التصنيفات: أخبار العلوم

هل أصبح سبات الإنسان أمرا ممكنا؟

لم يكن سبات الإنسان متخيلاً إلا في أفلام الخيال العلمي التي يظهر فيها الأبطال خارجين من صناديق زجاجية بعد رحلة سنوات إلى الفضاء. لكن لأول مرة أصبحت هذه الفرضية قابلة للتحقيق بفضل دراستين نُشرتا في عام 2020 في مجلة Nature. أظهرت الدراستان أنه من الممكن إغراق بعض الثدييات في حالة مشابهة لحالة السبات، حتى تلك التي لم تألف السبات عادة، وذلك عن طريق التأثير على مجموعة معينة من الخلايا العصبية: خلايا Q.

نعاس وسبات عند الثدييات

تستقر درجة حرارة جسم الثدييات عموما في حدود 37 درجة مئوية، بهامش تغير بحوالي 0.5 درجة مئوية. ولكن عند بعض الأنواع، يمكن أن يتسبب نقص الطعام في دخول البعض منها في حالة من النوم – نعاس أو سبات، تبعا لمدتها – حيث يمكن أن تنخفض درجة حرارة الجسم بما لا يقل عن 5 إلى 10 درجات مئوية للحفاظ على الطاقة، كما يوشح ذلك كليفورد سابر وناتاليا ماتشادو، الأخصائيين في علم الأعصاب. وهذا ينطبق بالخصوص على الفئران، التي يمكن أن تمر بما يسمى بفترة السبات “اليومية” لأنها تدوم أقل من 24 ساعة، ولكن لا ينطبق ذلك على الجرذان ولا على البشر.

خلايا موجودة أيضًا وقابلة للتنشيط عند ثدييات أخرى

أراد العلماء اليابانيون الذهاب بالتجربة إلى أبعد من ذلك. فمن خلال تنشيط الخلايا العصبية Q للجرذان، وهي أنواع تقاوم السبات والنعاس، تمكن العلماء من تحقيق نفس النتيجة التي حصلوا عليها عند الفئران! يقول الخبراء إنه بالنظر إلى أن “القدرة على السبات موجودة في الثدييات ذات الصلة البعيدة – بما في ذلك القوارض والدببة – فمن المعقول أن نفترض أن الآلية العصبية للسبات محفوظة في مجموعة واسعة من الأنواع من الثدييات”.

عند البشر، يمكن أن تكون هذه الخلايا ثمينة

ويخلص كليفورد سابر وناتاليا ماتشادو إلى أن “نتائج الدراستين، باتباع مناهج جد متباينة، تدعم بعضها البعض”، ويتابعان: “تؤكد هذه الملاحظات مجتمعة أن هناك عدة مجموعات سكانية فرعية من الخلايا العصبية المنظمة للحرارة متجمعة في نواة ما قبل الجراحة الوسيطة.” ومن ضمنها الخلايا العصبية Q التي تبدوا “مهمة جدا في إنتاج انخفاض درجة حرارة الجسم.” وإذا وجدت مجموعات مماثلة من الخلايا العصبية عند البشر، فإنها “يمكن أن تمثل طريقة لإنتاج انخفاض حرارة علاجي للجسم”، على سبيل المثال، بعد نوبة قلبية أو سكتة دماغية، للمساعدة في الحد من تلف الأنسجة. وهذا من شأنه أن يفيد “أيضًا في إمكانية استكشاف الفضاء بعيد المدى في المستقبل”، على حد قول الباحثين اليابانيين.

موسى أ.

عن مجلة “Sciences et Avenir”، عدد مارس 2011

بتصرف

شارك
نشر المقال:
Moussa Acherchour