بقلم: أ.د. نصرالله محمد دراز

أستاذ علم المواد والنانوتكنولوجى

المركز القومى للبحوث- الدقى – مصر

ان غضب البركان كانت هناك حركة غير طبيعية لمصهور المواد التى يحتويها نتيجة لعوامل الضغط والحرارة المساعدة والمأججة لهذا الغضب. ومع زيادة درجة الغضب الطبيعية تزداد ثورته وتتعاظم قوته فتنطلق نيران الغضب البركانية ونجد ألسنة هذه النيران تداعب السماء وكأن الأرض تعانق السماء وتخرج ما فى باطنها من كنوز. فالغضب نتيجة طبيعية تكمن داخل كل من الكائن الحى ونظيره الغير حى، غضب قد يكون محمودا أو ما دون ذلك ولكل منهما أثاره السلبية وتلك الايجابية. فعلى المستوى الانسانى، قد يكون الغضب سلبى عندما يفقد العقل صوابه وقد يكون هذا الغضب ايجابي عندما يدفع ظلما أو يحافظ على حقوق لاتعكر صفو الحياة. ولايقتصر الغضب على الكائن الحى سواء كان انسان أو نبات أو حيوان بل يمتد الى غيرها من المكونات الكائنة فى المكون الكونى. فهذه المواد التى ان غضبت أو ثارت تحت تأثير أى عامل من العوامل تحركت الالكترونات بداخلها بطريقة ما وكأنها غاضبة من انتقالها من وضعها الثابت، ولكن فى غضبها قد نجد الكثير من الخير الذى قد يشمل كافة مناحى الحياة. تغضب المواد فتثور وتنطلق نيران غضبها باثارتها للالكترونات فنجد لها خواص جديدة لم نكن نعرفها من قبل.

غضب المواد

   للمواد حالات ثلاث هى الصلبة والسائلة والغازية، طبيعة أثبتت وجودها اعتماد على قوى معينة أطلقت هذه الصور للمواد مع الاختلاف الجوهرى لتركيب أو مكونات كل مادة عن الأخرى. ولقد اختلفت اعتقادات المفكرين والفلاسفة والعلماء حول تركيب المادة عبر العصور المختلفة، اعتقادات بدائية اختلطت بشئ من الشعوذة أو السحر وأمتدت حتى العصور الوسطى على يد فلاسفة الأغريق الذين اعتقدوا أن  جميع العناصر الطبيعية تتكون من أربعة عناصر أساسية هي “التراب” و”الماء” و”الهواء” و”النار”، ولاحقاً أضيف إليها الأثير. وساد هذا الاعتقاد حتى تم اكتشاف العناصر الكيميائية وتكونها من تجمع الذرّات بروابط كيميائية. وبمسايرة الاعتقاد الأخير، أصبحت الذرة هي أصغر شيء فى الوجود وأنها لا تتجزأ، إلى أن اكتشف أن الذرة تتكون من نواة تحتوي على عدد من البروتونات (جسيمات موجبة الشحنة) والنيوترونات (جسيمات متعادلة الشحنة) تدور حولها إلكترونات (جسيمات سالبة الشحنة). غوص فى أعماق المواد جاءت به الحضارات الواحدة تلو الأخرى، غوص دافئ متعمق يفحص ويمحص ما بداخل المادة. غوص حضارى متقدم يترقب ويسجل غضب المواد وثوراتها، دقة فى تحديد الهدف تلاحق ركوض الجسيمات الذرية السالبة والموجبة بالاضافة الى الجسيمات المتعادلة. تغضب المادة تحت تأثير ما فيثار الالكترون وينتقل من مستوى الطاقة الاقل الى نظيره الأعلى فى الطاقة، وفى هذا الانتقال الالكترونى أحاديث جمى تواترت المراجع العلمية فى وصفها وجمعها وتتبع آثارها على المستوى العلمى والصناعى والبيئى والاقتصادى.

 الحياة فى غضب المواد

ان غضبت المواد تحركت المياة الراكضة فى بحيرة الحياة وعاد الى كل محتوياتها روح البقاء والرغبة فى البذل والعطاء. تغضب المادة فتثور الكتروناتها فتعدو وراء المشاركة والاشتراك فى تفاعلات كيميائية أو بيولوجية أو فيزيائية تبعث الحياة من جديد فى اتجاهات متعددة يستفيد منها القاصى قبل الدانى. تغضب المواد فينصهر الحديد ويتشكل فى صور متعددة يمكن الاستفاده منها فى البناء والتشييد وصناعة السيارات والألات وغيرها. تغضب المادة فتجد الحفازات المتخصصة التى تخدم الغالبية العظمى من العمليات الصناعية والبيئية والبيولوجية. غضب محمود جاء بالماء العذب الذى هو أكسير الحياة، فالماء العذب الناتج عن غضب المواد ليس بالمفهوم التقليدى للماء ولكنه اكسير حياة الأشياء كل الأشياء كماء الصناعة والتجارة. تغضب المواد فتجد أمامك أحدث التقنيات فى المجال الطبى والهندسى والزراعى…..ألخ. ففى غضب المواد تطور للحياة وسعى وراء البقاء وتعمير الأرض وركوب الفضاء.

تكنولوجيا غضب المواد

فن علم واداء غضب المواد ينمو نموا طبيعيا ان حاولت الاقتراب منه فسينالك تقدما كبيرا وصعودا لسلم الحضارة والمجد. ان كانت لديك القدرة على تطويع غضب المواد كان لك حظ موفور ونصيب الأسد من الفريسة الحضارية المتقدمة. فان توجهت بنيران غضب المواد الممثلة فى اثارة الكتروناتها للحصول على مكثفات فائقة الأداء فى تخزين الطاقة كانت الحياة أكثر تقدما ويسرا واستقرارا. غضب المواد بطرق معينة ومحددة يؤدى بنا الى اعادة توزيع الكاتيونات داخل هذه المواد ومن ثم حدوث ثورة ينجم عنها ظهور خواص فيزيائية وكيميائية جديدة لهذه المواد. ضرورة ملحة تفرض نفسها علينا، تطالبنا بالتحكم فى نيران غضب المواد، هذه النيران التى لاتقل فى أهميتها عن نيران الغضب الانسانى التى ان وجهتها توجيها صحيحا كانت الفائدة الكبرى.

 نانوية غضب المواد

علاقة جديدة ومتجددة بين غضب المواد وعلم النانو، فبالتحكم الدقيق فى غضب المواد نقترب اقترابا كبيرا من علم النانو بل قد نخترق عليه عقر داره. فان داعبت غضب المادة ووجهت هذا الغضب نحو تصغير حجم المادة كانت جائزتك الدخول فى محيط النانو الذى لايزيد حجمه عن مئة نانو. غضب نانوى للمواد يواكب السعى وراء تصغير الأشياء لتعظيم الاستفادة منها.

شارك
نشر المقال:
أ. د. نصرالله محمد دراز - Prof. Dr. N. Deraz