Science : ” الدراسة لم تربط الزيادة أو النقص في مستقبلات  ACE2 بالتوقعات الإجمالية لحالة المرضي  – لا أعتقد أننا نعلم ذلك بالفعل بعد”.

لكن شيلتر ما زال يؤكد على اهمية الدراسة بقوله

” يعتبر التدخين مسؤولا عن العديد من الإختلالات في الجسم وربما يكون تأثيره  على مستويات ACE2 هو العامل الأكثر أهمية في وقتنا الحالي “.

ربما يأتي الدليل من الصين.

تشير الدلائل المتزايدة إلى أن المدخنين يتعرضون بدرجة أكبر للإصابة بمضاعفات شديدة وربما الوفاة بسبب عدوى COVID-19،مقارنةً بغير المدخنين

فلدينا دراسة أجريت على أكثر من 1000 مريض في الصين ونشرت  مجلة New England Journal of Medicine  تؤكد أن المدخنين الذين يعانون من COVID-19 كانوا أكثر عرضة للتدخلات الطبية المكثفة حيث أدخل  12.3٪ منهم  إلي وحدة العناية المركزة ، وتم وضعهم على جهاز التنفس الصناعي أو ماتوا ، مقارنة بـ 4.7٪ فقط من غير المدخنين.

وفي تصريح لLive Science  يؤكد الدكتور  جابر القحطاني ، الباحث في طب الجهاز التنفسي في جامعة كوليدج لندن ، علي اهمية إالأبحاث المستقبلية حول العلاقة بين  كمية المستقبلات وشدة المرض، فبحسب تصريح الدكتور القحطاني

إن المدخنين قد يكونون معرضين بشكل خاص لـ COVID-19 لعدة أسباب ، لكن فرضية مستقبلات ACE2 “توفر رابطًا ميكانيكيًا كليًا” بين التدخين و العدوى الشديدة.

وأضاف أنه في حالة ثبوت نتائج هذه الدراسة فإنه سيكون بمقدورنا حينها استخدام الأدوية التي تمنع أو تقلل حساسية مستقبلات ACE2  كعلاجات ناجعة  لـ COVID-19.

عودة لدراسة شيلترز

في بداية الدراسة قام شيلترز بفحص عينات الرئة والأنسجة التنفسية من الفئران والجرذان والبشر المتوفين ، وكذلك العينات التي تم جمعها أثناء جراحات الرئة البشرية. و استعان بمهندس البرمجيات جون سميث من اجل رسم مخطط للعلاقة  التي ظهر من خلالها ان عدد مستقبلات ACE2 في الرئتين لا يرتبط بالعمر أو الجنس في  القوارض والبشر  من مختلف الأعمار و الأجناس  المختلفة، لكن ماذا يحدث لو تعرضت الفئران لدخان السجائر، وكيف يكون الحال عند فحص رئات مدمني التدخين من البشر.

من هنا قام الفريق بتفتيش عينات الأنسجة من الفئران التي تعرضت لدخان السجائر المخفف  لفترات تتراوح مابين ساعتين غلي أربع ساعات في اليوم على مدار خمسة أشهر. ووجدوا أنه كلما زاد تعرض الفئران  للدخان ، زاد عدد مستقبلات ACE2 في رئاتها مقارنةً مع الفئران التي لم تتعرض لدخان السجائر ، ففي حالة الفئران التي تعرضت للجرعة الأعلي من التدخين زاد عدد مستقبلات ACE2 في رئتيها بنسبة حوالي 80 ٪ ، وعندما قارن الباحثون رئات  المدخنين من البشر مع أولئك الذين لم يدخِّنوا أبدًا ،وجدوا أن رئات  المدخنين تحتوي على مستقبلات ACE2 بنسبة 40٪ إلى 50٪ أكثر من تلك التي لغير المدخنين.

التدخين يؤدي لتفاقم عدوي COVID-19.

يقول  الباحثون أن التدخين مرتبط بالعديد من المتلازمات  – العديد من الحالات الطبية التي تظهر في وقت واحد – بما في ذلك انتفاخ الرئة و الوظيفة المناعية الضعيفة ، والتي من المحتمل أن تؤدي إلى تفاقم عدوى COVID-19. فلطالما  واجه المدخنون بالفعل خطرًا متزايدًا للإصابة بالعدوى الفيروسية ، ويرجع ذلك على الأرجح إلى ضعف جهاز المناعة لديهم وتلف الأنسجة والالتهاب المزمن في الجهاز التنفسي.

ولكي يؤكد  الباحثون   فرضيتهم قاموا بتحليل عينات الأنسجة من مرضى الربو ومرض الالتهاب الساركويد ،ولما وجدوا أنها لا تحتوي  على كميات غير طبيعية من المستقبلات، إذن يبدو الأمر جليا الآن، فقط المدخنون  هم من تحتوي خلايا رئاتهم على  مستويات مرتفعة من ACE2  دونا عن الأشخاص الذين  يعانون من أمراض الرئة، .

في النهاية نعود إلي تأكيدات الدكتور  القحطاني علي ضرورة تركيز الأبحاث المستقبلية على المرضى الذين يعانون من مرض الانسداد الرئوي المزمن ( COPD ) ، والتهاب الشعب الهوائية ، والالتهاب الرئوي أو أمراض الرئة الناجمة عن الالتهابات البكتيرية أو الفيروسية أو الفطرية.وللتعرف علي مدي زيادة  مستقبلات ACE2 في خلاياهم، فربما يساعد ذلك في توضيح ما إذا كان دخان السجائر يشكل تهديدًا فرديًا لمرضى COVID-19 ، أم أن أمراض الرئة الأخرى تنطوي على نفس درجة الخطورة .

المصدر

https://www.livescience.com/coronavirus-covid-19-risk-and-smoking.html?fbclid=IwAR3nQZeD3d7AriuwFmpYKJhRmi8W5aH0yE7q5jxVapD9JRgIEcEQx57VxQk

 

 

شارك
نشر المقال:
زكريا أحمد عبد المطلب