التصنيفات: الصحة الجيدة

هل تفضل الموت على تناول حبة من الدواء يومياً؟

هناك العديد من التشخيصات المرضية التي يمكن أن تنطبق على الأشخاص الذين لا يستطيعون أو لا يريدون تناول حبوب الدواء، فقد يكون هؤلاء الأشخاص من الذين يعانون من عسر البلع، أو من الذين يعانون من رهاب القيء، أو رهاب الأدوية (الخوف من أخذ أي دواء على الإطلاق)، ولكن في المقابل هناك بعض الأشخاص الذين لا يعانون من أية أعراض إلّا أنهم مع ذلك يكرهون تناول أي حبة دواء، يكرهونها لدرجة أنه عندما  قامت دراسة حديثة بسؤال بعض الأشخاص إن كانوا يفضلون التعرض لخطر الموت الفوري أو ابتلاع حبة دواء يومياً لبقية حياتهم، كانت إجابة أكثر من ثلثهم هي الموت الفوري.

في دراسة تم نشرها مؤخراً في مجلة جمعية القلب الأمريكية، قام باحثون من جامعة نورث كارولينا وجامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو، بإجراء استبيان تضمن 1,000 شخص، جرى فيه سؤالهم عمّا هم مستعدين لبذله لتجنب أخذ حبة دواء واحدة يومياً – لا تحتوي على أي آثار جانبية وبدون تكلفة – لحماية صحة القلب، وأظهرت النتائج أن أكثر من 20% منهم كانوا على استعداد لدفع مبلغ يصل إلى 1000 دولار أو أكثر، و كان حوالي 3% منهم مستعدين لدفع ما يصل إلى 25,000 دولار، في حين أشار حوالي 38% من المشاركين بالاستطلاع بأنهم على استعداد لمواجهة تحدي خطر الموت الفوري، وحوالي 29% من الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع قالوا بأنهم على استعداد لتقبل مخاطر الموت المحدودة (أقل من 1٪) مقابل عدم أخذ حبة الدواء، بينما قال 9٪ منهم أن لديهم استعداد لقبول خطر الموت الفوري حتى ولو كانت نسبته تصل إلى واحدة بالعشرة، ولكن عندما تم تغيير السؤال من خطر الموت إلى الموت المحتم أشار نحو 30% من المشاركين بأنهم على استعداد لانقاص أسبوع على الأقل من حياتهم مقابل عدم أخذ حبة الدواء، و 8% منهم كانوا على استعداد لانقاص سنتين كاملتين من حياتهم فقط مقابل عدم تناول الحبوب.

لا يزال الباحثون غير متأكدين من السبب الذي جعل المشاركين في الاستطلاع ينفرون من فكرة أخذ حبوب الدواء كل يوم، ولكنهم يمتلكون بعض التخمينات، حيث يشير (روبرت هاتشينز)، وهو طبيب في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو والمؤلف الرئيسي للدراسة، بأنه بغض النظر عن الصراع البسيط الذي قد يواجه هؤلاء الأشخاص في تذكر مثل هذا العمل الروتيني اليومي، فإنه يعتقد بأن جزءاً من سبب معارضتهم لأداء هذه العملية يرجع إلى “الوصمة” التي قد تصبح مرافقة لهم بأنهم مرضى أو يحتاجون إلى المعالجة.

قد يكون السبب الذي جعل الأشخاص في الاستطلاع يرفضون تناول الحبوب هو أن الدراسة كانت قد تناولت بشكل محدد حبوب الدواء الوقائية وليس العلاجية، لذلك فربما لا يستطيع الأشخاص تمييز الفائدة من الحبوب الوقائية، ويبين (هاتشينز) أن المشكلة التي تكمن في العديد من الحبوب التي يأخذها الأشخاص في حياتهم هو أنها لا تجعلهم يشعرون بأنهم يصبحون أفضل، فمثلاً معظم الأدوية مثل الأسبرين والستاتين تمنع المرض بشكل وقائي، وطالما يتم منع حدوث هذه النتائج فإن الشخص لن يعرف أبداً مدى سوء البديل عن عدم تناول الحبوب، أما إذا كان شخص ما يأخذ حبوباً لآلام الظهر، فإنه سيحس بالتحسن جراء تناول هذه الحبوب ولن يمانع بأخذها مستقبلاً، وذلك لأن البديل هو الألم، وهو الناتج الأسوأ.

أظهرت دراسة سابقة تم إجراؤها في عام 2012 ونشرت في دورية حوليات الطب الباطني، أن فشل المرضى في “إتباع الوصفات الطبية”، سواء أكان ذلك نتيجة لعدم تناول الدواء بالشكل الصحيح أو نتيجة لعدم تناوله على الإطلاق، يتسبب في حدوث حوالي 125,000 حالة وفاة، ويتسبب أيضاً في دخول أكثر من 10% من المرضى إلى المستشفيات كل عام، إضافةً إلى أنه يكلف الولايات المتحدة مبلغاً يتراوح ما بين 100 مليار إلى 289 مليار دولار سنوياً.

بحسب (هاتشينز) فإن حوالي ثلاثة أرباع الأشخاص المشاركين في دراسته والذين كانوا قد اتبعوا بالفعل وصفات طبية تحتم عليهم تناول الحبوب بشكل يومي، كانوا من أشد المعارضين لأخذ الحبة الافتراضية التي وصفها الاستبيان، وربما يكون ذلك راجعاً لكون هؤلاء الأشخاص يعلمون تماماً مدى الصعوبة التي يتضمنها تناول الحبوب بشكل يومي، وكم يمكن لهذا العمل أن يكون متعباً.

أضاف (هاتشينز)، بأنه وزملائه يقومون بإجراء دراسة تكميلية، لدراسة الصفات الفيزيائية للحبوب –الطعم والحجم والملمس – التي يمكن أن تشكل الفرق في موقف الشخص تجاه تناولها، ولكنهم يعتقدون في الوقت ذاته بأن معظم المقاومة التي يبديها الأشخاص تجاه تناول الحبوب اليومية لا ترجع لخصائص الحبوب، وإنما لفعل تناول الحبوب بحد ذاته، فحتى لو لم يكن للحبوب أي آثار جابية محتملة، يظل بعض الأفراد متمسكين بعدم رغبتهم لتناولها.

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير