مستقبل الروبوتات الجراحية

 

الكشف الجديد التي تعمل ناسا على تمويله في الوقت الحاضر هو عبارة عن روبوت جراحي شنيع الوصف بحجم قبضة اليد ذو شكل غريب, يدخل إلى بطن المريض الممتلئة بالغاز و يقوم بوقف النزيف أو إزالة زائدة دودية ممزقة، ولكن ليس هذا ما يهم, ما قد يكون مهماً حقاً هو ما أعلنه مركز (الجراحة الحدسية) عن حصول هذا الروبوت الجراحي على موافقة إدارة الاغذية والعقاقير (FDA)، الجهاز الجديد المسمى (الدافنشي اكس أي) da Vinci Xi يستطيع تحويل معظم العمليات التي تحتاج جراحة مفتوحة, إلى عمليات جراحية بسيطة، بما يملكه من أذرع صغيرة و قدرة أكثر  على المناورة, و عوضاً عن صنع شقوق كبيرة للوصول إلى مختلف الأعضاء في جسم الإنسان, فإن (الاكس أي) سيسمح للجراحين بالوصول إلى أي مكان في البطن باستخدام ثقوب صغيرة تترك ندباً أقل، ومع هذا الاكتشاف قفزت احتمالية أن يأخذ الروبوت مكان الطبيب الجراح بشكل ملحوظ.

لقد أصبحنا قريبين من عصر الروبوتات الجراحية, فبالرغم من أن أولوية التركيز الآن في الجراحة الروبوتية هي على منطقة البطن، إلا أنه يجري حالياً العمل لجعل الجراحة الروبوتية تستهدف منطقة الدماغ, وإعادة تشكيل المفاصل, واستعمال الليزر لتصحيح الرؤية. ولكن من المتوقع في المستقبل أن يكون الروبوت أكثر استعمالاً في العمليات الجراحية التي تتطلب الكثير من التحدي و الدقة مثل العمليات المجهرية.

و تشير (كاثرين مور) مديرة الأبحاث الطبية في مركز (الجراحية الحدسية) إلى أن معظم العمليات التي تساهم فيها الروبوتات حاليا هي على مستوى العيون و الأيادي البشرية, و من المتوقع أن تكون النتائج التي تعطيها هذه العمليات بمساعدة الروبوت أفضل بكثير .

بجميع الأحوال، فإن الجراحة المجهرية قد مورست على ما يقارب القرن من الزمن, وممارستها ما تزال تعد مهارة صعبة و دقيقة للغاية, والقليل فقط من الأطباء يمتلكون هذه المهارة، فضلاً عن أن ترتيب موعد لإجراء جراحة مجهرية مع أحد الأطباء المشهورين قد تستغرق مدة انتظار قد تطول لسنة كاملة نظراً لقلة عدد الأطباء المختصين بها. ولكن مع الروبوتات الآن, الكثير من الجراحين التقليديين يمكن أن يتحولوا إلى جراحين مجهريين, فالروبوتات تترجم الأوامر الدقيقة في مساحة الصغيرة إلى مقياس أكبر, حيث تشبه هذه العملية التقنية المتبعة أثناء العمل على برنامج الفوتوشوب حيث يقوم المصمم بتكبير الصورة إلى درجة يستطيع فيها العمل على بكسلات الصورة واحدة بعد الأخرى, بالرغم من أن آلية العمل بين يده و الفأرة لا تتغير.

لا يمكن للجراحة المجهرية استبدال الجراحة التقليدية, ولكنها يمكن أن تساعد في حل مشاكل محددة. على سبيل المثال يمكنها مساعدة مرضى سرطان الثدي الذين غالباً ما يعانون من تورم و أوجاع في الذراعين و اليدين نتيجة استئصال الغدد اللمفاوية, سبب الأوجاع هو نتيجة لعدم تدفق الدم كما يجب في جسم المريض, والتدخل الجراحي التقليدي لإعادة توجيه الدم في الجسم هو من الناحية النظرية ممكن، ولكنه من الناحية العملية صعب جداً، ولكن مع وجود الروبوتات، وتكبير زاوية الرؤية سيكون العمل أسهل، حيث أنها ستقوم بخياطة أوعية دموية متناهية الصغر و بالكاد يمكن أن ترى تحت المجهر, ولكن إن تحقق ذلك سيمكن للمرضى التوقف عن استعمال الأربطة الطبية الضاغطة بواسطة إجراء هذا التدخل الصغير جداً. ولكن الجدير بالذكر أن هذا التدخل لم يتم الموافقة عليه بعد من إدارة الاغذية والعقاقير.

الجراحة المجهرية بالنسبة لمركز (الجراحية الحدسية) تطرح مجالاً للبحث ولكنها ليست بعد في موقع التطبيق، أما فيما يخص الروبوتات التي طورها الباحثون في جامعة ايندهوفن للتكنولوجيا في هولندا فهي حاليا تخضع للاختبارات السريرية, ويتوقع صدور النتائج في عام 2015, و هذه الروبوتات التي لم يتم تسميتها بعد, ستقوم مبدئياً بإجراء عمليات الترميم المعقدة لمناطق اليد والوجه, وذلك عن طريق إعادة ربط الألياف العصبية و الأوعية الدموية الصغيرة.

روبوت (النيورو ارم) NeuroArm, هي روبوتات فائقة الصغر تساعد في إجراء العمليات الجراحية الدقيقة جداً للمخ والأعصاب أثناء خضوع المريض للتصوير بالرنين المغناطيسي. هذه الروبوتات تستخدم حالياً في كندا و قد ساهمت بإزالة ورم دماغي لمريض يبلغ من العمر 21 عام, وهي مصنوعة من مواد غير حديدية, وذلك لتجنب حدوث تفاعل مع التصوير بالرنين المغناطيسي. وقد قامت شركة التصوير الجراحي IMRIS بشراء هذا الاختراع و منذ ذلك الوقت تم تغير اسمه التجاري إلى نظام SYMBIS الجراحية. لم يتم طرح SYMBIS للبيع بعد, ولكن عندما يتوفّر هذا الاختراع بين أيدينا سيكون باستطاعة الجراحين تصوير أدمغة المرضى من دون الحاجة إلى أدوات إزالة.

هناك العديد من الأمثلة الأخرى عن الروبوتات الجراحية المجهرية و التي هي في طور التطوير حالياً, مثل روبوت Steady-Hand Eye Robot المطور من قبل جامعة (جون هوبكنز) والمختص فقط في عمليات شبكية العين، وأيضاً روبوت Micron المطور من قبل جامعة (كارنيجي ميلون) وهو روبوت يدوي محمول مهمته زيادة دقة الجراحة، ولكن بشكل عام، كل تلك النظم تحتاج إلى سنوات و ربما عقود من الاستعمال قبل أن تلقى الرواج المطلوب, هذا إذا استطاعت أساساً الوصول إلى الأسواق.

بالنسبة لنا, لا يهمنا كيف يتم جعل الجراحات المجهرية أكثر يسراً, المهم بأن هذا النوع من الجراحة قادم، أما بالنسبة للمجتمع الطبي, فهم لم يقوموا بتقديم الكثير من العلاجات التي تتطلب هذه التقنية من الجراحة المجهرية الفائقة الصغر, لأن يد الإنسان لديها قدرة محدودة في ما يخص الدقة الفائقة خاصة في ظل عدم وجود زاوية رؤية مكبرة بشكل كبير جداً, أما إذا تم كسر هذا الحاجز فإن النتائج يمكن أن تكون مبهرة على مستوى إنقاذ حياة المرضى.

 

شارك
نشر المقال:
فريق التحرير