الصحة الجيدة

هل تساعد النظم الغذائية النباتية على العيش لفترةٍ أطول؟

توصّل باحثٌ في جامعة هارفارد إلى استنتاجٍ مفاده: أن النظم الغذائية النباتية قد تساعدك على العيش لفترةٍ أطول، فيما أفرزت دراسةٌ رئيسيةٌ أجريت عام 2015 نتيجةً مختلفةً تمامًا مفادها: أن النظم الغذائية المستندة إلى النباتات صحيةٌ بالتأكيد، ولكنها -على الأغلب- لا تساعدك على العيش لفترةٍ أطول.

ما قصة هذا التناقض إذًا؟

بدايةً، علينا أن نعرف أن النظرية الأخيرة لا تستند إلى دراسةٍ جديدة، ولكن إلى محاضرةٍ ألقاها أستاذٌ مختصٌ في علم الأوبئة والتغذية في قسم تشان للصحة العامة بجامعة هارفارد، اسمه والتر ويليت، خلال مؤتمر الفاتيكان الدولي الرابع للعلاج، الذي عقد في مدينة الفاتيكان مؤخرًا، وإليكم ما قاله -مع الشكر لصحيفة تيليغراف:

“لقد قمنا للتو بإجراء بعض الحسابات، للبحث في إمكانية تخفيض معدل الوفيات، بالاعتماد على نظامٍ غذائيٍ صحيٍ يركز أكثر على النباتات -دون أن يكون بالضرورة نباتيًا خالصًا، حيث أشارت تقديراتنا أنه بإمكاننا خفض نحو ثلث عدد الوفيات المبكرة.. لا نتحدث فقط عن النشاط البدني أو عدم التدخين، ولا عن وفيات السرطان فقط، بل عن جميع حالات الوفاة، وقد تكون تقديراتنا أقل من الواقع، بما أننا لم نأخذ بالحسبان حقيقة أن السمنة أمرٌ هامٌ وأننا نتحكم فيه.. عندما ننظر مليًا في الأمر، نرى أن اتباع نظامٍ غذائيٍّ صحيٍّ كفيلٌ  بدرء جميع الأخطار تقريبًا”.

تجدر الإشارة إلى أن كلمات ويليت لم تستخدم -في الواقع- تعبير “نظم غذائية نباتية”، بل أشارت إلى “نظمٍ غذائيةٍ صحيةٍ تركز أكثر على النباتات”.

إقرأ أيضا في نقطة 

المكملات الغذائية بين الحقيقة والخداع

20 نوع من الأطعمة والمشروبات لتنظيف الشرايين بشكل طبيعي

يصرح ويليت ل IFLScience: “لم أشر إلى النباتيين بعينهم لعدة أسباب، في مقدمتها أن مشكلة الاستبدال أمرٌ بالغ الأهمية، فإذا استبدلنا اللحم الأحمر بالصودا والنشاء المكرر والسكر، فلن يعود ذلك بالنفع علينا، بل ربما يعود بالضرر، أما إذا استبدلناه بمزيجٍ من المكسرات والفاصولياء وأطعمة الصويا والحبوب الكاملة، فسوف نضمن تقليل مخاطر أمراض القلب والسكري وتخفيض معدل الوفيات الكلي”.

وشدد ويليت على أن حديثه ليس عن مجرد أن يكون الشخص نباتيًّا أم لا، ولكن عن تخفيض المخاطر المرتبط بالانتقال نحو نظامٍ غذائيٍّ أكثر نباتيةً، مع إحلال الأغذية الصحية بدلًا من الأغذية الحيوانية.وعندما سُئل عن الحسابات المشار إليها في المؤتمر، أشار إلى عدة دراساتٍ سابقةٍ شارك فيها، مضيفًا أن هناك مؤلفاتٍ كثيرةٍ جدًا تدعم النتائج المذكورة.

ماذا عن دراسة عام 2015 إذًا؟

حسنًا، بالنظر إلى بيانات دراستين سابقتين شملتا أكثر من 60 ألف شخص، ومقارنة عدد حالات الوفاة المسجلة لأشخاصٍ يتّبعون نظمًا غذائيةً متباينة، لم يجدوا أي اختلافٍ واضحٍ في معدلات الوفيات.

وتتفق دراساتٌ أخرى أو لا تتفق مع هذا الاستنتاج، وغالبًا ما تشير إلى أن عدة عوامل متداخلة أثّرت على البيانات -على الأرجح، وفي الواقع، أوضح ويليت أن الدراسات الخاصة بالنباتيين عمومًا، لا تأخذ قضايا استبدال مجموعة الأغذية المذكورة أعلاه بعين الاعتبار.

في الوقت الحالي، لا يبدو أن هناك إجماعًا واضحًا على أن النظام الغذائي النباتي سيساعدك على العيش لمدة أطول، حتى وإن رددت الأبحاث مرارًا أنه أفضل للصحة –عمومًا- من أكل اللحوم، وبالتأكيد، فإن الاستهلاك المفرط للحوم، كالاستهلاك المفرط لأي شيء، أمرٌ ضارٌ بالنسبة لك، فالنظم الغذائية يجب أن تكون متوازنةً غذائيًا ومستندةً إلى معرفةٍ جيدة، وعليك التركيز على كلا هذين الشرطين وليس أحدهما، وينطبق الشيء نفسه –بالطبع- على النظم الغذائية النباتية، فليس من الحكمة التعميم.

وبدورها، تقدّم الخدمة الصحية الوطنية البريطانية (NHS)، بعض المبررات الممتازة لأولئك الذين يرغبون في تجربة نظمٍ غذائيةٍ نباتيةٍ بالكامل، وكما هو الحال مع متّبعي جميع النظم الغذائية، فإنها تقدم لهم أيضًا ملاحظاتٍ للحذر، وعلى سبيل المثال، فإنها تشرح أن المصادر النباتية لأحماض أوميغا 3 الدهنية، قد لا تكون مفيدةً لنظامك القلبي الوعائي بنفس القدر الذي تمنحه الأسماك الزيتية.

إنهم يركزون بشكلٍ خاصٍ على أهمية الوصول إلى “نظامٍ غذائيٍ صحيٍّ ومتوازن”، وكما هو الأمر في جميع النظم الغذائية، النباتية أو غيرها، إن كنت تفكر في إجراء أي تغيير، تحدث مع طبيبك أولاً.

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير