التصنيفات: الصحة الجيدة

هل يحمل زيت السمك ذات فوائد الأسماك الحقيقية

مؤخراً أصبحنا نسمع الكثير من الأشخاص الذين يقولون بأن تناول الكثير من السمك يمكن أن يكون أمراً جيداً بالنسبة للصحة، ولكن هل هذا الأمر صحيح بالفعل، للإجابة عن هذا التساؤل لا بد من أن نقرأ البحث الذي تم نشره في الدورية الأمريكية للطب، والذي يدرس العلاقة بين استهلاك السمك ومتلازمة الشريان التاجي الحادة، وقد اتبعت هذه الدراسة أسلوب “التحليل التلوي”، وهو الأسلوب الذي يقوم بإلقاء نظرة عامة على جميع الدراسات السابقة التي بحثت في موضوع ما، وإعطاء ملخص لنتائجها، بهدف معرفة ما الذي وجدته الدراسات السابقة حول هذا الموضوع.

اختار الكتّاب إجراء هذه الدراسة بسبب الجدل الذي يدور حول تناول الأسماك ومدى ارتباط لحوم الأسماك بالوقاية من النوبات القلبية قبل حدوثها أو في منع النوبات القلبية التي يمكن أن تحدث في المستقبل بعد أن يكون الشخص قد أصيب بالفعل بنوبة قلبية سابقة.

استناداً إلى المقالة التي نشرها الدكتور (ينكو) وزملاؤه، فإن هناك علاقة عكسية بين استهلاك الأسماك وخطر الإصابة بمتلازمة الشريان التاجي الحادة، حيث يبدو أن تناول الأسماك يساعد على توفير الوقاية الأولية من الإصابة بأمراض القلب، كما ويرتبط الاستهلاك الكبير للأسماك بتوفير قدر أكبر من الحماية للقلب، وقد استخلص الدكتور (ينكو) هذه النتائج من خلال البحث في دراسات يعود تاريخها لما بين عامي 1966 و2013، وقد ضمت الدراسات التي تمت مراجعتها حوالي 408,305 مشاركاً، وبناء على ما أظهرته هذه الدراسات، تبيّن أن الفئة الأعلى استهلاكاً للأسماك والذين كانوا يتناولون أربع وجبات من السمك في الأسبوع أو أكثر، كانوا أكثر مقاومةً لخطر الإصابة بمتلازمة الشريان التاجي الحادة.

إضافة إلى ما سبق، فقد بيّنت الدراسة أن العمر أو الجنس لا يؤثران على العلاقة بين تناول الأسماك ومتلازمة الشريان التاجي الحادة، كما يبدو أن كل 100 غرام من السمك يتم إضافتها إلى النظام الغذائي للشخص أسبوعياً ترتبط مع تخفيض خطر الإصابة بمتلازمة الشريان التاجي الحادة بنسبة 5٪.

من بين جميع الدراسات التي قام الفريق بالاطلاع عليها، كان هناك دراسة بارزة سميت بالـ (DART) (علاقة النظام الغذائي بالإصابة بالاحتشاء القلبي)، حيث أظهرت دراسة الـ (DART) أن استهلاك الأسماك يقي من الإصابة اللاحقة باحتشاء العضلة القلبية (النوبات القلبية) لدى الأشخاص الذين يملكون تاريخ مرضي بالإصابة بالنوبات القلبية، وإن الكمية المنصوح بها هي وجبتين أو أكثر من السمك أسبوعياً، وبجمع النتيجتين سوياً يتبين أن استهلاك السمك بمعدل كبير يقي من الإصابة الأولية بمتلازمة الشريان التاجي الحادة، كما أنه يقي من الإصابة اللاحقة بالنوبات القلبية لدى الأشخاص الذين لديهم تاريخ مرضي مع النوبات القلبية.

كيف يمكن لهذه المعلومات أن تؤثر على حياتنا؟

على الرغم من أن هذه الدراسة التي قام بها الباحثون أثبتت بأن تناول الأسماك أمر جيد لصحة القلب، ولكن هناك سؤال آخر يتبادر للأذهان، وهو ما إذا كانت مكملات زيت السمك يمكن أن تحمل ذات الفوائد، وتجيب الدراسة الجديدة على هذا التساؤل عن طريق مراجعة بعض الدراسات السابقة التي تشير إلى أن زيت السمك الذي يحصل عليه الشخص من المكملات الغذائية لا يستفيد منه الجسم بذات الطريقة التي يستفيد فيها من الأسماك التي يتم تناولها بشكل أطعمة، كما وأظهرت إحدى الدراسات التي امتدت على مدى ستة أسابيع، أن مادتي الـ (EPA) والـ (DHA) اللتان توجدان في كبسولات زيت السمك لا تستطيعان الاندماج بفعالية مع جزيئات الدهون البلازمية التي توجد في الدم، وكذلك بينّت دراسة أخرى أن مادة الـ (EPA) ازدادت بسرعة أكبر في خلايا الدم الحمراء عند تناول الأسماك ضمن الوجبات الغذائية.

إذا، هل أصبح زيت السمك شيئاً من الماضي؟

حالياً نحن بحاجة للقيام بالمزيد من الدراسات للحصول على المزيد من الإجابات القاطعة، ولكن يمكن القول بطريقة مبدئية بأنه يفضل الحصول على الفيتامينات والمواد المغذية والمكونات النشطة التي تساعد في علاج الالتهابات عن طريق الغذاء الحقيقي بدلاً من المكملات الغذائية، وهذا لأن الجسم البشري مبرمج بشكل عام ليكون قادراً على امتصاص المواد المغذية بكفاءة أكبر عندما تأتيه بشكل أطعمة حقيقية.

هل لا يزال زيت السمك أمراً موافقاً عليه؟

لا يزال تناول زيت السمك أفضل من عدم تناول أي شيء على الإطلاق، حيث لا تزال الدراسات تظهر حدوث امتصاص لمادتي (EPA) و (DHA) من قبل خلايا الجسم عند تناول مكملات زيت السمك، ولكن فائدة هذه المكملات لا يمكن مقارنتها بالفائدة الكبيرة التي تنجم عن تناول السمك بشكل غذاء حقيقي.

أخيراً، وعلى الرغم من أن هذه الدراسة أوضحت أن تناول السمك عدة مرات في الأسبوع هي فكرة جيدة للمحافظة على صحة القلب، ولكن لا بد من الانتباه إلى أن هناك أسماك نظيفة وأخرى ليست بتلك الجودة، لذلك يوصى في المقام الأول بتناول الأسماك البرية والاستغناء عن أسماك المزارع، وذلك لضمان استهلاك الغذاء النظيف بأكبر قدر ممكن، أما بالنسبة لموضوع نسبة الزئبق التي يحتويها السمك، فمن الأفضل تناول الأسماك الصغيرة والابتعاد عن تناول الأسماك المفترسة ذات الأحجام الكبيرة، حيث أن مستويات الزئبق المتراكمة في أي نوع من الأسماك تكون أقل إذا ما كان حجم السمكة صغيراً.

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير